النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

اجود الذخائر في فقه العشائر

الزوار من محركات البحث: 3056 المشاهدات : 5488 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق جديد
    تاريخ التسجيل: March-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 16 المواضيع: 13
    التقييم: 12
    آخر نشاط: 10/April/2024
    مقالات المدونة: 6

    Rose اجود الذخائر في فقه العشائر

    اجود الذخائر في فقه العشائر

    للمستشار القانوني
    رامي احمد الغالبي




    المقدمة

    بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على حبيب قلوبنا أبا الزهرآء محمدٍ الأمين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
    أما بعد.
    لا يخفى على الجميع أن النظام العشائري في العراق يعد من الأنظمة الإجتماعية التي دأبت الجماعة البشرية على تطويره والتمسك بهِ جيلاً بعد جيل.
    وحقيقة الأمر أن مسألة وجود هذا النظام تعود إلى ما قبل الإسلام, حيث كانت القبائل في الجزيرة العربية تحكم وفق المعاهدات والسنن الموضوعة من قبل كبار وحكماء هذه القبائل, وبعد أن من الله تعالى على البشرية أجمع بإرساله رسوله الأكرم محمد بن عبد الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) ليرسخ أحكام الخالق وينبذ أحكام المخلوقين.
    فنهى عن التعصب القبلي وتقسيم الناس إلى أسياد وعبيد, وجعل الناس متساوون في الحقوق والواجبات, وجعل التقوى هي المقياس في سمو الناس ليميز الخبيث من الطيب منهم.
    وبالرغم من أن الدين الحنيف أتى بالقواعد والأحكام الشرعية كافة من عبادات ومعاملات, وسير, وعقائد, وتفسير... الخ..
    نجد أن هنالك بعض العادات السلبية التي تُشابه عادات الجاهلية بل حتى أن هنالك عادات سلبية لم تكن موجودة في الجاهلية, في بعض السنن العشائرية.
    لذا ارتئيت ان ابرئ ذمتي امام الله واطرح بعض الذخائر في فقه العشائر على المستوى الأكاديمي مستنداً بذلك على النهج الفقهي لدى اعلام الفقه الجعفري المعاصرين.

    وتقتضي الأمانة العلمية أن أؤكد انه ليس لي من فضلٍ في هذا البحث إلا إبراز شروحات الأعلام الذين كتبوا عن مقامِ وظلامةِ السيدة الزهراء ((عليها السلام)) .
    وإن كان لي من إضافةٍ في هذا المجال ، فهو جهد المقل الذي لا يكاد يذكر .
    وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلِ اللهم على خير خلقك ابا الزهراء محمد الأمين وعلى آله الغر الميامين .

    المطلب الأول
    تعريف العشيرة وبعض التقاليد العشائرية

    العشيرة : هي مؤسسةٌ اجتماعية, يمثل أبناءها النواة المركزية لها , حيث يجمعهم وحدة النسب والدم, وتكون هذه الوحدة هي سبب تمركز العشيرة وقوتها.
    حيث يترأس كل عشيرةٍ شيخٌ من أبناءها بل من الأصول المؤسسين لها, وتكون الشيخة (أي رئاسة العشيرة) وراثية كالنظام الملكي.
    وتُعد العشائر في العراق مدارسٌ للكرم, والشجاعة, والحكمة, والإلتزام, فالعادات والتقاليد العشائرية في بلادنا زاخرة بالقيم النبيلة والأخلاق الكريمة التي تدل على سمو الأخلاق الحميدة والرفيعة ولا تختلف تلك العادات والتقاليد بين عشيرةٍ وأخرى إطلاقاً، بل العكس أنها متشابهة بأصولها الإجتماعية إلى درجةٍ كبيرة.
    إلا أن بعض التقاليد والأعراف العشائرية لا تتناسب وديننا الحنيف, وهذا ما صرح به كبار علماء الدين كما سيأتي توضيحه ولأجل ذلك تطرقنا لهذا البحث.
    وعلى ضوء ما تقدم نستعرض بعض العادات العشائرية البارزة على الساحة الإجتماعية وبالأخص في المجتمع العشائري :ـ

