يبدو أن الإنسان عثر على ما تلاعب بأحلامه وخياله ربما قبل أكثر من آلاف السنين، وهو العثور على مكان في الفضاء البعيد، شبيه على كل صعيد بالأرض كأخ توأم، وبعيد عن شمسه كبعدها عن شمسها، بحيث يظهر فيه الماء سائلا على السطح وتتبرعم الحياة، وهو ما أعلنته "ناسا" الأميركية في مؤتمر صحافي ليل أمس الخميس، تحدث فيه علماؤها عن "تقدم هائل" حدث بتعرفهم الى كوكب واعد جدا خارج المجموعة الشمسية.
لخص علماء "ناسا" الفضائية كل شيء في المؤتمر الذي عقدوه عبر الهاتف، بعبارة: "عثرنا على شيء يحلم به البشر منذ آلاف السنين، وهو كوكب أرض آخر" اكتشفه التليسكوب "كليبر" السالك في الفضاء، ويشبهها كثيرا، وأفضل من 1029 كوكبا عثر عليها التليسكوب البالغ وزنه 1052 كيلوغراما، في مجموعات شمسية تضم 3 آلاف نجم، منذ اطلاقه قبل 6 سنوات.
أطلقوا على الكوكب اسم Kepler-452b ووصفوه بالأصغر بين 11 اكتشفوها سالكة في مدارات شبيهة بمدار الأرض وبعدها عن الشمس تقريبا، مع أنه أكبر منها سنا وحجما، وفق ما نشرت "العربية.نت" عن الكوكب الذي وصف أحد علماء الوكالة الأميركية العثور عليه بأنه "نتيجة مذهلة تقرّبنا خطوة الى الأمام لاكتشاف الأرض-2" وفق تعبير جون غرونسفلد، المدير المساعد لمهمات "ناسا" العلمية.
ويقع الكوكب الجديد في "كوكبة الدجاجة" الأكثر سطوعا
قالوا عن الكوكب الجديد أن قطره أكبر 60 % من قطر الأرض البالغ 12 ألفا و742 كيلومترا. أما كتلته فلم يتم تحديدها بعد، علما أن نتائج أبحاث سابقة افترضت أن كواكب بحجمه لأسطحها حظ ونصيب بنسبة كبيرة أن تكون صخرية، خصوصا أنه يدور حول شمس شديدة الشبه بشمس الأرض، وبعده عنها كبعدها عن شمسها، لذلك اعتبر جيف كوفلين، وهو أحد عالم "ناسا" بولاية كاليفورنيا، أن العثور على "شبيه بالأرض، يماثلها بالحجم ودرجة الحرارة ويدور حول نجم يشبه الشمس، هو تقدم هائل" كما قال.
والسنة في Kepler-452b هي كما الأرضية تقريبا، لأن أيام العام فيه 385 مقابل 365 في الأرض، أي أن سنته أطول بنسبة 5 % فقط، كما أنه بعيد عن شمسه أكثر بنسبة 5 % أيضا من بعد الأرض عن شمسها. أما عمر شمسه التي سموها Kepler-452 فحوالي 6 مليارات عام، تجعلها أكبر سنا من الشمس الأرضية بمليار و500 مليون سنة، والحرارة المنبعثة منها شبيهة بحرارة شمس الأرض، الأقل لمعانا من لمعانها بنسبة 20 % تقريبا، فيما يزيد قطرها 10 % عن قطر الشمس الأرضية.
ويقع Kepler-452b البعيد عن الأرض 1400 سنة ضوئية، في "كوكبة" من النجوم يسمونها "الدجاجة" لشبهها بها، وهي الأكثر سطوعا بين الكويكبات المرئية من الأرض في جوف الفضاء، طبقا لموقع "ويكيبيديا" المعلوماتي، حيث يرمز أكثر نجم ساطع فيها الى الذنب، لذلك يسمونه "ذنب الدجاجة" فيما يرمز آخر الى رأسها، وثالث الى عنقها الممدود، ونجمان آخران يرمزان الى جناحيها، فتبدو باسطة الجناحين كصليب منعرج.
"في كون لا متناه، لا بد من أن تكون هناك حياة"
وليست "ناسا" هي وحدها المتلهفة والمستعجلة للعثور على ما "يحلم به البشر منذ آلاف السنين" أو غيرها، كروسيا والاتحاد الأوروبي بشكل خاص، فيوم الاثنين الماضي أعلن عالم الفيزياء الفلكي البريطاني الشهير، ستيفن هوكينغ، عن انهماكه ببرنامج طموح، للبحث في أعماق الفضاء عن كواكب مؤهلة لإمكانية وجود كائنات حية ذكية.
برنامج "اختراق" أو Breakthrough بالإنكليزية، سيموّله عالم الفيزياء الروسي يوري ميلنر بمبلغ 100 مليون دولار كموازنة، لينشط بحثا طوال 10 سنوات، على حد ما ذكر هوكينغ في معرض إعلانه بلندن عن البرنامج، في ظل تفاؤل منه بأنه "في كون لا متناه، لا بد أن تكون هناك حياة في مكان ما، وربما حياة ذكية" وأن الأوان حان "لبدء البحث عن جواب عن هذا التساؤل، وعلينا أن نعرفه" كما قال.
وسيستخدم البرنامج في أبحاثه أقوى تليسكوبات العالم لرصد أي نشاط ذكي بالكون الفسيح، وأهمها ذبذبات لاسلكية أو أشعة ليزر صادرة ربما عن كائنات ذكية تعيش في مجموعات شمسية بمجرات أخرى، في بحث من الأرض سيشمل مناطق أكبر 10 مرات في الفضاء من التي شملتها الأبحاث السابقة، وهو تحد كبير للبرنامج الذي سيليه آخر اسمه "بريكثرو ميسج" لبث رسائل ذكية إلى الفضاء، لإعلام "من فيه" بوجود حضارة على كوكب اسمه الأرض.
لم ينس هوكينغ أن يقول أيضا، انه "في حال التقطت حضارة ما رسائلنا، فقد تكون أكثر تقدما منا بمليارات السنين" ناسيا أنه سبق وحذر قبل أشهر "من بث رسائل إلى الفضاء قد تلتقطها حضارات متقدمة" لخشيته من توابع أي لقاء بين حضارتين مختلفتي القوة ودرجة التقدم، وأعطى مثلا بالآثار الكارثية على حضارات أميركا الجنوبية حين غزتها الحضارة الأوروبية بعد اكتشاف كولومبوس في 1492 للعالم الجديد بأميركا.
البيان