حين وقفت فوق المنبر بعد استشهاد ولدي الأكبر واجهتني عشرات الكاميرات التلفزيونية بالمصابيح الكهربائية الهائلة الطاقة، كان الحر فوق الإحتمال، خصوصاً أن هذه المولدات تضج حرارة شديدة، إضافة إلى أنها تضايق البصر، لا سيما بالنسبة لمن يستخدم النظارات مثلي.
بدأت خطابي بالمعتاد في مناسبات كهذه...وفي لحظه معينة، شعرت أنني لم أعد أرى، إذ كان العرق ينهمر على وجهي غزيراً ويغطي زجاج النظارتين.
هممت بأن أمد يدي إلى علبة المحارم على الطاولة أمامي، لكي أمسح عرقي، أقلة عن نظارتي..لكنني فكرت أن بين هذه التلفزيونات التي تنقل الحفل من هي أجنبية الهوية، وربما يبيع بعضها إنتاجه لـ " إسرائيل "... وسيفترض الجميع أنني أمسح دمعي لا عرقي إذا أنا أخذت منديلاً ومررته على وجهي،جمدت يدي وفضلت أن أسبح بعرقي على أن أعطي العدو صورة الأب المفجوع يقف على المنبر باكياً بكره، بينما هو يدعو الآخرين إلى الشهادة.
"ما أنا إلا و احد من أهل الشهداء"
السيد حسن نصر الله..