[IMG][/IMG]
يهيّئ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، مرجعاً شيعياً مقرباً منه هو آية الله محمود الشاهرودي لخلافة المرجع الشيعي الأعلى في العراق، في استغلال للقطيعة بين السيستاني والسياسيين العراقيين. وأشار قياديون في حزب الدعوة إلى وجود انقسام حاد حول مرجعية الشاهرودي.
يهيّئ المرشد الأعلى الايراني علي خامنئي مرجعا شيعيا مقرباً منه هو آية الله محمود الشاهرودي، بشكل تدريجي وهادئ لخلافة المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله السيد علي السيستاني، لتحقيق هدفين الاول يتمثل بنقل مبدأ ولاية الفقيه إلى العراق، والثاني هيمنة مرجعية مدينة قم الايرانية، على المرجعية الشيعية العليا في النجف العراقية، وسط معلومات لم تؤكد بعد عن إمكانية اختيار حزب الدعوة الإسلامية بزعامة المالكي، للشاهرودي مرجعا دينيا له. خامنئي يباشر خطوات لفرض ولاية الفقيه في العراق
أبلغ باحث ومهتم في شؤون المرجعية الشيعية "إيلاف"، أن ايران باشرت خطوات عملية خطيرة لفرض هيمنة مرجعية قم لولاية الفقيه، على المرجعية الشيعية في النجف نظراً لأهمية هذه المرجعية إسلاميا وعالمياً. وقال إن المرشد الاعلى للثورة الايرانية علي خامنئي قد بدأ بزجّ المرجع الشيعي الايراني محمود الشاهرودي في هذه المهمة، حيث افتتح له مؤخراً مكتبا في النجف، سيتابعه بزيارات متقطعة يقوم بها إلى العراق تستغرق الواحدة منها بين شهر وثلاثة اشهر قبل ان يستقر في المدينة العراقية المقدسة بعد فترة عامين او ثلاثة.
واضاف الباحث الذي فضل عدم ذكر اسمه أن الشاهرودي (62 عاما) وعلى الرغم من اصوله الإيرانية حيث ينتمي إلى مدينة شاهرود الايرانية، إلا أنه ولد في النجف العراقية وكان عضواً في حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه حالياً رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي، لكنه غادر إلى ايران في مطلع الثمانينات إثر اعتقال نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين له لفترة وجيزة.
وأوضح ان خروج الشاهرودي من حزب الدعوة لم يكن لخلافٍ معه وانما لتفرغه للدراسة الحوزوية في ايران آنذاك. وأشار إلى انه من هنا جاءت بعض المعلومات التي أفادت أنه سيأتي إلى العراق ليكون مرجعا أعلى لحزب الدعوة لكنه نفى ذلك قائلاً إن الحزب قد شطب من نظامه الداخلي في وقت سابق، تسمية مرجع شيعي بعينه ليكون مرجعا أعلى له، غير أن هذا لا يمنع وجود علاقة طيبة بين المالكي والشهرودي حاليا.
وفي ايران تولى الشاهرودي منصب رئيس مجلس القضاء الاعلى، في اواخر الثمانينات ولمدة ثماني سنوات، بتوصية من خامنئي الذي درّسه أصول الفقه وهي واحدة من المناصب العليا في هذا البلد، ثم أصبح عضوا في مجلس تشخيص النظام الذي يترأسه الرئيس الايراني الاسبق هاشمي رفسنجاني، ثم عضوا في مجلس صيانة الدستور وهو المنصب الذي يحتفظ به لحد الان. وخلال وجوده في النجف كان اسمه محمود الهاشمي وهو من مقلدي آية الله الراحل محمد صادق الصدر (والد مقتدى الصدر)، لكن خامنئي فرض عليه تغيير لقبه حين قرّبه منه فأصبح اسمه محمود الشاهرودي، والآن وضمن خطوات إعادته إلى العراق، فقد تغير اسمه للمرة الثانية حتى أصبح محمود الهاشمي الشاهرودي، جامعا بين اللقبين العراقي والايراني.
ويراهن خامنئي على خلافة الشاهرودي للسيستاني، نظراً لصغر سنه مقارنةً بأعمار المراجع الشيعية العليا، حيث يبلغ عمره 62 عاما فيما دخل السيستاني عامه الـ 81، وهو من مواليد الرابع من آب/أغسطس عام 1930.
إستغلال القطيعة بين السيستاني والساسة العراقيين
وأشار الباحث إلى أن أعين الايرانيين بقيت معلّقة على مرجعية النجف، منذ سقوط النظام العراقي السابق، لكنهم كانوا يشعرون بالتخوف من خوض هذه المغامرة نظرا لقوة المرجع السيستاني في العراق وهيمنته على الأوضاع الدينية. لكنهم وفي الفترة الأخيرة وبعد سوء علاقته مع السياسيين العراقيين، وبعد أن أعلن مقاطعته لهم منذ أشهر ورفض استقبال أي منهم كما جرت العادة خلال السنوات الثماني الماضية، بسبب احتجاجه على عدم تنفيذهم لوعودهم بتحسين أوضاع المواطنين وتوفير الخدمات الاساسية لحياتهم، إضافة إلى تفشي الفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة، شعر الايرانيون أن الظروف قد أصبحت مناسبة الآن للزج برجل دين يمثل مرجعيتهم في العراق للتدخل في السياسة. وأشار إلى أنه ومن أولى هذه الخطوات وجود ممثلين عن الشاهرودي في النجف، وافتتاح مكتب له على بعد خطوات من منزل السيستاني في تحد واضح للمرجعية الشيعية العليا.
