Wednesday 16 May 2012
كيف يستخدم العراق تلفزيون الواقع والفيسبوك لإلهام جيل صانعي السلام؟
يعد تلفزيون الواقع التفاعلي ومواقع التواصل الاجتماعي من المحركات الملهمة لمجموعة من الشباب العراقي تطالب بمستقبل مختلف، حيث الحلول السلمية والمساواة. بحسب تقرير لأليسا سكيلتون نشره مركز الإعلام الاجتماعي في الولايات المتحدة الأميركية.
وتقول سكيلتون ان نارين، عراقية عمرها 18 عاما، حجبت اسمها الأخير، لأسباب تتعلق بالسلامة، وتألقت في أول استعراض لتلفزيون واقعي للشباب يدعى برنامج سلام شباب، للمنافسة على لقب "سفير السلام" العام الماضي.
وسلام شباب برنامج تلفزيوني تنافسي يهدف بالشكل النهائي الى توحيد العراق عن طريق بناء السلام.
وتذكر سكيلتون أن الخطوة الأولى لصنع السلام هي جلب عراقيين من مختلف الأعراق والأديان والخلفيات الجغرافية لاحترام وفهم بعضهم، والعمل سويا.
وتفيد بأن العراقيين عندهم اعتزاز محلي عال، لكنهم لا يملكون إحساسا قويا بالقومية، وقد يرجع ذلك الى حقيقة أن المناطق العراقية مقسمة، والسفر الى محافظات مختلفة محدود، ومعظم الشبان لا يتفاعلون مع الناس من المناطق المختلفة، أو ممن تركوا مناطقهم. وسبب ذلك عدم وجود فهم ووعي ثقافي في أمة مليئة بهويات مختلفة.
ويلقي البرنامج الضوء على الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما في مختلف مناطق العراق للتنافس ضمن فرق في 4 تحديات – عقلية وجسمانية وأداء وتأليف فيلم قصير. والفرق عبارة عن تكتلات من الشباب من مختلف المناطق وانتظموا لتعريف الشباب الى الناس من مناطق أخرى من البلاد.
وأظهر الموسم الأول شبابا من 6 محافظات، وجرى تصويره في أربيل، المنطقة التي تعيش فيها نارين. وبالرغم من أن مجموعة نارين لم تتمكن من اجتياز الجولة الثانية، فإن برنامج سلام شباب غيّر حياتها ومنحها القوة للتركيز في أحلامها بأن تصبح محامية، وتدافع عن حقوق الإنسان.
وتقول نارين "آمل أن يكون العراق آمنا وسالما، ومهما كان قبل سنوات عديدة، وأتمنى أن أقيم ورش عمل لتعليم الشباب العراقي مدى أهمية الحفاظ على هويتهم، وكيف يعملون سويا من أجل صنع السلام".
وسيتم بث الموسم الثاني من العرض في حزيران، وسيجري إنتاج الموسم الثالث نهاية الصيف.

كيف توحد وسائل الإعلام تفاعلية الشباب العراقي؟
وتشير كاتبة التقرير الى أن لدى البرنامج موقعا الكترونيا فاعلا، يتبعه حساب فيسبوك متزايد. وبعد بث الموسم الأول من البرنامج، ذهب المشاركون الى بيوتهم وتوجهوا الى الإعلام المحلي لمواصلة الحوارات بشأن السلام.
وتقول نارين إنها تتحدث مع رفاقها من المشاركين في برنامج سلام شباب في مواقع التواصل الاجتماعي لمناقشة الأخبار والسلام والقضايا السياسية. وتعتقد أن "الشباب العراقي أكثر تفتحا عقليا بسبب الانفتاح على العالم، عن طريق وسائل الاعلام التفاعلية، وإن علموا بأن أصواتهم تسمع ويوجد هناك آخرون يهتمون لآرائهم، فسيكونون قادرين على التعبير عن أنفسهم أكثر، وسيكونون قادرين على التغيير أو التأثير في البيئة السياسية".
ويقول شيلدون هايملفارب، مدير معهد السلام الأميركي لمركز الإبداع في الإعلام والصراع وصنع السلام، إن الاعلام التفاعلي يلعب دورا متزايدا في تأكيد قدرة الشباب في الحديث عن رؤيتهم للمستقبل.
والتقى المشاركون في برنامج سلام شباب، مع الشباب الذين يتابعون البرنامج عبر موقعه الالكتروني وصفحة الفيسبوك الخاصة به، لمناقشة ما يمكنهم فعله من أجل خلق مستقبل أفضل لقادة العراق من الجيل المقبل.
