أبو نُؤاس
يا دارُ! ما فعَلَتْ بكِ الأيّامُ،
ضَـامَتْكِ ، والأيامُ ليسَ تُضامُ
عَرَمَ الزّمانُ على الّذينَ عهدتهمْ
بكِ قاطِنين، وللزّمان عُرامُ
أيّـامَ لا أغْـشى لأهْلِـكِ مَنْـزِلاً ،
إلاّ مُـرَاقَـبَـةً ، عليّ ظَـلامُ
لقـد نَـهَـزْتُ مع الغُـوَاتِ بِدَلْوِهِـمْ ،
وأَسَـمْـتُ صَـرْحَ اللّـهْـوِ حيثُ أساموا
وبلَغتُ ما بَلَغَ امرُؤٌ بشَبابِهِ،
فإذا عُـصـارَة ُ كلّ ذاكَ آثـامُ
وتجَشّمَتْ بي هوْلَ كلّ تنوفةٍ ،
هَوْجاءُ فيها، جرأةً ، إقْدامُ
تَـذَرٌّ المَـطَـيَّ وراءَها ، فكأنّها
صَـفٌّ تَـقَـدّمَـهُـنّ وهي إمـامُ
وإذا المَطيّ ينا بَـلَـغْنا محمّـداً ،
فَـظُـهورُهُـنّ على الرّجالِ حَـرامُ
قرّبننا من خيرِ مَن وَطىء َ الحصَى ،
فلها علينـا حُـرْمَـةٌ وذِمـامُ
رُفِعَ الحِجابُ لنا، فلاح لناظِرٍ
قَمَرٌ تَقَطَّعُ دونَهُ الأوهامُ
مَلِكٌ، إذا عَلِقَتْ يداكَ بحَبْلِهِ
لا تَعْتَـريكَ البؤْسُ والإعْـدامُ
مَـلِـكٌ تَوَحّـدَ بالمَكارِمِ والعُلى ،
فَـرْدٌ ، فَـقَـيـد النّـدّ فيـهِ ، هُـمــامُ
مَـلكٌ أغَـرُّ ، إذا شَـرِبْتَ بِوَجْهِـهِ ،
لمْ يَعْدُكَ التّبْـجيـلُ والإعْـظامُ
فالبَهْوُ مُشتَمِلٌ ببَدْرِ خلافَةٍ ،
لبِسَ الشّبابَ بنورِهِ الإسْلامُ
سَـبْـطُ البَـنَـانِ ، إذا احْـتَبى بِنِجـادِهِ
فَـرَعَ الجَمـاجِـمَ ، والسّـماطُ قِيـامُ
إنّ الذي يَرْضَى الإلَهُ بِهَدْيِهِ،
مَلِكٌ تَـرَدّى المُلْكَ وهو غُـلامُ
مَلِـكٌ ، إذا اعْـتَـصَـر الأمـورَ ، مَضى بهِ
رَأيٌ يَـفُـلُّ السّيفَ ، وهو حُسامُ
داوى يه اللهُ القـلوبَ من العَمَى ،
حتى أفَقْنَ، وما بهنّ سَقامُ
أصبَحتَ يا بنَ زَبيدَةَ ابنةِ جعفرٍ
أمَـلا لِـعَـقْـدِ حِـبالِـهِ اسْـتِحْكامُ
فسَلِمتَ للأمْرِ الذي تُرْجَى لهُ،
وتَـقاعَـسَـتْ عن يوْمكَ الأيـامُ