    1. العراضة :ـ وهي عادة ما تقام عند شيوخ العشائر والوجهاء عند موت احدهم سواء في مراسيم التشيع او أثناء إقامة مجلس الفاتحة, او عند حضور ضيفٍ عظيم الشأن من العشائر الأخرى, فترفع أعلام العشائر, حيث أن كل عشيرةٍ لها علمٌ خاص بها, وعادة ما تُنشد في هذه العراضات الأهازيج الشعبية, المعروفة في الوسط العشائري بـ (الهوسات) وكل عشيرةٍ لها طريقة معينة في اداء هذه الأمور ويصاحبها إطلاق العيارات النارية بكثافةٍ.
    وفي كثيرٍ من الأحيان تحصل حوادث مؤسفة أثناء هذه الطقوس والمراسيم.
    2. الخطبة : هي عادة عشائرية قديمة ولا تزال مستمرة ولا تقتصر على عشيرة ٍأو منطقةٍ بل هي في جميع أنحاء البلاد وتكون على عدة مراحل سواء بين أبناء العشيرة الواحدة او ما بين العشائر الأخرى.
    وهنالك معوقات كثيرة في هذه الأمر ومن هذه المعوقات مثلاً ((خطبة العلوية للرجل العامي)) وما شابه ذلك. وسيأتي البحث فيها.
    3. النهوة : وهي أيضاً من العادات العشائرية التي مازال البعض يتمسك بها لحد الآن, وتتلخص في أن يأتي أبناء عم الفتاة المخطوبة او احد أفراد عشيرتها ليقول للرجل الخاطب أنت منهي او انتم منهيين عن الزواج من هذه الفتاة .
    وهذا الأمر هو محرمٌ من قبل الشرع الإسلامي السمح كما صرح به علماء الطائفة المعاصرين, بالأخص في حوزة النجف الأشرف, كما سيأتي.
    وعادة ما تترتب عليه أمورٌ غير جيدة , كأن تهرب الفتاة مع من تحب وتسمى هذه الحالة (ناهبة) وهذا شيء مرفوض تماما عند العشائر العراقية لا بل يؤدي إلى نتائج جسيمة إذا ما تم افتضاح الأمر.
    4. الدكَة: وهي تكون في أن طرف متخاصم مع طرفٍ آخر يطلق النار على بيته أو بإتجاهه ليُنذره انه عليك حق يجب أن تؤديه .
    5. الفراضة : أو ما يسمى عند بعض العشائر العارفة وهي انه عندما يختلف اثنان مجموعتان سواء من عشيرةٍ واحدة او من عشيرتين على موضوعٍ معين, ولم يعترف أي طرفٍ للطرف الآخر بما عليه, او لإثبات شيء كالسرقة او ما شابه ذلك يهتدي الطرفان للعارفة ولكل فريضة او عارفة أسلوبه الخاص في حل واكتشاف الأمور, كإحضاره للشهود, وشيوخ ووجهاء الأطراف, وكفلاء او وضع شرط جزائي للذي يلتزم بالنتيجة, وتأريخ العشائر العراقية مليءٌ بالحوادث من هذا النوع وفيه من الشواهد والدروس والعبر التي صمدت طيلة هذه المدة ولا تزال تعتبر مرجعاً ودليلا ً يستدل به إلى الحق.
    6. العطوة : وهي أن يرسل الشخص المذنب او شيخهُ واحداً او اثنين سواء من عشيرةٍ واحدة او من عشيرتين, وحسب حجم الموضوع ليأخذوا تلك العطوة, وهي المدة التي يُحدد فيها تأريخ الجلسة العشائرية لحسم الموضوع وتسمى (المشية).
    7. المشية : هذه المدة هي فترة الأمان بين الطرفين المتخاصمين ولا يجوز الاعتداء أو التجاوز فيها, ويمكن إلغائها او تمديدها حسب الظروف, وعندما يقترب موعد نهاية العطوة يبدأ التهيؤ للمشية من طرفي النزاع, الطرف الأول المذنب يتصل بالوجهاء من السادة الأشراف والشيوخ الأجلاء , قبل مدة ليعلمهم بموعد المشية, ويصطلح على هذه الحالة بالمعنى العام (يقوم بحجزهم), وغالباً ما يكون يوم المشية هو يوم الجمعة (صباحاً او مساءا).
    أما الطرف الثاني (صاحب الحق ) فيقوم بإعلام أبناء عشيرته (الشيخ العام) وشيوخ الأفخاذ, والوجهاء, وبعض العامة من عشيرته, وغالباً ما يقوم بنصب خيمةٍ كبيرةٍ بالقرب من داره يسمى (جادر) ويعمل وليمة لأبناء عشيرته او للطرفين حسب طبيعة المشية.
    وغالباً ما يستلم مبلغ من المال يسمى (الفرشة) ليعمل بها هذه الوليمة, بعد ذلك تقطع الفرشة من الفصل أولاً وفي هذه الحالة تسمى (الفرشة المحروكَة ).
    ويستحسن أن تصل المشية في الموعد المحدد يتقدمهم السادة, والشيوخ, ثم كبار السن من الوجهاء, وتقسم الخيمة (الجادر) إلى قسمين, عادة ما يكون الجانب الأيمن لأهل الفصل قيادتهم الجانب المذنب ويبدأ عادة كبير السادة بإفتتاح الجلسة (المشية) بأيةٍ كريمةٍ ثم الصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد ((صلى الله عليه وآله وسلم)) ثم تتوالى الأحاديث من الآخرين.
    المطلب الثاني
    تبيان الفصول العشائرية

