وجدان الجزيرة :على الرغم من أهمية أحلام اليقظة إلا أنها مازالت من الموضوعات التي تحتل سمعة سيئة بين الناس على اعتبار أنه يجب أن نعيش في عالم الواقع.. وأن نبتعد بأذهاننا عن الخيال والأحلام التي لا طائل منها.. ولكن ينسى هؤلاء أنهم أيضاً يعيشون في أحلام اليقظة مثل غيرهم.. ولا يمكن لأي شخص أن ينكر ذلك.. فهي ضرورة نفسية نحتاج إليها جميعاً.. كي يحصل المخ على قسط من الراحة والاسترخاء.. وعلى الرغم من أهمية أحلام اليقظة إلا أنه لا يجب أن تزيد عن معدلها الطبيعي.. بحيث نهمل واقعنا.. ونغرق في هذه الأحلام.. وإذا حدث ذلك فلا بد أن نقف مع أنفسنا واستشارة المختصين.. إن تنشيط أعصاب المخ يعتبر غاية عظمى يسعى إليها الأطباء وعلماء النفس للتغلب على العديد من المشكلات النفسية والصحية.. وبذلك نقول إنه من الخطأ الادعاء بأن أحلام اليقظة تعتبر نوعا من الكسل.. بل هي حالة من نشاط المخ واتقاد الذهن الذي ينتج عنه تفجير للمواهب الإبداعية..
ليس هذا فحسب إذ يرى العديد من أطباء النفس ضرورة الابتعاد عن التفكير بالمشاكل كوسيلة فعالة من وسائل التغلب عليها والوصول إلى حل لها..
تساعد أحلام اليقظة على إعطاء المخ فرصة للراحة والاسترخاء بعيداً عن متاعب الحياة اليومية.. إنها فرصة حقيقية كي ننأى بالمخ بعيداً عن القلق والتوترات النفسية والمخاوف التي تزعجنا جراء التفكير في مشاكلنا على مدار اليوم.. بل وتعطينا هذه الأحلام دفعة معنوية كي نتقدم إلى الأمام..
وجد أيضاً أن أحلام اليقظة تعمل كذلك على تجنيبنا للصراعات.. وتساعدنا على التعامل بصورة أفضل معها إذا ما صادفتنا مستقبلاً..
هناك العديد من الفوائد التي يمكن تحصيلها من وراء ممارسة أحلام اليقظة مثل ترسيخ القيم والمعتقدات التي يؤمن بها الشخص.. فعندما نرى فارس أحلام اليقظة ونتخيل الحوار الذي يدور بيننا وبين أشخاص آخرين وطرق إقناعهم بالأدلة والبراهين.. فمن البديهي أن يترسخ بداخلنا مجموعة من المبادئ والقيم التي نؤمن بها.. بل ونستخدمها دائماً في تعاملنا مع الآخرين..
والأهم أن هذه الأحلام تخلصنا من السأم والملل.. وخاصة مع الأشخاص الذين يعملون لأوقات طويلة.. حيث تأتي عليهم أوقات عديدة يملون مما يقومون به من أعمال ولا يوجد أمام هؤلاء أي متنفس سوى أحلام اليقظة التي تخرجهم من بؤرة الملل التي يتركزون حولها لساعات طويلة بالإضافة إلى دورها الحيوي في تحسين الحالة المزاجية واستخدامها كوسيلة للتفكير في المشاكل اليومية..
ومع كل ذلك لا يجب بأي حال من الأحوال أن نغرق في مثل هذه الأحلام طوال الوقت، وننسى عالمنا الواقعي الذي نعيشه مهما كانت مراراته ومهما تراكمت علينا المتاعب وتراكمت المشكلات.. إذ إن الإفراط في أحلام اليقظة يعمي العين ويصم الأذن ويضفي بغشاوته على المخ.. ما يفصلنا تماما عن حياتنا الواقعية.. فنظل في هذا العالم الوهمي.. ونترك أعمالنا.. ونصل علاقاتنا مع الآخرين..
إذ لا ننكر أن هناك بعض الأشخاص الذين أخذتهم هذه الأحلام لدرجة أنها أصبحت متأصلة لديهم.. فعندما تقابلهم مشكلة ما نراهم يبتعدون تلقائياً عن المواجهة.. ولا يرهقون أنفسهم في البحث عن الحلول العملية لها.. بل يتجهون إلى عالم هذه الأحلام الخيالية ليبنوا حلولاً على هذه الأحلام التي لا يوجد لها أساس على أرض الواقع.. هنا أصبحت أحلام اليقظة غاية.. ولم يتخذها هؤلاء كوسيلة للتفكير.. ولذلك غرقوا بها.