Thursday 17 May 2012
من أدولف هتلر إلى روبرت موغابي
خمسة طغاة وعلاقات عسيرة مع أمهاتهم قبل السلطة
ستالين في شبابه وأمه ايكاترينا
شهد التاريخ السياسي على مر عصوره طغاة كتبوا بعض أكثر فصوله دموية وحكموا شعوبهم بالقهر والترويع، بحيث يخالهم المرء مجردين من أبسط العواطف الإنسانية. لكن تقريرًا في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية يرفع النقاب عن علاقات بعضهم المدهشة - إيجابًا أو سلبًا - مع أمهاتهم.بين ما كتبه مؤسس علم التحليل النفسي سيغموند فرويد - الذي تمتع برابط لصيق مع والدته - أن «أولئك الذين يجدون حظوة خاصة لدى أمهاتهم يظهرون لاحقًا سمات تكاد تكون بطولية. وتتمثل هذه في قدر هائل من الاعتماد على النفس وتفاؤل لا يُزعزع، يدفعان بهم إلى آفاق النجاح الباهر».
بغضّ النظر عن اتفاق المرء أو اختلافه مع هذه المقولة، تبقى الحقيقة وهي - وفقًا لمجلة «فورين بوليسي» - أن بين أولئك الذين صنعوا التاريخ طغاة ربما جمع بينهم أن كياناتهم تشكلت إما وفقًا لعلاقة حب ورحمة أو خليط متنافر من حب وبغض أو مرارة صافية مع أمهاتهم.
الأمثلة عن أثر الأم عديدة عبر التاريخ، وخذ الإسكندر الأكبر مثلاً. فقد كانت أمه أولمبياس هي القوة الدافعة وراء جلوسه على عرش مقدونيا. ونابليون بونابارت كان مدينًا لوالدته ليتيزيا بتعلمه النظام والانضباط. وقال هو مصداقًا لذلك إنها كانت تجبره على النوم خالي المعدة في حال أبدى أي قدر من الانفلات. لكن تاريخ طغاة العصر الحديث (غير العرب) من زاوية علاقاتهم بأمهاتهم هو ما يعنينا هنا. وإليك بعض الأمثلة:
جوزيف ستالين
كانت العلاقة عاصفة بين جوزيف ستالين ووالده السكيّر، الذي كان يضربه بلا رحمة، وبالمقدار نفسه الذي كان يوجّهه نحو بقية أفراد أقاربه.
تُذكر للفتى جوزيف حادثة عندما جاء إلى مركز للشرطة في بلدته الجورجية، حيث نشأ وكان مغطى بالدم، ويصرخ قائلاً إن أباه في سبيل قتل أمه إيكاترينا الملقبة «كيكي».
كانت كيكي تكدح بالعمل في غسل الملابس حتى يتسنى لابنها القبول في إحدى مدارس الكنيسة (ولاحقًا للتأهل كقسيس). وكانت امرأة قوية الشكيمة صارعت زوجها - الذي هجرها وجوزيف في طفولته بعد - من أجل استرداده منه بعدما اختطفه وألحقه بورشة إسكافي لتعلم المهنة.
وكانت الأم نفسها قاسية عليه، تنزل به صنوف العقاب كلما أساء التصرف في المدرسة. ورغم عُسر العلاقة بينهما فقد أنزلها في قصر خاص بها بعد توليه السلطة لكنه نادرًا ما كان يزورها.
وكانت هي، من جهتها، غير سعيدة بأنه صار «قيصر» الإمبراطورية الروسية الجديد، وتقول له كلما زارها: «ليت المطاف انتهى بك قسيسًا يا بني»!.
أدولف هتلر
كلارا هتلر والدة الفوهرر
مثلما كان الحال مع ستالين، عُرف أن علاقة أدولف هتلر بوالده كانت سيئة بسبب أدائه الضعيف في المدرسة. لكنه كان يبجل والدته كلارا، على الأقل بسبب تشجيعها له على تنمية مواهبه التشكيلية... وبمباركتها غادر منزل الأسرة وهو صبي، في 1907، ليجرّب حظوظه الفنية كرسّام في فيينا. على أنه عاد - لفترة وجيزة - بعد مماتها بالسرطان في ذلك العام نفسه. وليس ثمة شك في أن علاقته بها كانت ذا أثر بالغ في تشكيله النفسي الذي قاده إلى مفاهيم كالتفوق (والتفوق العرقي تحديدًا) وما شابه ذلك من أسس انطلق منها ليمهّد طريقه إلى السلطة على رأس الرايخ الثالث
أو ألمانيا النازية.