    الحدُ في العُرف العشائري يكون في الأعم الأغلب القتل مهما كان الموضوع عندهم, سواءٌ أكان الموضوع قتلٌ عمد أو خطأ أو شبيه بالعمد أو بالخطأ أو أي أمرٍ لا يوافق رأي احد أفراد العشيرة فضلاً عن شيخها.
    اما الدية في العرف العشائري فتُسمى فصلاً, وعلى أي موضوع قابل للدية أم غير قابل كما في الحد عندهم.
    اما الحد الشرعي :ـ هو كل عقوبة مقدرة شرعاً , تسمى حداً , وكل عقوبة ثابتة شرعاً وغير مقدرة قطعاً , بل موكول أمرها إلى الحاكم فتسمى تعزيراً.
    وأسباب الحد عديدة. منها : الزنا واللواط والمساحقة , وما يتبع ذلك مما هو مذكور في محله, والقذف وشرب الخمر والسرقة وقطع الطريق. والإرتداد والإفساد في الأرض.
    وأسباب التعزير عديدة منها : البغي وإتيان البهيمة وشهادة الزور وبيع الخمر وإفتضاض المرأة حراماً, وغير ذلك حتى انه ورد في أن التعزير على ارتكاب أي محرم.

    و تختلف الدية (الفصل) من عشيرةٍ إلى أخرى ومن سببٍ إلى آخر وحسب الظروف المحيطة بكل حادثةٍ ويمكن ان نقسم الديات (الفصول) إلى عدة أقسام, كما في حوادث السيارات, و دية (الأعضاء ) في الحوادث غير المقصودة والتي فيها ظروف معينة مثل سياقة السائق تحت تأثير المسكر.
    فبالنسبة لدية (الأعضاء) في حوادث المشاجرة, وهل فيها سلاح ناري, او سلاح جارح, فتكون دية القتل غير العمد .
    ولكن تبقى دية القتل العمد هي الأصعب, لاسيما اذا ما رافقتها عوامل أخرى مثل السرقة, او الخطف, او الاغتصاب, او ما شابه ذلك.

