ﻓﻲ ﺍﺣﺪ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﺍﻣﻴﺮٌ ﻋﺎﺩﻝ ، ﺷﻐﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﻏﻞ ﺗﻔﻘﺪ ﺍﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﻋﻴﻪ ، ﻭﻗﻀﺎﺀ ﺣﻮﺍﺋﺠﻬﻢ ، ﻭﺍﻟﺴﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺣﺘﻬﻢ ، ﺇﺭﺿﺎﺀً ﻟﻠﻪ ﻭﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺳﺨﻄﻪِ ﻭﻋﻘﻮﺑﺘﻪِ . ﺇﺫ ﺍﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﺍﻣﺎﻧﻪ ﻗﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﻓﻲ ﻳﺪﻩِ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳُﺴﻠﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺣﺴﺎﺑﻪُ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺪﻳﺎﻥ ﻋﺴﻴﺮ .
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻣﻴﺮ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪِ ﻳﺠﻮﻝ ﺍﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﻪ ﻳﺘﻔﻘﺪ ﺭﻋﺎﻳﺎﻩ ﻣﺘﺨﻔﻴﺎ ﻭﻗﺪ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺴﻮﻕ ، ﻭﺇﺫ ﺑﻪِ ﻳﺮﻯ ﺭﺟﻼً ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﺘﻜﺒﺮ ، ﻗﺪ ﺣﺎﻛﺖ ﺍﺧﻼﻗﻪ ﺍﻟﺬﻣﻴﻤﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺑﻐﻴﻀﻪ ﻟﻮﺟﻬﻪِ ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻳُﻌﺮﻑ ﺑﻬﺎ .
ﺗﻌﺠﺐ ﺍﻻﻣﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻪِ ، ﻭﻟِﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻝ ، ﻭﻗﺮﺭ ﺍﻥ ﻳﺴﻌﻰ ﻷﻥ ﻻ ﻳﻨﺠﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻔﻌﻠﺘﻪِ ، ﺇﺫ ﺍﻥ ﺍﻟﺘﻜﺒﺮ ﻭﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﺎﺩﻩ ﺫﻣﻴﻤﻪ ، ﺗﻮﺭﺙ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻛﺮﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺑﻌﺪﻫﻢ ﻋﻨﻪ .
ﻭﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻣﺮﺓ ﺍﻻﻳﺎﻡ ، ﻭﺩﺍﺭﺓ ﺩﻭﺍﺋﺮﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺍﺻﺎﺏ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻗﺤﻂٌ ﻣﻔﺠﻊ ، ﺍﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻓﺠﻌﻠﻬﺎ ﻛﺎﻟﻬﺒﺎﺀ ، ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺮﻳﻪ ﺍﺧﺬﻭﺍ ﻳﺘﻌﺎﻭﻧﻮﻥ ﻣﻌﺎً ﻟﺘﻔﺎﺩﻱ ﺗﻠﻚ ﺍﻻﺯﻣﻪ ﺍﻟﺨﺎﻧﻘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻊ .
ﺍﻣﺎ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﻤﺪ ﻟﻪُ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﻮﻥ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺍﺣﺪ ﺑﺒﻴﻌﻪِ ﺣﺎﺟﺘﻪُ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻟﻴﻘﺘﺎﺕ ﺑﻪِ ، ﻏﻀﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻏﻀﺒﺎً ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻭﺗﻮﻋﺪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻧﻪُ ﺳﻴﺸﻜﻮﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ . ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻢ ﻳﺒﺎﻟﻮﺍ ﻓﻲ ﺗﻬﺪﻳﺪﺍﺗﻪِ ﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﻳﻪ ﺑﺤﻜﻤﺔ ﻭﺩﺭﺍﻳﺔ ﺍﻣﻴﺮ ﺍﻟﺒﻼﺩ .
ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﻗﺼﺮ ﺍﻻﻣﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ، ﻃﺎﻟﺒﺎً ﻣﻨﻪُ ﺍﻥ ﻳُﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻘﺘﺺ ﻟﻪُ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻤﻨﻌﻬﻢ ﺍﻳﺎﻩ ﺍﻟﻘﻤﺢ ، ﻭﺭﻓﻀﻬﻢ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪُ . ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺬﻛﺮ ﺍﻻﻣﻴﺮ ﻣﻼﻣﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪِ ﻣﻦ ﻏﺮﻭﺭ ﻭﺳﻮﺀ ﺧﻠﻖ . ﺍﺩﺭﻙ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺍﻻﻣﻴﺮ ﺍﻧﻬﺎ ﺍﻟﻠﺤﻈﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﻪ ﻟﻺﻗﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺭ .
ﺍﺧﺬ ﺍﻻﻣﻴﺮ ﻳﻄﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺌﻠﻪ ، ﺗﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﺳﺒﺐ ﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻦ ﻣﺪ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﻟﻪ ، ﻭﺭﻓﻀﻬﻢ ﻭﺑﺸﺪﻩ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎً .
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺟﻮﺍﺑﺎً ﺷﺎﻓﻴﺎ ﻷﺳﺄﻟﺔ ﺍﻻﻣﻴﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﺪ ﺍﻟﺨﻨﺎﻕ ﻋﻠﻴﻪِ ﺍﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ . ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺗﺎﺭﻩ ، ﻭﺍﻟﺘﻤﺘﻤﻪ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﺍﺧﺮﻯ .
ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺍﺩﺭﻙ ﺍﻻﻣﻴﺮ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺼﻴﺮ ﻛﻞ ﻣﻐﺮﻭﺭ ﺳﻲﺀ ﺍﻟﺨﻠﻖ ،ﻓﻮﺑﺨﻪُ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺀ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪِ ﻟﻤﻦ ﺣﻮﻟﻪ ، ﻭﺑﻴﻦ ﻟﻪُ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﻋﻮﺍﻗﺒﺎ ﻷﻓﻌﺎﻟﻪِ ﺍﻟﺬﻣﻴﻤﻪ . ﺛﻢ ﺍﺳﺘﺪﻋﻰ ﺍﻟﺤﺮﺍﺱ ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﻟﻘﺎﺅﻩ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻘﺼﺮ .
ﻣﻦ ﺗﻮﺍﺿﻊل ﻟﻠﻪ ﺭﻓﻌﻪ ﺍﻟﻠﻪ . ﻭ ﻣﻦ ﺗﻮﺍﺿﻊ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺭﻓﻌﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ . ﻭ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