Saturday the 12th May 2012
عبروا عن خشيتهم من تعرض 15 مليون وثيقة تخص جرائم النظام السابق للسرقة بعد حل المحكمة
موظفو «الجنائية» متخوفون من استهدافهم بعد نقل خدماتهم للوزارات.. والبرلمان ينفي علمه بوقوع اغتيالات
العالم
أثارت قضية اغتيال عدد من موظفي المحكمة الجنائية المختصة بمحاكمة رموز النظام السابق بعد قرار نقلهم الى بعض الوزارات إثر إنهاء أعمالها وحلها، هلع ورعب نحو 800 موظف ينتظرون مباشرتهم العمل في وزارات ودوائر الدولة الاخرى.
وأكد موظفون انفكوا عن المحكمة المنحلة، لـ"العالم"، أمس الأربعاء، أن الدوائر التي نقلوا اليها رفضت استقبالهم، ما جعلهم عرضة لقطع راتب وقتي باعتبارهم انفكوا عن المحكمة، ولم يباشروا في الدوائر التي تم نقلهم اليها، وفي حين نفى البرلمان علمه باغتيال بعض الموظفين، ورفض وزارات أخرى استقبالهم، أكدت الحكومة أن الرئاسات الثلاث التي طلبوا نقلهم اليها لا تستوعبهم جميعا.
وكشف الموظفون عن وجود وثائق رسمية في ارشيف المحكمة الجنائية الضخم يدين نحو 3200 شخصية عراقية بارتكاب جرائم بحق المواطنين ابان النظام السابق بينها عمليات اغتصاب، وتعذيب، وإصدار أحكام قضائية بالإعدام في قضية الدجيل تحديدا، مبينين أن أكثر من 15 مليون وثيقة تخص جرائم النظام السابق تمت أرشفتها بالتعاون مع الجانب الأميركي، ربما تتعرض للسرقة بعد نقل الموظفين، لا سيما انه يعد مستمسك إدانة على العديد من السياسيين. وأشار أحدهم إلى أن العديد من الوثائق هُربت عن طريق الجيش الأميركي الى قاعدة السيلية في قطر.
وحمل الموظفون في المحكمة الجنائية مجلس القضاء الأعلى ووزارة المالية مسؤولية فقدان أي أحد منهم حياته، لأن أضابيرهم أرسلت إليهم بعد حل المحكمة الجنائية، إذ اغتيل بعد هذا الإجراء العديد من الموظفين أبرزهم مدير قسم الضحايا والشهود في المحكمة سعد عبد الصاحب، بعد أيام فقط من إرسال الإضبارة الخاصة به الى إحدى الوزارات.
وأكد موظف سابق في المحكمة الجنائية رفض الكشف عن هويته، لـ"العالم"، أمس، أن "آخر الضحايا كان موظفا خطف أثناء خروجه من منزله، ولم يُعثر على أثر له حتى الآن"، متوقعا أن تكون هويته قد كشفت. كما زود موظفو المحكمة "العالم" بوثيقة تتضمن موافقة رئيس الوزراء على طلبهم القاضي بنقلهم الى الرئاسات الثلاث او بعض الهيئات المستقلة او وزارتي النفط والكهرباء، وتعيينهم على الملاك الدائم، وتخصيص قطع أراضٍ لهم أسوة بموظفي الرئاسات الثلاث، مؤكدين أن "طلب رئيس الوزراء لم ينفذ كما كنا نظن، إذ لم يتم نقلنا جميعا الى الرئاسات والوزارات والهيئات المستقلة التي تضمن لنا ذات الرواتب او مقاربة لما كنا نتسلمه". وأوضح أحد الموظفين الذي ما زال ينتظر دوره لينقل الى هيئة النزاهة، رفض الكشف عن اسمه، ان "موضوع قطع الأراضي، لم يتحقق لأي من الموظفين، بالرغم من موافقة رئيس الوزراء على ذلك، ووجود قطعة أرض مخصصة لموظفي المحكمة تقدر مساحتها بـ133 دونما"، مضيفا أن "من تم نقلهم الى الدوائر التي طلبناها لا يمثلون سوى 250 شخصا فقط من أصل أكثر من ألف موظف".
وذكر موظف آخر، تم نقله لإحدى الرئاسات الثلاث انه رفض قبول استمارة برنامج الحماية الأميركي التي تمكنه من اللجوء السياسي الى الولايات المتحدة، لأسباب عائلية، والآن بات يخشى على حياته بعد وصول أسماء جميع الموظفين الى جهات متعددة.
وأكد جمع من الموظفين عزمهم التظاهر والتحرك على بعض القيادات السياسية المتعاطفة مع المحكمة الجنائية، للتدخل من أجل حلّ موضوع نقلهم الى عدد من الوزارات، إذ يشيرون الى أن وزارات الثقافة والتربية والنقل رفضت استقبال العشرات منهم، بالرغم من نقلهم بدرجتهم الوظيفية وتخصيصهم المالي.
في هذا الإطار نفى برلمانيون علمهم بوجود مشكلات أمنية وإدارية تهدد حياة الذين كانوا يعملون في المحكمة الجنائية المنحلة. وقالت عضو اللجنة القانونية النيابية حنان البريسم لـ"العالم"، أمس،"شرّعنا القانون ووافقنا على قيام الأمانة العامة لمجلس الوزراء بنقلهم الى الوزارات الأخرى، والجهات التنفيذية هي من تحدد أي وزارة تحتاج الى موظفين، لا نحن"، مضيفة ان اللجنة القانونية مستعدة للتدخل في حال تم تزويدها بوثائق تثبت صحة أقوال الموظفين.
من جانبه أكد النائب عن دولة القانون سلمان عيسى أنه تدخل في وقت سابق إثر تلقيه اتصالات من عدد من موظفي المحكمة الجنائية، مشيرا الى أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء وعدت بنقلهم الى أماكن جيدة. وقال ان "موظفي المحكمة الآن معززون مكرمون، فهم ضحوا بأنفسهم من أجل الحرية، ونحن نقدّر ونثمّن جهودهم، وعلينا المطالبة بحقوقهم".
في غضون ذلك أشار مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية فاضل محمد الى أن موافقة رئيس الوزراء يجب أن تكون مطابقة لما يسمح به القانون، مبينا أن "موافقة رئيس الوزراء لا تعني استثناءً من القانون، لأن القانون فوق الجميع، ونعلم أن عددهم كبير والدوائر التي طلبوا نقلهم إليها لا تستوعب كل هذه الأعداد". وأقرّ محمد بوجود خطأ إداري في كشف مكان عملهم السابق أثناء نقلهم، قائلا "معظم الناس يتعرضون لأوضاع مشابهة لوضعهم، لكن كشف الجهة التي كانوا يعملون فيها هو خطأ جسيم".