قال تعالى ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام و من يرد أن يضله يجعل صدره حرجاً كأنما يصعد في السماء ) الأنعام 125 .
تقدم هذه الآية الكريمة معجزة من وجوه عدة ، و هي تعرض حقيقة علمية ثابتة بأسلوب بلاغي دقيق ، و من وجوه هذا الإعجاز :
أولاً: صعود الإنسان في السماء ، فيوم سمع الناس بهذه الآية اعتبروا الصعود في السماء ضرباً من الخيال ، و أن القرآن إنما قصد الصعود مجازاً لا حقيقةً ، و الواقع أن هذه الآية تعتبر نبوءة تحققت ، في حياة الناس فيما بعد .
ثانياً : صحة التشبيه: فالارتفاع في الجو لمسافة عالية يسبب ضيقاً في التنفس و شعوراً بالاختناق يزيد كلما زاد الارتفاع ( يصّعد) ، حتى يصل الضيق إلى درجةٍ حرجةٍ و صعبة جداً أما سبب ضيق التنفس فيعود لسببين رئيسيين هما :
1 ـ انخفاض نسبة الأوكسجين في الارتفاعات العالية ، فهي تعادل 21% تقريباً من الهواء فوق سطح الأرض ، و تنعدم نهائياَ في علو 67ميلاً ، و يبلغ توتر الأوكسجين في الاسناخ الرئوية عند سطح البحر 100 مم ، و لا يزيد عن 25 مم في ارتفاع 8000 متر حيث يفقد الإنسان وعيه بعد 2ـ 3 دقائق ثم يموت .
2 ـ انخفاض الضغط الجوي : إن أول من اكتشف الضغط الجوي ، هو العالم تورشيلي و قدّره بما يعادل ضغط عمود من الهواء المحيط بالأرض على سطح 1سنتي متر مكعب منها وهو يساوي ضغط عمود من الزئبق طوله 67 سم ، و ينخفض هذا الضغط كلما ارتفعنا عن سطح الأرض مما يؤدي لنقص معدل مرور غازات المعدة و الأمعاء ، التي تدفع الحجاب الحاجز للأعلى فيضغط على الرئتين و يعيق تمددها ، و كل ذلك يؤدي لصعوبة في التنفس ،و ضيق يزداد حرجاً كلما صعد الإنسان عالياً ، حتى أنه تحصل نزوف من الأنف أو الفم تؤدي أيضاً للوفاة .
لقد أدى الجهل بهذه الحقيقة العلمية الهامة التي شار إليها القرآن ، إلى حدوث ضحايا كثيرة خلال تجارب الصعود إلى الجو سواء بالبالونات أو الطائرات البدائية ، أما الطائرات الحديثة فأصبحت تجهز بأجهزة لضبط الضغط الجوي و الأوكسجين .