وعن الوسائل التي سيستخدمها مكتب الشاهرودي في النجف لكسب مقلدين ومريدين في العراق، اشار إلى أن تنفيذ هذه الخطوات قد بدأ فعلا، حيث قام المكتب بتوزيع مرتبات على طلبة الحوزة العلمية في النجف، بواقع مليون دينار عراقي (حوالى الف دولار) لكل واحد من طلبة الحوزة الذين يقارب عددهم العشرة آلاف من مختلف الجنسيات. وأوضح ان هذا الإجراء ليس مستغرباً فمن المعروف أن كل رجل دين شيعي يهيئ لإعلان مرجعيته بتوزيع مرتبات على طلبة الحوزة. وفي هذا الاطار أشار الباحث إلى أن الشاهرودي نفسه، قام قبل ثلاث سنوات بمحاولة توزيع ملابس على طلبة الحوزة لكنهم رفضوا ذلك كما رفض البعض منهم الآن استلام مبلغ المليون دينار، بتحريض من مرجعية السيستاني ومقلديه. وأضاف ان مكتب الشاهرودي يعدّ الآن من أجل كسب الشيعة تعيين ممثلين لهم في مختلف المدن والبلدات العراقية، حيث سيسعون إلى كسب مقلدين لمرجعية الشاهرودي ثم الدخول إلى اوساط العراقيين عن طريق انشاء مستشفيات ومدارس ومؤسسات إجتماعية ومراكز بحوث.
لإصرار على المضي في مهمة ليست سهلة
وفيما إذا كان لهذه الهجمة المرجعية الإيرانية علاقة بانسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية الشهر المقبل، استبعد الخبير ذلك موضحاً أن هذا الامر كان يطبخ على نار هادئة في قم، وفي الدوائر المحيطة بخامنئي منذ ثلاث سنوات. وأشار إلى أن مهمة الشاهرودي في العراق لن تكون سهلة نظراً لوجود مراجع شيعية أقدم منه، مثل محمد سعيد الحكيم واسحاق الفياض وغيرهما، ترى أنها الأحق في خلافة السيستاني، لذلك فهي ستقف بوجه سعيه للهيمنة على مرجعية النجف، لكنه توقع انتصاره على هذه التحديات نظراً للدعم المادي والمعنوي والإعلامي الضخم الذي سيحظى به من قبل أهم الدوائر الدينية والرسمية الإيرانية وفي مقدمتها المرشد خامنئي.
وتقول تقارير إنه إلى جانب الشاهرودي الذي يعتبر نجفي النشأة، ايراني النضوج والمشرب السياسي، يقف أساتذة عراقيون من الطراز نفسه، نشأوا في مدينة قم الايرانية، ويعتبرون مقربين من ايران حاليا قد يمثلون "لوبي ايراني" أخذ بالتشكل إستعداداً لخلافة المرجع السيستاني. وتشير إلى ثلاث شخصيات يشكلون "اقطاب مثلث قادم من قم، يحاول إحكام السيطرة على الحوزة النجفية" حيث يقود هذا اللوبي المحسوب على ايران، كل من آيات الله الشيخ هادي آل راضي والشيخ باقر الايرواني، ومحمود الشاهرودي، وكلهم من اساتذة قم البارزين. وأوضح أن مخاوف بعض مراجع الشيعة في النجف من هؤلاء يعود إلى القوة العلمية لهذه الشخصيات باعتبارهم أساتذة مارسوا التدريس لاكثر من ثلاثة عقود في حوزات قم .
إنقسام في حزب الدعوة حول مرجعية الشاهرودي
وعلى الصعيد نفسه، أشار قياديون بارزون في حزب الدعوة إلى وجود انقسام حاد يعيشه الحزب منذ وفاة المرجع اللبناني محمد حسين فضل الله في حزيران/ يونيو عام 2010، والذي كان يمثل الغطاء المرجعي لهم، موضحين أن الانقسام بلغ ذروته مع طرح اسم آية الله محمود الهاشمي الشاهرودي، كشخصية يمكن ان تعوّض غياب فضل الله، وخاصة مع افتتاحه لمكتبه بشكل رسمي في النجف وسط عدم ارتياح في الحوزة العراقية هناك.
