اكد المخرج المسرحي العراقي باسم الطيب ان عمله المسرحي (تشظي) الذي عرضه على خشبة احد المسارح البلجيكية تفاعل معها الجمهور البلجيكي بعد ان فهم الرموز التي فيها والتي تعكس ما تفرزه الحرب وما يحتاجه المواطن العراقي من استرخاء بعدها، مشيرا الى الممثلات اللواتي ادين شخوص المسرحية استوعبن ما شرحه لهم من تاريخ العراق وما مرّ بالعراق وشخصية المواطن العراقي، موضحا انه يأمل ان يعرضها في بغداد خلال الاشهر المقبلة.
* ما حكاية مسرحيتك التي عرضتها في بلجيكا؟
- عنوانها (تشظي) وفكرة المسرحية افتراض شخصية صحفية بلجيكية تجيء الى العراق وتوثق الحرب الطائفية بعد بقائها في العراق لمدة سنتين، وعندما ترجع الى بلجيكا تصاب بالشيزوفرينيا وتتشطى الى اربع شخصيات هي: العزلة والطفولة والحب فضلا عن الشخصية الرئيسية ذاتها، وهذه الشخصيات الاربع تجتمع لكي تعيد الفتاة الى واقعها الاصلي، فتنتقل الى المصحة في الاخير، فكرة العمل والاخراج لي والعمل يعتمد على الصورة والجسد
* ما الذي اردت ان تقوله عبرها؟
- اردت ان اقول في هذه المسرحية الفرق بين الشخص الذي يشاهد الدم والشخص الذي عاش حياته بلا دم، هذه الشخصية بقيت لمدة سنتين وهي تشاهد الدم والجثث، فأحالوها الى المصحة، والعراقي طول عمره يشاهد الدم اذن فهو بحاجة الى مصحة !، وليس المصحة بمعناها السلبي بل الى المعنى الحقيقي لها وهو (الاسترخاء)، هي الموسيقى، هي نسيان للدم وللماضي التعيس، فنحن بحاجة الى مصحة حقيقية من اجل اعادة ذواتنا الحقيقية، هذا هو موضوع المسرحية الاساسي.
* ما جديدك في سينوغرافيا العرض؟
- ما عادت السينوغرافيا الان في اوربا عنصرا اساسيا، الممثل هو الاساس، كل شيء مستهلك في هذا الكون والمسرح، لكن الجديد هو انا وانت وهو، الممثل هو الجديد ولا شيء اسمه سينوغرافيا جديدة، لان الخشبة مستخدمة وكل الادوات مستخدمة ولا وجود لاي شيء جديد الا الممثل فقط.
* ما مواصفات الممثل الذي تحتاجه لتجسيد شخوصك هناك؟
- الممثل البلجيكي جاهز اساسا وقد مر في كل التجارب الحديثة ودرسها دراسة منطقية وعلمية واكاديمية، وكل ما اضيفه اليه هو الحس والروح العراقية او العربية، هذا الحس الشرقي الذي عندما تعبيه به لا يعرفه ولكن حين تضخ له معلومات وتضيف له الاحساس سيظهر مختلفا بالنسبة لهم على اقل تقدير.
* كم من الوقت يحتاج الممثل البلجيكي كي يفهم قضيتك؟
- في الحياة ربما يحتاج الى وقت طويل لكي يفهم الاخر الشخص العراقي لاننا بالنسبة لهم غرباء في سلوكنا وتصرفاتنا وطريقة كلامنا، ولكن في التمارين المسرحية تجده يفهم بشكل اسرع لان المسرح واحد ولغة التفاهم واحدة يعني لا توجد قيود.