    فأنها تحتاج إلى جهودٍ ووساطاتٍ كبيرةٍ, ولكل حالة هناك أكثر من إجراء غير الفصل المادي كالنفي, أو ما يسمى (الجلوة), وقد تكون دائمية او مؤقتة وبشروطٍ أخرى.
    مثلاً يتم الفصل بعد تسليم الجاني إلى القضاة بدون تنازل او حتى يصل الأمر إلى هدر دم الجاني حتى بعد الفصل العشائري حتى يصل الأمر في الفصل العشائري الى مفهومٍ متعارف عليه عند جميع العشائر في الوسط والجنوب الا وهو راية الإمام العباس ((عليه السلام)).
    فيعد هذا المفهوم المرحلة الأخيرة في الجلسة العشائرية (الفصل), وهي راية الأمان بين الطرفين, وعادةً ما تكون بيضاء اللون, لأنها تدل على السلام, وصفاء القلوب, ويقوم الطرف المذنب بربط طرفٍ من الراية على العصاة (العكازة), في حين يقوم الطرف الثاني في النزاع بربط الطرف الثاني للراية على العصاةِ وتُعطى الى السيد لحلها, وعادةً ما تكون مقابل مبلغٍ مادي ينزل من الفصل إكراماً للراية, ثم ينتهي موضوع الفصل بعد ان يعطي الطرف المذنب قسمٌ من الفصل المقرر, ويبقى القسم الآخر لمدةٍ معينةٍ وفق شروطٍ محدد أيضاً, ويتصافح الطرفان وينتهي الأمر ويبقى كلام الله وسنة نبيهِ وسيرة أوليائه والصالحين, إن كانت الجلسة وفق مفاهيم واحكام الشرع الحنيف.



    المطلب الثالث
    تبيان وجوب مطابقة السانية العشائرية مع احكام الشرع الحنيف

    هذا المطلب وان كان صعبٌ مستصعبٌ بل وأقرب إلى المستحيل, لكنني طرحته من باب الزام المقابل بما يلتزم به تجاه دينه وكتاب ربه سبحانه, ايضاً طرحناه من باب ان المؤمن مرآة اخيه المؤمن.
    وبالرغم من أن التقاليد العشائرية تقاليد نبيلة وسامية وتتمتع بالكرم والحكمة, إلا أن هنالك بعض التقاليد بعيدة عن روح الإسلام الحنيف, وواجبٌ على شيوخ العشائر وخاصةً السادة الذين ينتسبون إلى النسب الشريف لرسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) اللذين يتوجب عليهم توضيح الأحكام الشرعية, التي استشهد جدهم الإمام الحسين((عليه السلام)) من اجل ترسيخها وإصلاح الأمة الإسلامية جمعاء, لذلك وجب عليهم ان يسيروا على هذا النهج في إصلاح الأمة الإسلامية, ونبذ التقاليد التي تُسيء إلى الدين الاسلامي الحنيف برمته.
    ومن هذه التقاليد أنه إذا قتل شخصٌ رجل معين, فتقوم عشيرة المقتول بقتل احد إخوة القاتل أو أحد أبناء العشيرة التي ينتمي إليها القاتل.
    وهنا نطرح سؤال للذين يقومون بهذا الفعل الشنيع, أما قرأتم قوله تعالى ((وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)) (سورة الأنعام آية /151).
    أم لم تقرئوا قولهُ تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)). (سورة النساء / آية 93).

    والعجب كل العجب من أننا نذهب لزيارة الإمام الحسين ((عليه السلام)) في عاشوراء, وفي اربعينيته بأبي وأمي, وتكون جموعنا عبارةٌ عن ملايين من المسلمين وشعارنا موحدٌ بنداء (( ألا يا ليتنا كنا معك فنفوز فوزاً عظيما)).
    فيا تُرى هل نحن اليوم في هذه التصرفات, نسير على نهج إمامنا الحسين ((عليه السلام)) ؟؟.
    ام أننا نقتل إمامنا بأيدينا, لأننا نُجهز على ثورته ونعيد حكم الجاهلية الرعناء إلى مجتمعنا الإسلامي بصفة عامة والشيعي بصفة خاصة ؟؟.
    كذلك من التقاليد العشائرية التي تتنافى واحكام الشرع الحنيف, أنه في بعض الحالات يأتي سارقٌ ويدخل بيت شخصٍ ما, وعندما يُريد صاحب البيت الدفاع عن نفسه, وعرضه, وماله, ويشتبك مع السارق ويؤدي هذا الإشتباك إلى قتل السارق تأتي عشيرة السارق مطالبةً بدم ابنها الذي اعتدى على مال, وعرض, وبيت انسانٍ مسلم, متجاهلة ً قول رسول الله (( صلى الله عليه وآله وسلم)) : (( من قتل دون دمهِ فهو شهيد , ومن قتل دون مالهِ فهو شهيد, ومن قتل دون عرضهِ فهو شهيد)). ومفاد الحديث الشريف بوجوب الدفاع عن المال, والدم, والعرض, لذلك اعطى حكم الشهادة لم يقتل دفاعاً عن هذه المسائل الثلاثة.
    أو أن ينهى ابن العم على ابنة عمه بأن لا تتزوج أي شخصٍ كان إلا هو إلى أن تكبر ويفوتها قطار العمر, بسبب هذا الغباء الذي لا يمُت إلى الدين بصلةٍ ابدا.
    لذلك صار لزاماً على كل مسلمٍ أن يرجع إلى رشدهِ , خاصةً شيوخ العشائر الأجلاء وعلى رأسهم من هم من ذرية محمدٍ وآل محمد بأن ينصروا جدهم رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بمحاربةِ هذه المسائل التي تشوه الصورة السامية للعشائر العراقية الأصيلة, وتشوه المذهب الجعفري المقدس الذي تنحدر منه هذه العشائر الكريمة سواء أكان هذا الإنحدار بسببٍ أم بنسب.

