-لماذا اخترت النسيان فصلاً أولاً وليس الحبّ ؟ لأن النسيان يؤسس الحبّ ذاكرته الجديدة ، ومن دونه لا يمكن لحبّ أن يولد . ولأنه الفصل الذي يتفوق فيه علينا الرجال ، ويذهلوننا بقدرتهم على التعافي والشفاء ، بينما تترك بعض النساء سنوات من أعمارهن ، فائض قيمة مضافة .. ثمناً لنسيان رجل سبق لحبه أن أخذ منهم سنوات أخرى .
~~
-اصمدي ! اعرف صديقة أبدعت في الحالتين ، كانت قد انفصلت عن الرجل الذي تحبه قبل أشهر ، فلم تطلبه في عيد ميلاده رغم كونها تعرف تماماً التاريخ بحكم السنوات التي اختفلت فيها به . ثم في العام التالي هاتفته في المناسبة إياها ، ولم يصدق أن تكون تذكرته أخيراً ، لكنها عكرت عليه فرحته حين قالت ببراءة ماكره « ماهاتفتك العام الماضي في عيد ميلادك لأنني كنت مازلت أحبك وأقوم بجهد الإمتناع عن الاتصال بك . لكن ، وقد انطفأت تلك الحرائق منذ ذلك الحين ، أصبح بإمكاني اليوم أن أتمنى لك من قلبي عيد ميلاد سعيد »
~~
-كلما اتسعت القطيعة تحوّل الحب إلى ضرب من المنازلة العاطفية الموجعة . كل واحد يريد من خلالها ليّ ذراع الثاني ، مراهناً على أن الآخر لا بد أن تهزمه الأشواق ، وأنه حتماً أول من سينهار ويرفع السماعة أو يرسل رسالة هاتفية ، لكن غالبا ما ينقلب السحر على العاشق . وبدل أن يقرب البعاد المحبين . بفرقهم نهائياً ، ويبدأ عندها كل واحد بالتشكيك في عواطف الآخر وينوب عن شوقه إليه حقده عليه ، وعندها تغدو لا رغبة لكل واحد إلا بالانتقام لكرامته العاطفية . ومايرى فيه الردّ الأكثر إيلاما للآخر . لعبة غبية وسادية قد يمتد دمارها إلى سنوات عدّه . حب كهذا لا يليق بغير النفوس المريضة . لقد وجد الحب لنتحدى به العالم لا لنتحدى به من نحب . في الواقع كانت لمة واحدة تكفي . كان يكفي رنة هاتف وصوت يباغتك بقول « اشتقتك » « مانسيتك » « احتاجك » لكن لا هاتف يدق. والحب الذي ولد وسط شلالات الكلمات الجميلة .. يموت لأن كلمة واحدة تنقصه !
~~