وأضاف القياديون أن جناحاً آخر في حزب الدعوة يرفض تبني مرجعية رجل الدين القادم من قم، بسبب الإرتباطات الإيرانية لشاهرودي الذي شغل منصب رئيس السلطة القضائية في ايران لأعوام طويلة، ما سيعزز اتهامات التبعية لطهران التي توجه لحزب رئيس الوزراء نوري المالكي، كما نقلت عنهم صحيفة "العالم" في بغداد اليوم الاثنين. وقالوا إن "حزب الدعوة منقسم بشدة حيال الرجوع إلى الشاهرودي، حيث إن هناك اليوم جناحين : اولهما المؤيدون لذلك، يتقدمهم الشيخ عبد الحليم الزهيري والنائب حسن السنيد ومعهم حزب الدعوة تنظيم العراق، وكل هؤلاء يرتبطون بعلاقة مميزة مع ايران، لانهم عاشوا طيلة العقدين الماضيين فيها معارضين للنظام العراقي السابق. وأوضحوا ان "الجناح الرافض لمرجعية الشاهرودي يتزعمه كل من حيدر العبادي وحسين الشامي بما يسمى تنظيم لندن بحزب الدعوة"، مشيرين إلى ان "هذا الجناح يرى ان الارتباط بمرجعية معروف عنها قربها من القيادة الايرانية والمؤسسات الأمنية للحرس الثوري، سيعزز الإتهامات التي تواجه الحزب بأنه تنظيم سياسي مرتبط بإيران .
الشاهرودي في النجف وسيتبعه العشرات
وكان قد افتتح رسمياً في النجف في الثالث عشر من الشهر الحالي مكتب المرجع المقيم في إيران محمود الهاشمي الشاهرودي، بمقاطعة من مكتب السيستاني وحضور ممثلين عن مراجع الدين إسحاق الفياض وبشير النجفي ومحمد سعيد الحكيم وعدد من طلبة العلوم الدينية في النجف. وقال مدير المكتب ابراهيم البغدادي إن "افتتاح المكتب يأتي دعماً لجهود لملمة البيت الذي نعيش تحت ظلّه وهو العراق" مشيراً إلى أن "المكتب سيعمل على مساعدة المعوزين والأسر الفقيرة والأرامل والجرحى والأيتام، كما سيفتح أبوابه تدريجياَ لخدمة طلبة الحوزة العلمية". وأوضح في تصريح نقلته وكالة السومرية نيوز العراقية أن "افتتاح المكتب يهدف أيضاً إلى محاربة الثقافة الغربية الدخيلة على البلد والتي غيرت بعض ممارسة الشباب وبعض الأسر" لافتا إلى "وجود العديد من مقلدي المرجع الهاشمي الشاهرودي في العراق".
ومن جهته كشف محافظ النجف عدنان الزرفي، عن قرب قدوم عشرة علماء كبار من إيران إلى العراق في أعقاب قدوم الشاهرودي، وأكّد أن مرجعية الأخير ربما ستغني في جانب من الجوانب الثقافية الحوزوية مشيرا إلى أن النفوذ الإيراني يعد طموحا بالتمدد في العراق لاسيما بالحوزة.
وقال الزرفي إن "قدوم المرجع محمود الهاشمي الشاهرودي إلى النجف سيعقبه قدوم عشرة علماء كبار أو أكثر من إيران كما عاد العشرات من قبل". وأضاف أن "المرجعية الدينية الحالية في النجف والمتمثلة بزعامة السيد علي السيستاني، فاعلة وحيوية وقد أخذت الدور الأبرز على المستوى الوطني والإقليمي كونها تمثل الاعتدال الديني والثقافي ولم تنجر لأي حدث من الأحداث" مشيراً إلى أن "الشاهرودي إذا طرح نفسه كمرجع لا يمكن أن يكون أداة بيد الدولة". وشدد على أن "النفوذ الإيراني يعد طموحا للتمدد بأي منطقة من المناطق العراقية وبالحوزة بالذات، وهو ليس بجديد فهناك العشرات من العلماء الإيرانيين وغيرهم جاؤوا إلى النجف وأصبحوا مراجع".
وأكد محافظ النجف أن "قرار المرجعية يعد واحدا ولا يمكن تجاوز المرجع الأعلى بأي شكل من الأشكال، لذلك فإن عودة المرجع الهاشمي لا تستوجب ذلك القلق المفرط من قبل البعض". واعتبر أن "الشارع الشيعي مقسم ومفروز من ناحية التقليد، وهناك مرجعيات واضحة ومقلدوها أيضا واضحون".
وقد ولد الشاهرودي عام 1948 في محافظة النجف، وهو أول من تزعم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق قبل زعيمه الراحل محمد باقر الحكيم، الذي قضى بتفجير سيارته في النجف صيف عام 2003 بعد فترة قصيرة من عودته من ايران، كما يعد أحد أبرز تلامذة السيد محمد باقر الصدر، مؤسس حزب الدعوة الإسلامية مطلع ستينات القرن الماضي. ويعد محرك المعارضة العراقية التي كانت تتواجد في إيران كما أنه مؤسس تشكيلاتها والمشرف عليها، وهو مهندس الإرتباط بينها وبين السلطات الإيرانية العليا طيلة عقد الثمانينيات من القرن الماضي وحتى سقوط النظام العراقي .
هذا حسب ما نقلته احد وسائل الاعلام
ونحن بين مؤيد ومخالف