    لذا علينا الإلتفاتة إلى أن مصدر التشريع في كل شيءٍ وبالأخص المسائل التي تخص الجانب الإجتماعي هو من قبل الله سبحانه ورسوله الكريم (( صلى الله عليه وآله وسلم)) لقوله تعالى : ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)) (سورة الأحزاب – 36)
    ويوضح السيد الطباطبائي, في تفسيره لهذه الآية بقوله:ـ ( فقضاء الله هو التشريع وقضاء رسوله إما ذلك وإما الأعم وإنما الذي لهم أن يروا رأيهم في موارد نفوذ الولاية وأن يكشفوا عن حكم الله ورسوله في القضايا والموضوعات العامة.
    وبالجملة لما لم يكن لأولي الأمر هؤلاء خيرة في الشرائع ولا عندهم إلا ما لله ورسوله من الحكم أعنى الكتاب والسنة لم يذكرهم الله سبحانه ثانيا عند ذكر الرد بقوله فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول فلله تعالى إطاعة واحدة وللرسول وأولي الأمر إطاعة واحدة ولذلك قال أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم. ...انتهى. (( تفسير الميزان الجزء /4 صفحة 389))

    كما أن ظاهر الآية الكريمة واضحٌ وهو أن الأحكام المجعولة من قبل الله سبحانه عن طريق القرآن الكريم, أو عن طريق السنة النبوية المطهرة, هو حكمٌ ملزمٌ للجميع, وعلى المؤمنين كافة إذا وجدوا الحكم الشرعي في الكتاب, أو السنة, عليهم إطاعته وإلا سيضلون ضلالاً كبيرا.


    المطلب الرابع
    تبيان فتاوى مراجع التقليد في أحكام العشائر

    نطرح في هذا المطلب آرآءٌ فقهية ٌ لعدةٍ من مراجع التقليد وولاة الأمر المعاصرين, في مسائل الحكم العشائري, لتكون ملزمةً لمن إتبع المرجعية الدينية المباركة, فإذا قال إنسان معين أنا لستُ مقلداً لمرجعٍ معين, قلنا لقد ألزمناك بكتاب الله تعالى, واذا كان مقلداً لمرجعٍ ما ولا يفقه من القرآن شيئاً, نطرح له آراء لبعض مراجع التقليد اضافةً وتوضيحاً للآيات القرآنية المباركة, جعلهم الله ذخراً ومناراً للدين والمذهب .

    أولاً:ـ السيد الشهيد محمد صادق في كتاب ((فقه العشائر)).

    سؤال : ـ ما هي حدود تصرف رئيس العشيرة أو القبيلة في حقوق الأفراد المالية وغيرها (البالغين والقاصرين), وهل يصح شرعاً التنازل عن بعض أو كل هذه الحقوق تحت تأثير الغير على رئيس العشيرة كالوجاهة وغيرها.

