الأحد 5 يوليو 2015 -
انتهى البرنامج التلفزيوني الشهير "في الصميم"، الذي تبثه قناة "روتانا خليجية"، بالمذيع والضيف معاً إلى السجن في السعودية، بعد أن أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز شخصياً أوامره بوقف بث البرنامج بصورة نهائية، في حالة نادرة جداً، وربما غير مسبوقة في السعودية.
وافاد موقع "القدس العربي" ان قناة "روتانا خليجية" مملوكة للأمير الوليد بن طلال، أحد أبرز رموز العائلة الحاكمة في السعودية، وأثرى أثرياء العرب على الإطلاق، أما البرنامج فيقدمه الإعلامي السعودي عبد الله المديفر ويستضيف فيه العديد من الشخصيات الجدلية، التي كان آخرها الشيخ محسن العواجي المعروف بأنه من دعاة الاصلاح في المملكة وأحد المؤثرين في الرأي العام في السعودية.
وقالت مواقع الكترونية سعودية إن توقيف العواجي والمذيع وإلغاء البرنامج جاء بسبب تصريحات العواجي التي تم اعتبارها إساءة للملك السابق عبد الله بن عبد العزيز.
وقال العواجي خلال البرنامج: "عصر المجاملات انتهى، الناس سبعون سنة نجامل، نقول البلاء من البطانة، وطويل العمر لم يقصر"، مضيفاً: "طويل العمر الآن مسؤول عن كل صغيرة وكبيرة في الدولة، كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الذين جاملوا الملك عبد الله في وقته، الآن هو وحيد في قبره يواجه كل هذه القضايا".
وأثار القرار السعودي المفاجئ بوقف بث البرنامج وإحالة الرجلين إلى هيئة التحقيق والادعاء تمهيداً لمحاكمتهما، جدلاً واسعاً في المملكة، وتسبب في حالة من الغضب الشديد في أوساط مؤيدي الشيخ العواجي، فضلاً عن أن قضية العواجي والمديفر شغلت النشطاء السعوديين على شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة المغردين على "تويتر" الذين أمضوا يومين في الجدالات الساخنة بشأن تصريحات العواجي، وبشأن إحالته إلى القضاء لعقابه.
واعتبر كثيرون أن ما قاله العواجي لا يحمل أي إساءة لا للملك الراحل ولا للحالي وإنما يندرج في إطار التناصح، حيث أن النقد كان لظاهرة المجاملة، فيما قال آخرون إن الذي غضب من تصريحات العواجي هم "البطانة السيئة التي تحدث عنها الرجل وحذر الملك منها".
مجتهد.. والأسباب الحقيقية
وكتب صاحب الحساب الأشهر في السعودية "مجتهد" على "تويتر" معلقاً على الأمر: "صاحب القرار الحقيقي بمحاكمة العواجي والمديفر هو ولي العهد محمد بن نايف بدعم من وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، وصدوره من الملك شكلي فقط".
وقال "مجتهد" إن "هناك ثلاثة أسباب دعت بن نايف وبن سلمان لإيقاف البرنامج وتأديب العواجي والمديفر ليس لها علاقة باعتراض على انتقاد الملك عبدالله كما زعمت صحيفة +سبق+ الالكترونية"، مشيراً إلى أن السبب الأول أن "انتقاد عهد عبدالله هو انتقاد مبطن قوي للعهد الحالي حتى مع محاولة العواجي تزكية سلمان والمحمدين فكثير مما طرح يسري عليهم بدرجة مضاعفة".
أما السبب الثاني لإيقاف البرنامج وتحويله مع مقدمه وضيفه إلى القضاء فهو "استضافة ضيوف آخرين مثل برجس البرجس الذي كان ملخص كلامه أنه لا تنمية، ولا مصلحة وطن، ولا رفاه مواطن، ولا استراتيجية وطنية، وأن المقدرات مسخرة لخدمة النخبة (العائلة الحاكمة)".
وحسب "مجتهد" فان من بين الأسباب أيضاً أن "محمد بن نايف لا يحسن الظن بالوليد بن طلال مالك +روتانا+ واعتبر التوسع في هامش البرنامج حيلة من الوليد لاستغلال البرنامج في المستقبل لضربه".
وأطلق النشطاء السعوديون على "تويتر" الوسم (#محاكمة_العواجي_والمديفر) الذي تصدر قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في المملكة ودول عربية أخرى ليومين على الأقل، بعد أن أثار القرار الملكي السعودي جدلاً كبيراً.
وكتب السعودي ياسر العمودي معلقاً: "شيء واحد ثابت لا يتغير في محسن العواجي، دايماً يحاول ينفرد برأي يعبر عنه بصورة مثيرة للجدل وتطيح فوق رأسه".
وعلق ناشط آخر: "الذين استبشروا بمحاكمة العواجي والمديفر لماذا لم يطالبوا بإغلاق قناة روتانا التي بثت الحلقة؟" فيما اكتفى آخر بالقول: "انقلوا عن العواجي والمديفر أنهما يقولان لكم: للعبودية ثمن.. وللحرية أثمان".
إدانة حقوقية
وأدانت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" إحالة العواجي والمديفر إلى المحاكمة على خلفية آرائهما خلال برنامج "في الصميم".
وقالت الشبكة إن ما جاء في الحلقة على لسان محسن العواجي، سواء كان نقداً لملك السعودية السابق أو إعلان موقفه من السلطات الحالية في مصر لا يعدو كونه تعبيرا عن ما استقر في وجدانه من اعتقاد، وهو ما حرص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على حمايته حرصاً على الديمقراطية وتعدد الآراء وحماية وسائل التعبير السلمي وجميعها من الأمور التي تساهم في تقدم المجتمعات.
وطالبت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" السلطات السعودية بالتوقف الفوري عن ملاحقة أصحاب الرأي، ووسائل الإعلام، والالتزام بالعهود والمواثيق الدولية، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق منها بحرية الرأي والتعبير.
يشار إلى أن الداعية السعودي والناشط السياسي محسن العواجي يحمل شهادة الدكتوراه في تخصص البيولوجيا من جامعة ويلز في بريطانيا وكان يعمل أستاذاً مساعداً في كلية الزراعة في جامعة الملك سعود.
وتعرض للسجن ثلاث مرات في السعودية بسبب نشاطه السياسي وحكم عليه في إحدها بالسجن 15 سنة، قضى منها 4 سنوات خلف القضبان، ثم صدر قرار بفصله من الجامعة وحرمانه من جميع الوظائف الحكومية فانتقل للعمل في القطاع الخاص.
واعتقل في شهر تموز/ يوليو 2013 على خلفية برنامج تلفزيوني على قناة "المجد" الفضائية، وبسبب موقفه من الوضع في مصر ووصفه لما حدث حينها بأنه انقلاب، ومطالبته بتوقيع عريضة تطالب باعادة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الحكم.
http://www.alalam.ir/news/1717335