هموم بصرية
البصرة تعطي كل شيء للعراق .. ولا يعطيها العراق شيئاً ..!!
600 الف مقاتل بصري في الحشد الشعبي ..
واكثر من 100 الف متطوع غير مقاتل ..
--------------****************-----------------
قرأت عبارة على سيارة عابرة .. شدتي اليها وجعلتني افكر ملياً واعيد شريط الذاكرة .. تقول هذه العبارة باللهجة العراقية (ليش الكَلبه طيب دوم خسران ؟!) انها لجملة فعلاً محيرة ..!! في الحقيقة استوقفتني هذه الجملة (الحقيقة) طويلاً .. وجعلتني افكرُ ملياً .. وأعادت شريط من الذكريات من مخزن افكاري .. ووجدتُ ان قائلها (طيب القلب) قد مرَّ بمعاناة لا يعلمها الا الباري ..!! وأثارت في الوجدان التسائلات والشجون .. واصعب سؤال هو لماذا يفعلُ هذا بالطيبين ؟!! .. لماذا لا يكرمون بل يهانون ؟! لماذا دوماً هم الخاسرون ؟!!
واخذت مثلاً للطيبة العراقية البصرة الابية .. واهلها ذوو الاخلاق السويه .. حيث انه لا يختلف عراقيين اثنين على طيبة اهل البصرة .. ولا يشك احد ولو للحظة بأنها (البصرة) يأكل من خيرها القاصي والداني .. والغريب والقريب .. بل حتى الاعداء طمعوا فيها واستغلو طيبها ..!!
البصرة الطيبة اكثر محافظات العراق تضحية وعطاءاً جادت بالارواح والانفس وهذا "غاية الجود" منذ زمن بعيد منذ تأسيسها كأول مدينة عربية اسلامية خارج الجزيرة العربية .. فكانت معقل الاسلام ومربع العروبة.. وشواهد التاريخ وكتبه وآثاره لا تخلوا من فضائلها وفضلائها .. فهي ارض علم و ادب .. وأعلامها هم من اسسوا قواعد اللغة العربية للعرب .. فلا يتهمنا احد بعد هذا في عروبتنا .. فنحن من علمناهم النطق بالعربية "ان كانوا عُرباً كما يزعمون" !!
وبمرورٍ سريع على تاريخ البصرة الحديث يستوقفنا جهاد اهلها المرير ضد الغزاة والمستعمرين والطغاة والظالمين .. من معركة النخيلة التاريخية أبان ثورة العشرين الى مقارعة البعثيين الفاسدين والصداميين الحاقدين فأن اكثر شهداء الدين والمبادئ في العراق هم من اهل البصرة واكثر السجناء السياسيين والمطاردين في العراق هم من اهل البصرة . واكثر المقابر الجماعية عدد كان من نصيب اهل البصرة ..!! ولكن الكرد اكرموا (حلبجة) التي اعطت (5000) ضحية .. والعراقيون لم يكرموا البصرة ولم يوثقوا تضحياتها في المحافل الدولية ..!!
في الحرب العراقية الايرانية كانت البصرة اكبر ضحية .. فهي اول مدينة عراقية هُجر اهلها وغادروها مرغمين خصوصاً بعد عام 1986م .. وخربت اراضيهم الزراعية وصُدرت املاكهم تحت وطئة أجهزة القمع الصدامي البائد وجُرف نخيلها الذي كانت تتصدر به جميع مدن العالم وصار مركزها خراباً وبيوتها اطلالاً .. ولم نسمع بعراقي طالب بحق لها ولا بكى لمهجريها رغم ان اهلها لم يهجروها وهم خائنون لها ولا هم مناصرون لأعدائها كما هو حال اهالي المدن المهجرة الآن !! ورغم كل هذا فلم تبكهم منظمة دولية او دولة عربية او نخوة عراقية !!
ولم تبتعد البصرة واهلها كثيراً عن تصدر الحدث الاكبر والاعظم والاهم في تاريخ العراق الحديث الا وهو (الانتفاضة الشعبانية المباركة في عام 1991م ) فكانت اولى المحافظات العراقية ثورة واكثرها تضحية واعظمها مجداً .. رغم ان جراحها لم تندمل بعد من ظلم الحربين الظالمتين (قادسية صدام اللعين) و (عاصفة صحراء الشياطين واذنابهم الملاعيين) ..!!
وفي عام 2003م يوم دخلت جيوش التحالف (الغزاة) لإسقاط كلبهم العاق (صدام) دخلت من البصرة ولم تدخل من شمال العراق رغم ان المسافة من اربيل او السليمانية اقرب الى بغداد !! وان معاقل اوكار زمر البعث البائد في الموصل وتكريت و الرمادي وديالى هي الاكثر والاشرس والاعتى والاظلم ..!! فلو فعلوها لما وصل الحال لما هو عليه الآن ..!!
