السلام عليكم اخواني واخواتي
اخترت لكم ابيات من قصيده لنزار قباني القاها في مهرجان الأمانة العامة لجامعة الدول العربية
تونس – 22/03/ 1980
القصيده طويله لذا اخترت لكم البعض من ابياتها الجميله
يا تونس الخضراء جئتك عاشقا … وعلى جبيني وردة وكتاب
إنّي الدّمشقيّ الذي احترف الهوى ... فاخضوضرت لغنائه الأعشابُ
أحرقت من خلفي جميع مراكبي ... إنّ الهوى أن لا يكون إياب
من أين يأتي الشّعر حين نهارنا ... قمع وحين مساؤنا إرهاب
سرقوا أصابعنا وعطر حروفنا ... فبأيّ شيء يكتب الكتّاب ؟
والحكم شرطيّ يسير وراءنا ... سرّا فنكهة خبزنا استجواب
الشّعر رغم سياطهم وسجونهم ... ملك وهم في بابه حجاب
من أين أدخل في القصيدة يا ترى ... وحدائق الشّعر الجميل خراب
لم يبق في دار البلابل بلبل ... لا البحتريّ هنا ولا زرياب
شعراء هذا اليوم جنس ثالث ... فالقول فوضى والكلام ضباب
يتكلّمون مع الفراغ فما هم ... عجم إذا نطقوا ولا أعراب
اللاّهثون على هوامش عمرنا ... سيّان إن حضروا وإن هم غابوا
من أين أدخل في القصيدة يا ترى ... والشّمس فوق رؤوسنا سرداب
إنّ القصيدة ليس ما كتبت يدي ... لكنّها ما تكتب الأهداب
نار الكتابة أحرقت أعمارنا ... فحياتنا الكبريت والأحطاب
ما الشّعر؟ ما وجع الكتابة؟ ما الرّؤى ... أولى ضحايانا هم الكتّاب
يعطوننا الفرح الجميل وحظّهم ... حظّ البغايا ما لهنّ ثواب
يا تونس الخضراء هذا عالم ... يثرى به الأمّيّ والنّصّاب
فمن الخليج إلى المحيط قبائل ... بطرت فلا فكر ولا آداب
أنا يا صديقة متعب بعروبتي ... فهل العروبة لعنة وعقاب
أمشي على ورق الخريطة خائفا ... فعلى الخريطة كلّنا أغراب
أتكلّم الفصحى أمام عشيرتي ... وأعيد لكن ما هناك جواب
لولا العباءات التي التفّوا بها ... ما كنت أحسب أنّهم أعراب
يتقاتلون على بقايا تمرة ... فخناجر مرفوعة وحراب
قبلاتهم عربيّة من ذا رأى ... فيما رأى قبلا لها أنياب
يا تونس الخضراء كأسي علقم ... أَعَلى الهزيمة تشرب الأنخاب؟
وخريطة الوطن الكبير فضيحة ... فحواجز ومخافر وكلاب
والعالم العربيّ إمّا نعجة ... مذبوحة أو حاكم قصّاب
والعالم العربيّ يرهن سيفه ... فحكاية الشّرف الرّفيع سراب
والنّاس قبل النّفط أو من بعده ... مستنزفون فسادة ودوابّ
من ذا يصدّق أنّ مصر تهوّدت ... فمقام سيّدنا الحسين يباب
ما هذه مصر فانّ صلاتها ... عبريّة وإمامها كذّاب
ما هذه مصر فانّ سماءها ... صغرت وانّ نساءها أسلاب
إن جاء كافور فكم من حاكم ... قهر الشّعوب وتاجه قبقاب
بحريّة العينين يا قرطاجة ... شاخ الزّمان وأنتِ بعد شباب
هل لي بعرض البحر نصف جزيرة ... أم أنّ حبّي التّونسيّ سراب
أنا متعب ودفاتري تعبت معي ... هل للدّفاتر يا ترى أعصاب؟
حزني بنفسجة يبلّلها النّدى ... وضفاف جرحي روضة معشاب
لا تعذليني إن كشفت مواجعي ... وجه الحقيقة ما عليه نقاب
إنّ الجنون وراء نصف قصائدي ... أوليس في بعض الجنون صواب؟
فإذا صرخت بوجه من أحببتهم ... فلكي يعيش الحبّ والأحباب
وإذا قسوت على العروبة مرّة ... فلقد تضيق بكحلها الأهداب
فلربما تجد العروبة نفسها ... ويضئ في قلب الظّلام شهاب
ولقد تطير مع العقال حمامة ... ومن العباءة تطلع الأعشاب
قرطاجة قرطاجة قرطاجة ... هل لي لصدرك رجعة ومتاب
لا تغضبي منّي إذا غلب الهوى ... إنّ الهوى في طبعه غلاّب
فذنوب شعري كلّها مغفورة ... والله جلّ جلاله التّوّاب