    الجواب :ـ بسمه تعالى : ليس لرئيس العشيرة ولايةً شرعيةً لا عامة ولا خاصة , إلا بإذن الحاكم الشرعي, وهذا يشعر به بعضهم فيستأذنون من العلماء جزاهم الله خيراً, ويمكن لأبناء العشائر أن يرشحوا أمام الحاكم الشرعي رئيساً لهم مؤمناً متفقهاً بأحكام عمله فيستحصل من الحاكم الشرعي تخويلاً بتصرفاته على أن يتقيد بتعاليم الدين وفتاوى الفقهاء.

    سؤال:ـ هل يأثم من يدين بالولاء لرئيس عشيرته إذا علم فسقه بشرب الخمر وأخذ الرشوة والكذب وغيرها.

    الجواب:ـ بسمه تعالى : يعتبر مثل هذا الفرد حاكماً ظالماً لا يجوز الولاء له شرعاً, وإنما يجب الولاء لمن تثبت ولايته الشرعية وعدالته في الحكم والتصرف.

    سؤال :ـ جرت السنينة بين العشائر على تحديد الفصل فيما بينهم ولا يجوز زيادته ونقصانه لكل الأطراف حتى وان لم يرضى صاحب القضية أو المجني عليه بهذا المقدار المحدد, فما هو رأي الشارع المقدس في ذلك.

    الجواب:ـ بسمه تعالى : هذا غير جائزٍ فإن الفصل من الديةِ ، والدية ملك الورثة, فإن كانوا كباراً راشدين جاز تنازلهم برضاهم, وأما إذا لم يرض أحدهم أو كان فيهم قاصرٌ كالطفل, أو السفيه, أو المجنون, فيجب حفظ حصته له من الدية الشرعية, ولا يجوز التنازل عنه حتى من قبل وليه .

    سؤال :ـ هناك أحكامٌ وفرائض يحكم بها شيوخ العشائر تبعاً لآرائهم وهي بعيدةٌ عن روح الشريعة هل هذا العمل جائز ؟ .

    الجواب:ـ بسمه تعالى : ليس رئيس العشيرة حاكماً شرعياً, ولا مخولاً من الحاكم الشرعي, وليس القوة والشهرة له سبباً شرعياً لنفوذ حكمه, إذا لم يكن له أساسٌ شرعي, وإنما هو يتحمل أمام الله سبحانه مسؤولية المظالم التي اقترفها في عشيرته.

    سؤال:ـ هل يجوز للناس ترتيب الآثار على أحكام شيخ العشيرة.؟
    الجواب :ـ بسمه تعالى : كلا لأنها أحكام مخالفة للشريعة فمثلاً إذا باع شيئاً أو زوج امرأةً, أو أبعد شخصاً, إلى غير بلده ونحو ذلك بالإكراه لم يكن نافذاً ولم يصح البيع والعقد.

    سؤال:ـ جرى في العرف العشائري على مضاعفة الفصل أو الديه عند تحقق فعلٍ أو جنايةٍ تنقض صلحاً بين الجاني والمجني عليه, هل يصح ذلك شرعاً, وما مقدار مضاعفة الدية أن صح ذلك.؟
    الجواب :ـ بسمه تعالى : مضاعفة الدية أمرٌ غير شرعي تحت أي ظرفٍ من الظروف, وإنما تؤخذ الدية بالمقدار الشرعي, بدون زيادةٍ ولا نقيصة, نعم يُمكن تعزير الفرد أن فعل محرماً وذلك بالحكم الشرعي لا بدونه.



    سؤال :ـ هل يجوز لولي المقتول قتل غير القاتل كأن يقتل مثلاً ابن عم القاتل أو أخيه أو أبيه أو غيرهم.؟

