نظرية الخداع بدافع التقوى
وهي نظرية ظهرت في المسيحية وأنتقلت عدواها للاسلام . وتعتمد هذه النظرية على فكرة (أن خطيئة الكذب تبررها الأهداف السامية للتغلب على خطيئة أكبر وهي عدم الايمان ). بمعنى اخر أن الاديان بحاجة الى ممارسة الخداع لأعادة الأيمان في قلوب الناس . مثل فبركة المعجزات وتزوير الاثار المقدسة وتشويه الوثائق التاريخية والتعدي على سرية الاعتراف الكنسي . ومن الامثلة على فبركة المعجزات :
1- قيام قس بقراءة كلمات من الأنجيل على شخص مشلول فيتمكن هذا المشلول من تحريك اقدامه بشكل مفاجيء يثير دهشة وعواطف الحاضرين . ليصرخ القس بصوت عالي هللويا (بمعنى سبحوا لله - أشارة لحدوث معجزة -).
2- أشاعة قصة عن فتاة مريضة عجز الاطباء عن علاجها وشاهدت العذراء مريم في المنام ( او السيدة زينب في الرواية الشيعية) . وساعدت على شفائها عن طريق المعجزة وطلبت منها كتابة هذه القصة أربعة عشر مرة وأرسالها وتوزيعها وتطلب في نفس الوقت من كل من يقرأها ان يكتبها أربعة عشر مرة . ومن يكتبها يرزقه الله ويوفقه ومن لا يكتبها ينزل عليه البلاء . ولا بد أن نشير أن المرجع الشيعي علي السيستاني وغيره من المراجع كذبوا هذه القصة ودعوا الى عدم الألتفات اليها .
3- نشر مقطع فيديو لفتاة تحولت الى كائن مشوه (معسلانة - سعلوة) لأنها كانت تسمع الاغاني ولا تقرأ القران وحين كان والدها يقرأ القران ثارت أعصابها وأخذته منه وقامت بتمزيقه ورميه في المرحاض فتحولت الى معسلانة . ويظهر في هذا الفيديو صورة مدبلجة لكائن مشوه . وتجد في المقطع أسم المستشفى التي ترقد فيها هذه الممسوخة .
4- نشر مقطع فيديو لقبر تخرج منه افاعي . وتبيان ان صاحب هذا القبر كان يستمع الى الاغاني في حياته .
5- نشر مقطع فيديو لمجموعة يقومون بشعيرة التطبير ويظهر بينهم خيال لرجل لا يراه الباقين ويذكرون في المقطع أنه الأمام المهدي يشاركهم العزاء والغاية من المقطع واضحة وجلية وهي دعم هذه الشعيرة .
6- نشر مقطع فيديو لبقرة تذبح وأثناء ذبحها تصرخ ( يا حسين ) وكوني من المؤمنين بالحسين ابن علي وبحركته الثورية الرائدة . أشعر باهانة كبيرة وهذه الحيلة هي اتفه حيلة شاهدتها في حياتي . وتمثل أكبر أسائة لشخص الحسين أبن علي ومكانته التاريخية .
7- أشاعة قصة ان فتاة خرجت من القبر بعد موتها . وقد تحول نصف جسدها الى نار وقد شاهدها أهلها حين ذهبوا لزيارة قبرها وهي على هذا الحال وحين سالوها عن سبب ما حصل لها قالت أن السبب هو عدم أرتدائها للحجاب وشاعت هذه القصة في نهاية الثمانينات وقالوا حينها انها ترقد في مدينة الطب والدخول لها متاح للجميع لتكون عبرة .
وغير ذلك من القصص والممارسات المشابهة التي قام بها مسيحيين ومسلمين (سلفيين وسنة وشيعة) . و تهدف بالدرجة الاساس الى أعادة الناس الى الدين وأبعادهم عن طريق الفساد والفجور (حسب وجهة نظرهم). عن طريق الفبركة والكذب . بطبيعة الحال تعتمد هذه النظرية على مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) وبما أن الغاية هي نصرة الدين وأعادة احيائه فلابد أن تكون الوسيلة مبررة ومقبولة حتى لو كان منهي عنها في الدين . لكن الذنب المترتب عليها ستمحيه الغاية التي ستحققها وهي نشر الدين وغرس الأيمان في قلوب الناس .
كيف يفكر من يمارس الخديعة باسم التقوى ؟
من يستعمل هذه الاساليب ليس مؤمن بسيط . هو في الواقع مؤمن غير عادي . وردت أمامه روايات تتحدث عن حدوث معجزات . وهو يؤمن بها الى ابعد الحدود . لكنها مع الأسف توقفت عن الحدوث . بعد تفكير طويل سيقول في نفسه ( ما هي المشكلة لو اعدت تمثيل معجزة حدثت فعلا ؟هل سيحاسبني الله لو أعدت أحياء معجزة من معاجزه ؟ لا اظن ان الله سيحاسبني لأني قمت بأعادة تمثيل معجزة قام بها سابقا ؟ ما هي المشكلة ؟ بالعكس سيكافئني الله لأني رسمت للناس لوحة من أصدق اللوحات التي تعبر عن وجوده وقدرته ) بهذه الطريقة وغيرها سيبرر لنفسه القيام بالخديعة والكذب لخدمة الدين . هذا لو كان مؤمنا حقا . أما لو كان كاذبا يريد الانتفاع ويريد ديمومة الدكان الذي ينتفع منه والذي يزيد ثرائه يوما بعد يوم . فلن يحتاج الى تبرير وفلسفة خاصة . ولن يجد أجمل وأروع من الخديعة والفبركة لأنجاح مشروع ( المول الديني التجاري الخاص به ) . أما المؤمن البسيط فهو من يصدق هؤلاء ويدافع عنهم ويبذل في سبيلهم الغالي والنفيس . المشكلة الكبرى لا تكمن في هؤلاء فقط بل تكمن في من يصدقوهم وهم كثر لسوء الحظ . والمشكلة انهم ليس فقط يصدقوهم بل يدافعون عنهم بقوة وبقمعون كل من يشكك بهم ليشكلون بذلك حصانة شعبية لهم .
بقلم : حسنين السراج
المصدر :
المعجم العلمي للمعتقدات الدينية...ص[165-486]
----------------------------------------------------