صديق فعال
تاريخ التسجيل: January-2013
الجنس: ذكر
المشاركات: 609 المواضيع: 210
التقييم: 146
آخر نشاط: 22/June/2017
الأستاذ بناهيان: أنا لا أخاف من أهل الفسق في الشوارع بقدر ما أخاف من بعض المتدينين
ليلة القدرـ مصلى الإمام الخميني(ره)
في أي موضوع نفكّر ليلة القدر؟/ المتديّنون الذين لا يضجّون إلى الله، في معرض الخطر
المكان: طهران ـ مصلى الإمام الخميني(ره)
الزمان: 14/07/2014 (شهر رمضان المبارك)
أكد سماحة الأستاذ بناهيان في ليلة القدر وفي مصلى الإمام الخميني(ره) على ضرورة الاعتبار بمصير ابن ملجم مع كل ما كان يحمل من سابقة حسنة وأن لابد من الخوف على حسن عاقبتنا قائلا: يجب على المتديّنين أن يخافوا على حسن عاقبتهم أكثر من غيرهم... أنا لا أخاف من أهل الفسق والفجور في الشوارع والملاهي بقدر ما أخاف من المتديّنين الذين لا يضجّون إلى الله. فإليكم أهمّ المقاطع من كلمته:
لماذا تزامنت ليلة أوج العبادة مع ليلة أوج مظلومية أمير المؤمنين(ع)؟ في أي موضوع نفكّر ليلةَ القدر
ماذا يجب أن نفعله في محضر الله وفي ليلة القدر هذه التي تمثّل أهمّ ليلة في السنة؟ وأي حدث يجب أن يحدث لنا؟ وماذا يجب أن نفعله في ليلة ضربة أمير المؤمنين(ع) وفي ليلة استشهاده؟ ولماذا تزامنت ليلة أوج العبادة مع ليلة أوج مظلومية أمير المؤمنين(ع)؟ وما هي الحكمة من تزامن هاتين المناسبتين المهمّتين؟ وباعتبار أن التفكّر من أفضل العبادات، ففي أي موضوع نفكّر هذه الليلة؟ وما هو أفضل موضوع يمكن أن نفكّر فيه ليلةَ القدر وليلةَ استشهاد أمير المؤمنين(ع)؟
على يد من قتل أمير المؤمنين(ع) هذا الرجل العظيم الذي لم يولد أحد سواه في الكعبة؟ إن أمير المؤمنين(ع) الذي كان ميلاده بمعجزة وكرامة عظيمة بحيث قد انشقّ له جدار الكعبة، الأمر الذي لم يحدث حتى في ميلاد عيسى بن مريم(ع)، وبعد مضي 1400 سنة ما زال أثر الانشقاق موجودا على جدار الكعبة قبلة المسلمين، فليت شعري كيف كان مقتل هذا الرجل الذي انشق جدار الكعبة له في مولده؟
«حسن العاقبة» هي أهمّ قضية يجب أن نفكر فيها ليلة القدر
أحد أذكار هذه الليلة هو لعن قاتل أمير المؤمنين(ع). أفليس الفكر في شخصية قاتل أمير المؤمنين(ع) من أهمّ المواضيع التي يجب أن نفكّر فيها هذه الليلة؟ وهل يمكن أن يكون استشهاد هذا الرجل العظيم حدثا طارئا وصدفة بعد ما كان مولده مصحوبا بتلك المعجزة العظيمة؟ إن هذا الرجل الذي شاء الله أن يعرض معجزة مولده لجميع الناس وللتاريخ، أفلا يريد أن يعطينا رسالة عبر حدث استشهاده؟! أفلا يريد الله سبحانه وتعالى أن يسلّط الضوء على شخصية قاتل علي(ع) وأن يقول لنا: «انظروا من الذي قتل أمير المؤمنين(ع)»؟
لابدّ لنا أن نفكّر في موضوع حسن العاقبة وهذه لهي القضيّة الرئيسة التي يجب أن تشغل بالنا في هذه الليلة؟ الليلة هي ليلة التفكّر في مسألة «حسن العاقبة» من جانبين: الجانب الأول هو أن ابن ملجم الذي كان بحسب الظاهر أحد أصحاب أمير المؤمنين(ع) الأوفياء ومن المعتمدين لديه، ولكنّه أصبح قاتل أمير المؤمنين(ع). والجانب الثاني هو عندما أخبر رسول الله(ص) عليّا بأن في أحد أشهر شهر رمضان سوف تخضّب لحيتك بدمك، سأله أميرالمؤمنين(ع) مباشرة: «وذلك في سلامة من ديني؟»؛ «فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ مَا يبْکِيكَ؟ فَقَالَ: يا عَلِيُّ أَبْکِي لِمَا يسْتَحَلُّ مِنْكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ کَأَنّي بِكَ وَ أَنْتَ تُصَلِّي لِرَبِّكَ ... فَضَرَبَكَ ضَرْبَةً عَلَى قَرْنِكَ فَخَضَبَ مِنْهَا لِحْيتَكَ. قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: فَقُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ وَ ذَلِكَ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي؟ فَقَالَ ص: فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ» [أمالي الصدوق/93]
انظروا إلى هذا الرجل الذي الذي قال الإمام الصادق(ع) في حقّه: «عَلِي قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّار» [تفسير القمي/2/324]، كيف كان خائفا على حسن عاقبته، فما بالك بحالنا؟! هذا هو الشعور الذي يجب أن يعيشه المؤمن طيلة حياته فقد قال رسول الله(ص): «لا يزالُ المُؤمِنُ خائِفاً مِن سُوءِ العاقِبَةِ» [ميزان الحكمة/4772]
عندما ننظر إلى حسن سابقة ابن ملجم، يتحتّم علينا أن نخاف على حسن عاقبتنا
في هذه الليلة عندما ننظر إلى أمير المؤمنين(ع) وخوفه على حسن عاقبته، يجب أن تعترينا حالة من الذهول، وكذلك يجب أن نمتلئ رعبا وخوفا بمشاهدة عاقبة ابن ملجم. فليت شعري كيف ساءت عاقبة هذا الإنسان الذي كانت له تلك السابقة الحسنة حتى صار أشقى الأشقياء؛ «قَتَلَهُ أَشْقَى الْأَشْقِياءِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِين» [إقبال الأعمال/1/296] بحيث إن دركته في جهنم أنزل من مقام الشيطان. لم يكن ابن ملجم غافلا أو من عوام الناس. كان من مقرئي القرآن. كان أحد أساتذة القرآن وفقيها بحيث قد أعطي بيتا وسيعا في المدينة ليسع جلسات القرآن وليقدر على تدريس الناس القرآن في بيته، وليتسنّى للناس أن يجتمعوا في بيته لتعلّم القرآن.
لقد أراد الله سبحانه وتعالى في هذه الليلة أن يعرّفنا على شخصية ابن ملجم، وذلك لأن لا نرح بالنا ولا نأمن من سوء العاقبة.
بعد ما بايع الناس أمير المؤمنين(ع) وتسلم علي(ع) زمام الخلافة، أرسل كتابا إلى والي اليمن أن يأخذ له البيعة من الناس وأن يرسل إليه عشرة من خيار أهل اليمن؛ «وَأَنْفِذْ إِلَيَّ مِنْهُمْ عَشَرَةً يَكُونُونَ مِنْ عُقَلَائِهِمْ وَ فُصَحَائِهِمْ وَ ثِقَاتِهِمْ مِمَّنْ يَكُونُ أَشَدَّهُمْ عَوْناً مِنْ أَهْلِ الْفَهْمِ وَ الشَّجَاعَةِ عَارِفِينَ بِاللَّهِ عَالِمِينَ بِأَدْيَانِهِمْ وَ مَا لَهُمْ وَ مَا عَلَيْهِمْ وَ أَجْوَدَهُمْ رَأْيا» [بحار الأنوار/ج42/260] فنفذ الوالي أمر الإمام وأخذ من الناس البيعة و « قَالَ لَهُمْ أُرِيدُ مِنْكُمْ عَشَرَةً مِنْ رُؤَسَائِكُمْ وَ شُجْعَانِكُمْ أُنْفِذُهُمْ إِلَيْهِ كَمَا أَمَرَنِي بِهِ فَقَالُوا سَمْعاً وَ طَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ مِائَةً ثُمَ مِنَ الْمِائَةِ سَبْعِينَ ثُمَّ مِنَ السَّبْعِينَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ مِنَ الثَّلَاثِينَ عَشَرَةً فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ خَرَجُوا مِنْ سَاعَتِهِمْ فَلَمَّا أَتَوْهُ ع سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَ هَنَّئُوهُ بِالْخِلَافَةِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ وَ رَحَّبَ بِهِمْ فَتَقَدَّمَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَ الْبَدْرُ التَّمَامُ وَ اللَّيْثُ الْهُمَامُ وَ الْبَطَلُ الضِّرْغَامُ وَ الْفَارِسُ الْقَمْقَام...» [المصدر نفسه]