    الجواب :ـ بسمه تعالى : اشرنا إلى عدم الجواز فإن غير القاتل بريءٌ لا يجوز أخذه بجريمة غيره, ولو حصل ذلك وجب القصاص أو الدية منه.
    سؤال :ـ هل لرئيس العشيرة ولاية شرعية على أبناء عشيرته؟
    الجواب :ـ بسمه تعالى : ليس لرئيس العشيرة ولاية شرعية لا عامة ولا خاصة , إلا بإذن الحاكم الشرعي, وهذا يشعر به بعضهم فيستأذنون من العلماء جزاهم الله خيراً, ويمكن لأبناء العشائر أن يرشحوا أمام الحاكم الشرعي رئيساً لهم مؤمنا متفقها بأحكام عمله فيستحصل من الحاكم الشرعي تخويلاً بتصرفاته على أن يتقيد باستمرار بتعاليم الدين وفتاوى الفقهاء.
    سؤال: هل يجوز شرعاً المطالبة بدم السارق إذا قتل أثناء فعل السرقة أو بدم الزاني بالمحصنة, أو المغتصب للبنت الباكر, أو الأرملة, أو اللائط؟

    الجواب :ـ بسمه تعالى : المطالبة بالدية جائزة في أكثر هذه الصور, إلا من قتل خلال السرقة أو خلال الزنا أو اللواط.

    سؤال : الاستثناء في الجواب السابق شامل لكل أفراد منطوق السؤال , فالمرجع في جواز اخذ الدية هو كون نفس الزاني غير محصن أم في شيءٍ أخر؟

    الجواب :ـ بسمه تعالى : المهم في ذلك كونه مقتولاً خلال تلبسه بالجريمة فتكون ديته ساقطة وأما إن قتل بعد ذلك جازت المطالبة بديته.




    ثانياً:ـ فتاوى السيد السيستاني باب الحدود والقصاص والديات (حسب موقع الالكترونية لفتاوى السيد السيستاني)
    سؤال 19:ـ هناك مجالس عشائرية تطلب دية إذا عيب شخص أثر ضربة عادية كأن يصبح اعرجاً يسمى ( بالفصل ) وهو إعطاء امرأة لأحد الأشخاص من العشيرة المقابلة, وهي أخت الضارب, أو ابنته, وإذا لم يعط المرأة يقتل, أو يعرض للضرب, وغير ذلك علماً أن المرأة الفصل تأخذ كخادمة, وبدون مهر وتعرض للشتم والضرب, فهل يجوز هذا العمل ؟
    الجواب : لا يجوز.

    فتاوى السيد السيستاني باب المعاملات والوظائف
    (حسب موقع الالكترونية لفتاوى السيد السيستاني)
    سؤال 34:ـ شخص باع حقلاً زراعياً, وبعد سنوات حضر عند المشتري مع إخوته وعشيرته ، وضمن عقد اجتماع عشائري خدع المشتري وهدده ففسخ المعاملة .. فهل يصح هذا الفسخ ؟
    الجواب :ـ إذا لم يكن الفسخ برضا المشتري وكان بإكراه ، فهو باطل.

    ******************

    ثالثاً:ـ السيد كاظم الحائري في الرسالة العملية (الفتاوى المنتخبة)
    المسألة : 130 )) ما هي حدود تصرّف رئيس العشيرة أو القبيلة في حقوق الأفراد (البالغين والقاصرين) الماليّة وغيرها؟ وهل يصحّ منه التنازل عن كلّ أو بعض هذه الحقوق تحت تأثير غيره لاعتبارات خاصّة كالوجاهة أو العلاقات الاجتماعيّة)) ؟
    الجواب:ـ ولاية رئيس العشيرة أو القبيلة غير واردة في فقهنا الإسلامي.

