يجمع الفنانون والنقاد السينمائيون بالمغرب على كون الهجرة الجماعية للمشاهدين المغاربة لقنواتهم التلفزيونية مؤشر مقلق يستدعي من المعنيين التقاط إشارة المشاهد الذي يدفعه عدم الاقتناع بالأعمال المقدمة للسفر إلى القنوات العربية والغربية.


ووفقا للأرقام التي أعلنتها مؤسسة 'ماروك متري' المتخصصة في قياس نسب المشاهدة في المغرب، فإن 47% من المغاربة يفضلون مشاهدة البرامج الرمضانية على القنوات الأجنبية، كما أن النسبة العامة للمشاهدة للبرامج المغربية خلال شهر رمضان لهذه السنة تراجعت بـ15% مقارنة بالسنة الماضية.


ويرى المخرج والناقد السينمائي حسن بنشليخة أن البرامج الرمضانية لهذا العام كانت مجرّد إعادة تدوير، واعتمدت على الصدمات البصرية من خلال ضخامة التأثيث الذي يشبه الديكور الأميركي، والتباهي باستعمال اللغات الأجنبية أو الدّارجة المحلية من دون معنى أو هدف.


وأرجع بنشليخة السبب إلى من وصفهم 'بالمنتجين السماسرة' الذين يقدّمون أعمالا غير مطابقة للذوق الفني، وأن مسؤولي التلفزيون يتعاملون مع شهر رمضان بمنطق البقرة الحلوب ليصير الضحية في الأخير هو المشاهد والمال العام.


تذمّر
غير أن الناقد الفني والسينمائي مصطفى الطالب قال للجزيرة نت إن نسب التراجع المسجّلة ليست كبيرة، لكنها تدل على تذمر المشاهدين بخصوص برمجة رمضان لهذه السنة، والتي لم ترق إلى تطلعاتهم فنيا وموضوعيا، لأنّها غلّبت الأعمال الكوميدية على الأعمال الدرامية التي تجلب جمهورا واسعا نظرا لقربها من قضايا المجتمع، كما هو الشأن هذه السنة مع مسلسل 'وعدي' الذي يعرف إقبالا رغم تواضعه إذا ما قورن مثلا مع سلسلة 'بنات للامنانة'.


ولا يرى الطالب أن الدراما المغربية تعاني من العجز المادي الذي يشكل العائق الأكبر للدراما التاريخية والدينية، حيث تتوفر للقنوات الرسمية الإمكانيات المادية، بل إن معاناتها تتمثل في 'مشكل الكتابة وغياب العمق والنّهل من الأدب المغربي، واحتكار الميدان من طرف شركات إنتاج محدودة، وعدم فتح المجال أمام طاقات أخرى لها رؤية متطورة للعمل الفني'.


وينفي بعض النقاد والفنانين الربط بين ضعف الإقبال على الأعمال الفنية المقدمة على القنوات الوطنية وبين كفاءات ومؤهلات الممثلين المغاربة.


عشوائية
ويرى الممثل المغربي ياسين أحجام أن مشكلة الإنتاجات الرمضانية تتمثل في مسارعة الزمن لتقديم منتوج في أقصر وقت ممكن، وهو ما يجعلها تسقط في الارتجالية والعشوائية.


وقال أحجام للجزيرة نت إنه لا يمكن إلقاء اللوم على الفنان الذي يعتبر حلقة مكمّلة لأعمال أخرى ترتبط بالسيناريو، والرؤية، والإخراج، إضافة إلى جوانب التنظيم والتخطيط والإدارة.


وفي هذا السياق أوضح الفنان المغربي عبد الحق بلمجاهد للجزيرة نت أنه بإمكان الدراما المغربية منافسة نظيراتها المصرية والسورية واللبنانية، 'فقد أبان الفنانون والتقنيون والمؤلفون المغاربة الذين اشتغلوا مع الأجانب عن كفاءاتهم، ويحتاجون فقط إلى التقدير ورد الاعتبار'.


وفي الاتجاه نفسه قال الطالب إن المغرب يتوفر على ممثلين أكفاء وطاقات شابة قادرة على رفع التحدي لكنها تنتظر الفرصة، ولذلك على المسؤولين عن التلفزة المغربية أن يدركوا مغزى هذا الكلام، لأن الصناعات الفنية التلفزيونية في تطور كبير تجب مسايرته و'إلا سنستمر في استهلاك ما ينتجه الأجانب'.


وأضاف أن الهجرة إلى القنوات العربية الأكثر جذبا ستستمر إذا لم يُلتفت إلى الانتقادات القائمة، وإلا فإن الدراما المغربية لن تستطيع رفع تحدي المنافسة، وهذا يستوجب 'تطوير المواضيع والمعالجة الدرامية، واستثمار التراث الغني والمتنوع بالمغرب، والمشاهد الطبيعية التي لم تستثمر بعد على المستوى التلفزيوني أو السينمائي'.





منقول