استعمل القرآن الكريم النفس بمعانٍ ثلاثة، واستعمل الروح بمعنى واحد. والمعاني التي ذكرها القرآن للنفس هي:
الأوّل: أن يكون المراد من النفس نفس الشيء، فعندما نقول مثلاً: نفس الحجر فإنّ مرادنا هو الحجر وليس شيئاً آخر كالماء وما شابه ذلك، وعندما نقول الماء يكون مرادنا نفس الماء وليس الحجر، وذلك تميّز للشيء عن غيره.
فإذا قيل «النفس» ولم يضف إلى الكلمة شيء آخر لا يكون للنفس أيّ معنى آخر، وبهذا المعنى استعملت «النفس» في الله تعالى: فليس المراد هنا أنّ الله تعالى له روح أو نفس وراء البدن والجسم.
الثاني: أن يستعمل النفس ويُراد منها الإنسان المركّب من هذين البُعدين، وهذا الاستعمال هو الذي تبنّاه المتكلِّمون وذكره الشيخ الصدوق والعلاّمة المجلسي وغيرهما، وكذلك الأخباريّون.
وفي هذا الموضع اختلف الفلاسفة عن المتكلِّمين والمحدّثين الذين اعتبروا النفس أمراً مادّياً ولكنّه لطيف كالجنّ، لأنّ الجنّ من الأمور المادّية اللطيفة غير الكثيفة، فإذن الاستعمال الثاني للنفس في القرآن هو في الإنسان ببُعديه المادّي وغير المادّي، فالمراد من النفس هنا ليس البُعد المعنوي في قِبال البُعد المادّي، وإنّما المراد من النفس هو الشخص ببُعديه المادّي والروحاني.
الثالث: أن يستعمل النفس ويُراد منها ذلك البُعد الذي يقع في قِبال البدن،
ففي هذه الآيات وغيرها استعمل القرآن الكريم كلمة النفس أو الروح في هذا المعنى الثالث. وهنا يكون المراد من النفس والروح معنىً واحداً.
قال السيّد الطباطبائي: «لفظ النفس ـ على ما يعطيه التأمّل في موارد استعماله ـ أصل معناه هو معنى ما أضيف إليه، فنفس الشيء معناه الشيء ونفس الإنسان معناه هو الإنسان ونفس الحجر معناه هو الحجر فلو قطع عن الإضافة لم يكن له معنى محصّل، وعلى هذا المعنى يستعمل للتأكيد اللفظي كقولنا: جاءني زيد نفسه أو لإفادة معناه كقولنا جاءني نفس زيد.