ومن هذا الظلم كله ما جنت البصرة الا الشهداء والارامل واليتامى .. وورثت مرض (السرطان) لأطفالها .. وامراض السكري والضغط والقلب والامراض المزمنة الاخرى لرجالها ونسائها ... !! جراء ما سقط عليها من قنابل محرمة وكانت ساحة لحروب الشيطان وكلابه السائبة على اهلها ذوي القلوب الطيبة ..!!
وظلت البصرة حتى بعد التغيير في 2003م وسقوط النظام البعثي الصدامي الملعون .. تعطي عطاء الطيبين ولا تجازى من المسؤولين الا جزاء الخاسرين ..!! رغيف العراق الذي لا يأكل منه اهله الا الفتات وبقايا المائدة التي "لا تسمن ولا تغني من جوع" ...!! ميناء العراق الذي لم يتمتع اهلها يوماً بسواحلها او يسبحوا بماء بحرها المالح ..!! ثغر العراق الباسم لغيره والحزين بين اهله .. ولم يكسبوا من كثرة (البترول) فيها الا دخانه الذي يلوث اجواءهم القاسية اصلاً !!
ورغم كل هذا (وما خفي اعظم) لم تتخلى البصرة عن طيبتها ولم تتوانى يوماً عن جودها وكرمها ولم تتقاعس عن واجبها رغم حرمانها من ابسط حقوقها وسلب اهلها مقومات العيش الكريم .. يعيش القاصي والداني من خيراتها من الامريكان الى البنغال .. ومن العرب الى العجم .. ومن شمال العراق الى وسطه والى جنوبه .. وشبابها يعانون التهميش والبطالة .. ويسكن الاجانب فيها الاماكن الراقية بينما اهلها يعانون من ازمة السكن ..!! واذا ما ظهر سياسي فيها وعلا نجمه دار ظهره لها ونسي فضل اهلها عليه وصار عبداً لقرارات بغداد او النجف او كربلاء او اجندات خارجية اخرى ونسى مظلومبة اهله وذويه الذين انتخبوه ..!!
واليوم تثبت البصرة انها القمة دون منازع وانها الطيبة دون منافس وانها الكرم والجود دون معترض واهلها هم العراقيون الأُصلاء الذين يلبون النداء ولايهابون أي نوع من الاعداء ويجودون بشبابهم وفلذات اكبادهم في ساحات الوغى كيف لا وقد كانوا كما السابق هم القدوة الاولى والمثل الاعلى ما هانوا ولا استكانوا ولا ضعفوا ولا تخاذلوا امام الهجمة الشرسة لوحوش الشر من (الدواعش والبعثيين) الذين تطاولوا على ارض العراق بمساعدة الخونة من السياسيين وبعض المنافقين من المحافظات (الساقطة) تحت وطئة الدواعش والبعثيين والذين كانوا لهم حواضن .. !!
وبعد نداء المرجعية الحكيمة وفتوى (الجهاد الكفائي) كانت البصرة واهلها اول الملبين لم يغمض لهم جفن ولم تجفل لهم عين حتى تصدروا كما كانوا دوما موقف البطولة والاباء فقد اثبتت الاحصاءات الدقيقة وتناقلت الاخبار الوثيقة ان البصرة اليوم قد جندت في صفوف الحشد اشعبي المقدس اكثر من (600) الف مقاتل .. وتطوع منها اكثر من (100) الف متطع غير مقاتل من الكوادر الطبية والهندسية والفنية والتدريبية وغيرها .. مما يعني ان البصرة قاربت ان تعطي المليون او اقل بقليل بينما كل محافظات العراق وطوائفه وقومياته بمجموعها لم تصل الى نصف هذا العددفي الحشد الشعبي..!! والعجيب ان هذا الامر تناقلته الكثير من الفضائيات الاجنية والعربية وتغافلت عنه الفضائيات العراقية ..!!
والبصرة منذ نداء المرجعية ولحد الان اكثر مدن العراق اعطت شهداء وجرحى ومفقودين واهلها يفتخرون بذلك بل يزدادوا اصراراً على التطوع وديمومة العطاء ولم تأخذهم بالحق لومة لائم .
بعد كل هذا العطاء نتساءل بدهشة : - اذا كانت البصرة مضطهدة في زمن النظام المقبور .. لماذا لم تزل مظلومة ومهمشة ومحرومة في زمن ما يسمى بـ(أبناءها السياسيين) بكافة انواعهم وتوجهاتهم واحزابهم وقياداتهم ؟!! ولماذا تتعاملون مع طيبة البصرة بهذا هذا الجفاء ومع اهلها بهذا الظلم ؟!! و(ليش الكًلبه طيب دوم خسران ) ؟!!
نوح السائح
تموز 2015