* الى اي الانواع المسرحية ينتمي عملك؟
- ينتمي العمل الى الرقص الحديث المعاصر، التعبيري، واستعنت بالحركات العراقية (الاشارات) حولتها الى رموز عالمية متفق عليها وكذلك الحركات السومرية مثل اللطم وخدش الخدود وعض الاصابع، كلها تتحول الى رموز عالمية ليست نشازا، في المسرحية حوار بسيط يعزز الفكرة، هناك الشخصية الرئيسية، وهي ممثلة اصولها استرالية ولكنها تعيش في بلجيكا، وتقول في الحوار (انني اتذكر طفولتي، اتذكر كيف كنا نلعب وكيف كنا نعيش حياة طبيعية، ولكن الان فقدت هذا الاحساس، فقدت الاحساس بالطفولة والحب) حتى تحولت الى شخصية انعزالية، فهذا هدف اساسي كي تعرف كيف تتنتبه الى واقعك، وليس ان تعالجه، ان تنتبه له، اننا ناس شاهدنا الدم، اذن نحن اناس غير طبيعيين، واي واحد منا يتصرف تصرفا غير طبيعي احيانا فعلينا ان نهدأ ونحن بحاجة الى ان نسترخي وان نعيد ذواتنا وكيف نرتب انفسنا من جديد، ولا يجب ان نرمي الاخطاء على الاخرين، فأي انسان لديه الاستعداد على ان يشتغل على ذاته سيعود طبيعيا ويسيطر عليها.
* كيف استطعت ان توصل الاحساس الى ممثلات لم يعرفن شيئا عن الدم والجثث والعراق؟
- من خلال الشرح عن تاريخ العراق، وعن الحروب التي مر بها العراق، والفرق بيني وبينهم على الاقل، انا العراقي العائش في اوربا وهن اللواتي لم يشاهدن الحرب، فبقيت اشرح لهن هذا لمدة اسبوع او اكثر عن شخصية الفرد العراقي، ايجابياتها وسلبياتها، فتقبلن الموضوع وبدأنا بالعمل،كان عملي الاول نفسيا ومن ثم جسديا.
* ما رد فعل الجمهور البلجيكي هناك؟
- كانت ردود افعال البلجيكيين ممتازة، وقد استخدمت اجزاء تتحول الى غرف للعزلة وتصير شوارع للطفولة ومحجر مصحة وتصير شاشة لعرض فيلم يستعرض تاريخ الحروب من النشأة الاولى الى الحرب الاخيرة في العراق، استعراض سريع، كان الجمهور متفاعلا مع العرض وفهمها واحبها ايضا.
* كيف تقبل الجمهور البلجيكي عروضك الاولى؟
- العروض الاولى تقبلها الجمهور البلجيكي لاننا اشتغلنا على منطقة يستقبلونها ولسنا الذي نريدها، لان ابقاعنا يختلف عن ايقاعهم، ولكن في الوقت نفسه نحن لا نتجاوز موضوع العراق، ننطلق منها ونعمل بآليات حديثة، بدأوا يستقبلونها بشكل ممتاز، كما ان الجمهور لن يأتي ان لم تكن الموضوعة عراقية، فهم يريدون ان يشاهدوك كعراقي ماذا تفعل، ومن اي كوكب نزل هذا العراقي، لذلك هم يشاهدون العراق من خلالنا، من خلال الثقافة والمسرح.
* لماذا لا تأتي بها الى العراق؟
- هناك محاولة اامجيء بها في الشهر الثاني عشر لعرضها في بغداد اذا ما توفرت الامكانات، فالممثلات لا مانع لديهن من المجيء.
* ما الذي تسعى الى تحقيقة هناك؟
- اريد ان اقول فقط ان هناك مسرحا عراقيا وان هناك شخصا عراقيا وقادا، هناك حضارة عمقها الاف السنين، هناك اناس تريد ان تعيش، هناك فنان مبدع، هذا ما نريد ان نوصله فقط وليس الغرض اننا نقدم مسرحا ونستمتع فقط.
* هل ثمة عمل جديد خلال الوقت اللاحق؟
- لديّ مشروع مع صديقي مخلد راسم لاعادة مسرحية(كاليكولا) في الشهر التاسع، ولدينا عرض اخر في الشهر الحادي عشر.