ويقول تيو دولان، رئيس برنامج معهد السلام الأميركي، إن "الشباب مهمشون في العراق، وان 50 % من السكان هم تحت 19 سنة، وان تلك النسبة الكبيرة من السكان تعيش على هامش الحوار الاجتماعي، ونحن نمنحهم المنبر، وهم يقومون بأشياء رائعة".
وعلى الرغم من أن التلفزيون قد يظل الوسيلة البارزة للعراقيين في الاستهلاك الاعلامي، فإن التقارير تشير إلى أن الاعلام الاجتماعي أصبح يستخدم بشكل أكثر تواترا في العراق، بحسب سكيلتون.
ووجد استطلاع لمنظمة آيريكس في 2001 أن الفيسبوك هو الشبكة الاجتماعية الأكثر شعبية في العراق، وأن أكثر من 80 في المئة من المشاركين في الاستطلاع لديهم حسابات في الفيسبوك، وأن غالبية المستخدمين تتراوح أعمارهم بين 18 و43 عاما.
ويقول هايملفارب "في معظم أجزاء العراق، يمكن أن تعتمد على الكهرباء لساعتين أو 4 ساعات في اليوم. وتشير البيانات الى أن الشباب العراقي يقضون وقتا على الانترنت أكثر من الساعات التي يمتلكونها من الكهرباء".

مصالح الولايات المتحدة في برنامج سلام شباب
وتقول سكيلتون "بعد ان نشؤوا خلال حرب العراق ونظام صدام حسين، تربى الشباب على انعدام الثقة بالحكومة والقادة السياسيين، ومن خلال بحث ودراسات، وجد معهد السلام الأميركي ان الشباب يريدون صوتا لكن لا أحد يسمعهم، وهذه واحدة من الأسباب العديدة التي دفعت معهد السلام الأميركي أن يقرر تمويل برنامج سلام شباب. ويتيح البرنامج للشباب مناقشة القضايا السياسية المهمة التي يواجهها البلد وحل المشكلات، ويمنح ايضا الفرصة الأميركية للترويج للديمقراطية، وبناء علاقة أفضل مع شباب العراق".
ويلفت دولان إلى أن "التصلب السياسي في العراق صعب، والمكاسب تصبح محدودة، وهذا هو السبب الذي يجعلنا نستهدف هؤلاء بين 14و18 عاما. سيكون هناك بديل للجيل، وسيكون هؤلاء الصغار قادرين على الوصول الى التلفزيون والانترنت للتعبير عن أنفسهم، ويمكن أن يحوروا اتجاه الصراع ويحدثوا فرقا".
وتنوه سكيلتون الى أن البرنامج الذي يموّل إنتاجه معهد السلام الأميركي ألفته ماجيك كاربت للإنتاج الإعلامي، وهي شركة إنتاج عراقية مركزها في الأردن. وقدم معهد السلام الأميركي مبلغ 5 ملايين دولار تكاليف إنتاج الموسم الأول. ويبلغ طاقم الإنتاج 50 شخصا جميعهم عراقيون وبضمنهم حسام هادي منتج البرنامج.
وتشير سكيلتون الى أن هادي مرّ بالكثير من الأوقات الصعبة كي يظهر البرنامج كما هو اليوم، بعد أن كان يلاحقه عدي صدام حسين، لرفضه العمل في تلفزيون الشباب، ثم اختطف عل أيدي الإرهابيين.
ويقول هادي انه أخيرا يستخدم مهارته في الانتاج التلفزيوني من أجل الترويج للسلام في العراق، وقد منحه اختطافه الدافع للتركيز في تغيير المستقبل في العراق.
ويتابع "لم أدع تلك التجربة تكسرني، بل جعلتني أقوى، وهذا شجعني أن أكون جزءا من حملة السلم لأني لا أريد أن يعاني أولادي من هؤلاء الناس، وحصلت على الفرصة للعمل في برنامج سلام شباب، وهذا العرض يمثل الأمل لإعادة بناء العراق، ويجعله أفضل اليوم".
وترى سكيلتون من حديث هادي أن العرض يصنع تأثيرا على الشباب المشاركين فيه، ويحول وجهات نظرهم الى التنوع، الذي سوف يساعد الجيل المقبل على وضع خلافاتهم جانبا.
وتنقل سكيلتون أن معهد السلام يتتبع مختلف آراء الشباب عن طريق البرنامج بإجراء استطلاع على المشاركين، فيما تشير البيانات الى تحول في الانفتاح على الثقافات الأخرى.
وقال تقرير لمعهد السلام الأميركي ان 64 في المئة من الشباب اتفقوا على قبول حوار الثقافات بين مختلف المجموعات التي يتألف منها المجتمع العراقي، والتي تشكل خطوة مهمة في بناء عراق آمن.