بعد ما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين(ع) وألقوا القبض عليه قال له أمير المؤمنين(ع): «أَ بِئْسَ الْإِمَامُ کُنْتُ لَكَ حَتَّى جَازَيتَنِي بِهَذَا الْجَزَاءِ أَ لَمْ أَکُنْ شَفِيقاً عَلَيكَ وَ آثَرْتُكَ عَلَى غَيرِكَ وَ أَحْسَنْتُ إِلَيكَ وَ زِدْتُ فِي إِعْطَائِكَ أَ لَمْ يکُنْ يقَالُ لِي فِيكَ کَذَا وَ کَذَا فَخَلَّيتُ لَكَ السَّبِيلَ وَ مَنَحْتُكَ عَطَائِي» [بحارالأنوار/ج42/ص287]
لقد تحبّب أمير المؤمنين(ع) إلى ابن ملجم فوق حدّ تصورّنا حتى جاء في النصوص أنه: «فَلَمَّا عَزَمُوا عَلَى الْخُرُوجِ مَرِضَ ابْنُ مُلْجَمٍ مَرَضاً شَدِيداً فَذَهَبُوا وَ تَرَکُوهُ فَلَمَّا بَرَأَ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ کَانَ لَا يفَارِقُهُ لَيلًا وَ لَا نَهَاراً وَ يسَارِعُ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ وَ کَانَ ع يکْرِمُهُ وَ يدْعُوهُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ يقَرِّبُهُ» [بحار الأنوار/ج42/ص262]
بعدما عجز المستكبرون والصهاينة من تحطيم خطّ المقامة، استعانوا بأمثال ابن ملجم
إن قصّة ابن ملجم لقصّة معبّرة جدا. بعد ما عجز الكفار والمستكبرون والصهاينة عن تحطيم خطّ المقاومة في العالم الإسلامي، استعانوا بأمثال ابن ملجم والقتلة من مقرئي القرآن، وهم أولئك الذين لا مانع لديهم من حزّ رؤوس ألفين وخمسمئة طفل. بعد ما فشلت القوّات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية عن إنجاز شيء، استعانوا بهؤلاء الأشخاص في سبيل تحطيم خطّ المقاومة. لقد أدرك الأعداء أنه إذا كان في العالم قوم يقدرون على هزيمة محبي أمير المؤمنين(ع) فلابدّ أن يكون هؤلاء خونةً من قرّاء القرآن، كما كان قاتل أمير المؤمنين(ع) من قرّاء القرآن.
في هذه المجالس المعنويّة في ليالي شهر رمضان، تفرحون بطبيعة الحال إذا رأيتم شابّا غير ظاهر عليه سيماء المتديّنين قد لجأ إلى الله ويتضرّع إليه باكيا، ولكنّي أفرح أكثر عندما أرى شابّا متديّنا يبكي. فلعلّ الله يغفر لذلك الشابّ غير المتديّن ولكن ليكن خوفك من المتدينين إذ لا يدرى كيف يكون مصيرهم؟ فقد قال أمير المؤمنين(ع): «فَکَمْ مِنْ عَاکِفٍ عَلَى ذَنْبِهِ خُتِمَ لَهُ بِخَيرٍ وَ کَمْ مِنْ مُقْبِلٍ عَلَى عَمَلِهِ مُفْسِدٍ فِي آخِرِ عُمُرِهِ صَائِرٌ إِلَى النَّارِ» [تحف العقول/ص91]
المتدينون الذين لا يضجّون إل الله، فهم في معرض الخطر/ أنا لا أخاف من أهل الفسق في الشوارع بقدر ما أخاف من المتدينين الذين لا يبكون ولا يتضرعون إلى الله
إن هذه الليلة هي ليلة بكاء المتديّنين وضجيجهم إلى الله؛ أولئك الذين لهم تاريخ حسن ويدعون أنهم على شيء. لماذا؟ لأنه حتى قاتل الإمام الحسين(ع) إذا تصفحتم ملفّه وتاريخه لعثرتم على سوابق الجهاد والإصابة بالجرح. وأمّا قاتل أمير المؤمنين(ع) فهو ابن ملجم مع كل ذاك التاريخ الحسن. إذن لابدّ أن نخاف على أنفسنا من تاريخنا الحسن والزاهر.
يتبع إن شاء الله...