روبرت موغابي
موغابي أحزن والدته يوم توليه السلطة
قلما تحدث الرئيس الزمبابوي عن والدته بونا، التي يُعرف أنها كانت كاثوليكية متدينة، أصيبت بالاكتئاب بعدما هجرها زوجها ومات ابناها الكبيران.
وكان بين القليل الذي أدلى به موغابي نفسه عن طفولته وصباه في كنفها لقاء قبل سنوات مع الصحافية الزمبابوية هايدي هولاند، قال فيه: «أعتقد أنني عشت القدر الأكبر من حياتي وقتها داخل عقلي، وكنت أحب فقط التحدث إلى نفسي».
ورغم الفقر المالي الذي نشأ فيه مع والدته، فقد كان الفقر العاطفي الناشئ عن فقد أبيه ذا أثر كبير في حياته. وعليه فقد ألقى بكل كيانه في علاقته بأمه ومنها تعلم الاعتماد على النفس والسعي إلى الإنجاز، فبشرته بمستقبل تختاره فيه السماء لدور عظيم.
لكن هذا أمر يتضارب مع رواية أحد «تلامذة» موغابي في كتاب أصدره الصحافي الزمبابوي من أصل انكليزي - بولندي، بيتر غودوين، عن سيرة حياة الرئيس الأفريقي.
فقد جاء فيه أن والدته لم تكن سعيدة بتوليه السلطة (عندما صار رئيسًا للوزراء في 1980). وينقل عنها هذا «التلميذ» قولها يوم أدائه اليمين الدستورية إن ابنها «ليس مؤهلاً للقيادة لأنه لا يستطيع رعاية الآخرين».
سلوبودان ميلوسيفيتش
ميلوسيفيتش حقق أمنية أمه بصعوده إلى القمة
عاش الرئيس الصربي حياة مبكرة صعبة، إذ ولد وبلاده يوغوسلافيا محتلة من النازيين.
وكما حال موغابي، فقد هجر والده الأسرة وهو صغير. وهكذا صارت والدته ستانسلافا، التي كانت معلّمة وناشطة شيوعية، محور كونه كله.
وتبعًا لكاتب سيرته الصحافي البريطاني، آدم لوبور، فقد كانت «تحرص على خروجه إلى المدرسة بقميص نظيف ناصع البياض - مثل نسخة مصغرة من المسؤول الحزبي الذي كانت تتمنى أن يؤول حاله إليه في كبره».
لكن سلوبودان، تبعًا لصحيفة «نيويورك تايمز»، كان صبيًا بدينًا وانطوائيًا بلا أصدقاء مقربين. وعندما التحق بالجامعة ارتبط بعلاقة عاطفية مع زميلة له تدعى ميرا، وكانت مصدر سرور عظيم لوالدته. لكنها هجرته في إضافة مأسوية إلى حياته، إذ تعرّض لحادثتين الثانية، أمرّ من الأولى.
فقد انتحر أبوه، وأصيبت والدته بسبب ذلك بالاكتئاب، الذي أدى بها إلى شنق نفسها بعد 10 أعوام. وكان سلوبودان يلوم نفسه فقط في موت والدته، وقال لأحد أصدقائه إنها لم تغفر له نهاية علاقته بميرا، وإن هذا - وليس انتحار والده - هو الذي قتلها.
جان - كلود دوفاليير
في 1971 عندما خلف الرئيس الهايتي جان - كلود دوفاليير، المعروف بلقب «بيبي دوك»، والده «بابا دوك» في السلطة وكان في سن 19، كانت والدته سيمون، التي يُشاع أنها كانت نشطة في مجاهل السحر الأسود، هي الدينامو المحرك وراء العرش بحيث منحها ابنها لقب «راعية الثورة».
دكتاتور هايتي دوفاليير ووالدته سيمون