    المسألة : 131 () ما حكم مَن يدين بالولاء لرئيس عشيرته وإطاعته إذا علم فسقه بشرب الخمر وأخذه الرشوة وغير ذلك)) ؟
    الجواب: ـ كما قلنا لم تثبت له الولاية حتّى تسقط بعد ذلك بالفسق أو أخذ الرشوة.
    المسألة : 130 () جرت السنينة (القانون العشائري) بين بعض العشائر حول في تحديد الفصل فيما بينهم، ولا يجوز زيادته ونقصانه لكلّ الأطراف حتّى وإن لم يرضَ صاحب القضيّة أو المجنيّ عليه بهذا المقدار المحدّد، فما هو رأي الشارع المقدّس في ذلك ))؟
    الجواب: تحديد الفصل هذا ليس شرعيّاً.
    المسألة : 133 /
    1. هناك أحكام وفرائض يحكم بها شيوخ العشائر وفقاً لآرائهم وهي بعيدة عن روح الشريعة، هل هذا العمل جائز؟
    2. هل يجوز للناس ترتيب الآثار على أحكام شيخ العشيرة؟
    3. جرى في العرف العشائري على مضاعفة الفصل أو الدية عند تحقّق فعل أو جناية تنقض صلحاً بين الجاني والمجنيّ عليه، هل يصحّ ذلك شرعاً؟ وما مقدار مضاعفة الدية إن صحّ ذلك؟
    4. هل يجوز لشيخ العشيرة أو الوجيه أن يقلّل أو يزيد من مقدار الفصل دون أخذ إذن الوليّ؟
    5. هل يجوز دفع المرأة إلى وليّ المقتول كدية (وهو فصل في العرف العشائري ؟
    6. مسألة أخذ النساء فصلاً في الدية على موضوع النهب والقتل، علماً أنّه يمكن أن يرفع الغيض والحزازات بسبب أخذهم لهذه النساء وخاصّة بين أولاد العمّ، فهل يجوز ذلك بهذا الغرض؟
    7. على نفس الفرض السابق لو رضي وليّ البنت بهذا الحكم العشائري (الفصل) من دون علمه بمن سيكون زوج ابنته، فعلى هذا الفرض هل يصحّ عقد الزواج؟
    الجواب:ـ نفوذ الحكم العشائري في كلّ هذا ليس شرعيّاً, نعم، لو تراضى الأبن والبنت مع والد البنت على إيقاع الزواج بينهما لغرض دفع الفتنة فهذا جائز، لكنّه ليس ذلك لأجل نفوذ الحكم العشائري.



    ******************


    الخاتمة

    في ختام هذا التقرير المبسط نسأل الله تعالى أن نكون قد وفقنا بإعطاء حق هذا الموضوع بجدارةٍ وأن تكون رسالتنا فيه قد وصلت, حيث أن مجالسنا العشائرية مدارسٌ كبرى في القيم النبيلة من الكرمِ, والجودِ, والشجاعةِ, والخلق الرفيع.
    إلا أن تلك المدارس قد أختُرقت بعرفٍ خطرٍ متمثلٌ ببعض العادات والتقاليد التي نهى عنها ديننا الحنيف, ومذهبنا المفدى.
    وعلى رموزنا الأجلاء من السادة الأشراف, وشيوخ العشائر الكرام الإلتفاتة إلى مثل هكذا خطر, وتوحيد السانية العشائرية, وفق احكام الشرع الحنيف, عن طريق رجوعهم إلى ولاة الأمر من المراجع الأعلام في الحوزة الدينية المباركة, لتوضيح المسار الصحيح للسانية العشائرية.
    نسأل الله تعالى ان يوفق الجميع ويسدد خطاهم لما فيه خيرٌ وصلاح للدين والمجتمع, إنه سميع مجيب الدعاء.
    وقبل أن يجف ريق القلم اقول أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين, ابا الزهراء محمدٍ الأمين وعلى آله الغر الميامين, وسلم تسليماً كثيرا.

  2. #2
    صديق فعال
    سومري الهواء
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الدولة: النـــــــــــــــــــاصرية
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 823 المواضيع: 60
    التقييم: 624
    مزاجي: بشوش دوما
    المهنة: Petroleum Engineer
    أكلتي المفضلة: المسكوف
    موبايلي: ماعندي موبايل
    آخر نشاط: 27/April/2022
    الاتصال: إرسال رسالة عبر ICQ إلى ِAbdullah Al-Badri إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ِAbdullah Al-Badri
    مقالات المدونة: 36
    شكرا لاناملك التي وضحت لنا بعض مما يخفى علينا في الانظمه العشائرية...

  3. #3
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: April-2014
    الدولة: أبحث عن الوطن
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 10,636 المواضيع: 53
    التقييم: 9713
    مزاجي: بحاجة الى الاوكسجين
    المهنة: استاذة جامعية
    أكلتي المفضلة: طماطة وملح
    موبايلي: iphone11pro
    آخر نشاط: 15/November/2024
    شكراً لجهودكَ المضنية بالتميز والعطاء

    ينقل للقسم الانسب
    تحياتي

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال