علامات الساعة الكبرى
الحمد لله الواحد العلي، الواجد الغني، الطاهر عن كل عيب، الظاهر له كل غيب، الذي صفت بدائع آلائه وراقت، وضفت سوابغ نعمائه وفاقت، حمداً يوافي نعمه العظام التي لا تحصى كثرتها عدداً، ويكافئ مننه الجسام التي لو كان البحر لها مداداً لم تنفد ولو جيء بمثله مدداً.
والصلاة والسلام الأتمَّان على نبيه المنقذ من الضلالة، المستقل بأعباء الرسالة، المبعوث من أكرم الأعراق وأحسنها، المنعوت بمكارم الأخلاق وأحسنها، وعلى آله الأخيار المنتخبين، وعلى أَصحابه الأخيار الأكرمين، وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وعلى النبيين وآلهم أجمعين، وعلى كل عبد صالح إلى يوم الدين، آمين آمين آمين، أما بعد:
فإن علم الغيبيات من الأمور التي استأثر الله تعالى بها، واختص بها نفسه جل وعلا، دون من سواه من ملك مقرب أو نبي مرسل، وهو يُطْلع من يرتضيه من رسله على بعض الغيب متى شاء وإذا شاء، وبذلك جاءت الآيات والأحاديث، قال سبحانه وتعالى: {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ} (123) سورة هود. وقال جل وعلا: {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (77) سورة النحل، وقال تعالى: {فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ} (20) سورة يونس.
ومما اختص الله تعالى به نفسه من علم الغيب قيام الساعة.
لكن من رحمة الله بعباده أن جعل لهم علامات وإشارات تدلهم على قرب حضور الساعة وقيامها، وجعل من هذه العلامات صغرى: وهي ما يتقدم قيام الساعة، وكبرى وهي بداية قيام الساعة.
وفي درسنا هذا نتناول علامات الساعة الكبرى بما يتيسر، فنقول مستعينين بالله تعالى:
"علامات الساعة الكبرى: هي التي تدلُ على قرب قيام الساعة، فإِذا ظهرت كانت الساعة على إِثرها، وأَهل السّنة يؤمنون بها كما جاءت عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وعلى وسلم-. وعلامات الساعة الكبرى هي ما جاء ذكره في حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: كنا قعوداً نتحدث في ظل غرفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا الساعة فارتفعت أصواتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن تكون أو لن تقوم الساعة حتى يكون قبلها عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، والدجال، وعيسى ابن مريم، والدخان، وثلاث خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك تخرج نار من اليمن من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر)1.
وهذه العلامات يمكن الإشارة إليها بشيء من الشرح والبيان:
خروج المسيح الدجال: فتنة ظهور المسيح الدجال من أَعظم الفتن؛ لأن الدجال هو منبع الكفر والضلال والفتن، ومن أجل ذلك فقد حذر منه الأنبياء أقوامهم، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من فتنة الدجال دبر كل صلاة، وحذر منه أمته.
وخروجه من الأشراط العظيمة المؤذنة بقيام الساعة، ويسمى مسيحاً.
وسمي الدجال مسيحاً؛ لأَن عينه ممسوحة عن أَن يبصر بها. وسمي عيسى مسيحاً اسم خصَّه الله به2 من التداوي فكان لا يَمْسَحُ بيده ذا عاهة إلا بَرِئ3، ولمسح زكريا إِياه، أو لأنه يمسح الأرض في أربعين يوماً.
والمقصود بالمسيح هنا مسيح الضلالة الذي يفتن الناس بما يجري على يديه من الآيات، كإنزال المطر وإحياء الأرض، وبما يظهر على يديه من عجائب وخوارق للعادات، وأما مسيح الهدى فهو عيسى ابن مريم عليه السلام الذي سيأتي الكلام عليه.
وقد تواترت الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذكر خروج الدجال في آخر الزمان والتحذير منه، حيث وصفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمته وصفاً دقيقاً لا يخفى على ذي بصيرة، كما حذر منه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبله أممهم ووصفوه لهم أوصافا ظاهرة.
ومن الأحاديث الواردة في ذلك حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: (إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه، إنه أعور، وإن الله ليس بأعور)4.5
ولبثه في الأرض أربعون يوماً، كما جاء في حديث النواس بن سمعان قال: قلنا يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: (أربعون يوماً يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم) قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: (لا، اقدروا له قدره) قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: (كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً، وأسبغه ضروعاً، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة، فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئا شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه).6
ومن ذلك: نزول المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام-:
عند المنارة البيضاء شرقي دمشق الشام، وينزل حاكماً بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- عاملاً بها، وأَنَّه يقتل الدجال، ويحكم في الأَرض بالإِسلام، ويكون نزوله على الطائفة المنصورة التي تُقاتل على الحق، وتكون مُجتمعة لقتال الدَّجَّال، فينزل وقت إِمامة الصلاة يصلي خلف أَمير تلك الطائفة.7 ففي حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: (فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين8 واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد،9 فيقتله).10
ومن العلامات: خروج يأجوج ومأجوج:
ومن حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه السابق قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء! ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف11 في رقابهم، فيصبحون فرسى12 كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم13 ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة،14 ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرّسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة).15
قال القاضي عياض: "الأحاديث الواردة في يأجوج ومأجوج: هذه الأخبار على حقيقتها يجب الإيمان بها؛ لأن خروج يأجوج ومأجوج من علامات الساعة، وقد ورد في خبرهم أنه لا قدرة لأحد على قتالهم من كثرتهم، وأنهم يحصرون نبي الله عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين الذين نجوا من الدجال، فيدعو عليهم فيهلكهم الله عز وجل أجمعين بالنغف -وهو دود في رقابهم-".
وقد بنى ذو القرنين سد يأجوج ومأجوج؛ ليحجز بينهم وبين جيرانهم الذين استغاثوا به منهم. وقد ورد في القرآن الكريم ذكر هذا السد، فقال تعالى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا *قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ...}
وأما مكانه: ففي جهة المشرق لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ}(90) سورة الكهف.
ومن ذلك: حدوث الخُسوفات الثلاثة: خَسْفٌ بالمشرق، وخَسْف بالمغرب، وخَسْف بجزيرة العرب، وقد سبقت الإشارة إليه في حديث حذيفة الغفاري السابق وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب).
ومن العلامات: خروج الدخان، قبل قيام الساعة. قال الطيبي رحمه الله: هو الذي ذكر في قوله تعالى: {يوم تأتي السماء بدخان مبين} وذلك كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وقال النووي في شرح مسلم تحت هذا الحديث: هذا الحديث يؤيد قول من قال إن الدخان يأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام، وأنه لم يأت بعد، وإنما يكون قريبا من قيام الساعة، وقال ابن مسعود: إنما هو عبارة عما نال قريشاً من القحط حتى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان، وقد وافق ابن مسعود جماعة وقال بالقول الآخر حذيفة وابن عمر والحسن، ورواه حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يمكث في الأرض أربعين يوماً ويحتمل أنهما دخانان للجمع بين هذه الآثار. انتهى .
وقال القرطبي في التذكرة: قال ابن دحية: والذي يقتضيه النظر الصحيح حمل ذلك على قضيتين، إحداهما: وقعت، وكانت الأخرى ستقع وتكون، فأما التي كانت فهي التي كانوا يرون فيها كهيئة الدخان غير الدخان الحقيقي الذي يكون عند ظهور الآيات التي هي من الأشراط والعلامات، ولا يمتنع إذا ظهرت هذه العلامة أن يقولوا: (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون)، فيكشف عنهم ثم يعودون لقرب الساعة. وقول ابن مسعود رضي الله عنه لم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من تفسيره، وقد جاء النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلافه.
قال القرطبي: وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنهما دخانان. قال مجاهد: كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: هما دخانان قد أمضي أحدهما، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض. انتهى.
ومن العلامات: طُلوعُ الشمس من مغرِبها: وطلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة الكبرى كما هو ثابت بالكتاب والسنة وإجماع العلماء. قال الله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} (158) سورة الأنعام.
قال ابن جرير الطبري -رحمه الله- بعد ذكره لأقوال المفسرين في الآية: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ذلك حين تطلع الشمس من مغربها).ومن الأحاديث على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمن الناس أجمعون، فذلك حيث لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً).
ومن العلامات: خروج دابَّة الأَرض وتكليمها للناس، كما سبق في الحديث السابق، وكما في قول الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (82) سورة النمل.
ومن العلامات: النار التي تحشر الناس: وتخرج من قعر عدن كما في حديث مسلم: (ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس)، أي تطردهم إلى محشرهم.
ومنها: ظهور المهدي:
والمهدي هو: محمَد بن عبد الله؛ من أَهل بيت النَّبِيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ويخرج من قِبَل المشرق يملك سبع سنين، يملأ الأَرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، تنعم الأُمة في عهده نعمة لم تَنْعَمْها قط، تُخرِج الأَرض نباتها، وتُمطِر السماء قطرها، ويُعطي المال بغير عدد.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً مني -أو من أهل بيتي- يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).
وفي رواية أخرى: (يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي).
وقد اختلف الناس في المهدي فمنهم من يقول:
أنه المسيح عيسى بن مريم، مستدلين بحديث في ابن ماجه، (لا مهدي إلا عيسى بن مريم) وهو حديث منكر، وقد وردت أحاديث بوجود المهدي وصلاته مع عيسى ابن مريم تمنع الحصر الوارد في هذا الحديث في عدم وجود مهدي إلا عيسى.
ومنهم من يقول: -وهذا القول هو للشيعة الإمامية، وهو قول مستنكر مستبشع، حيث يقولون- إنه محمد بن الحسن العسكري المنتظر، من ولد الحسين بن علي، ويقولون في صفته: الحاضر في الأمصار، الغائب عن الأبصار، وأنه دخل سردابا في "سامرا" وقيل في مدينة تدعى "جابلقا" وهى مدينة وهمية ليس لها وجود. وقول الرافضة الاثني عشرية في المهدي نوع من الضلالة وضرب من الجنون، وشماتة بأهل الإسلام.
وهناك من أنكر وجوده في آخر الزمان، وهناك أقوال أخرى.
والحق الصحيح: هو ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة، أن المهدي رجل من آل البيت من ولد الحسن بن علي، يخرج آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وأكثر الأحاديث تدل على هذا، وهي أحاديث صحيحة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال –كما تقدم-: (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث اللّه فيه رجلاًَ من أهل البيت يملأها عدلاً كما ملئت جوراً).
وعن مكان خروجه وزمانه ومدة مكثه في الأرض: ليست هناك روايات صحيحة صريحة تدل على مكان خروجه، أو الزمن الذي يخرج فيه، ولكن استأنس أهل العلم في بيان ذلك من مفهوم بعض الروايات وإن لم تكن قطعية.
فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالاً لم يقاتله قوم) ثم ذكر شيئاً فقال: (إذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي).
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: في زمانه تكون الثمار كثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر، والسلطان قاهر، والدين قائم، والعدو راغم، والخير في أيامه دائم.
هذا ما تيسر ذكره في هذا الموضوع، نسأل الله أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، ويجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. والله المستعان وعليه التكلان.