الدين كوصفة طبية
حتى الآن، غالباً ما يتم طرح سؤال علاقة الدين بالصحة بطرق مختلفة ومتعددة. وقد تمكنا من مقارنة مواطنين متدينين في بلد معين – الولايات المتحدة حيث تجري الكثير من البحوث الصحية – مع مواطنين اخرين أقل تدينا. في هذه الحالة، فإن الجواب هو مختلف جدا. هنالك بعض الباحثين على ثقة من ناحية الفوائد الصحية للدين وعلى الرغم من ذلك يؤكدون على ضرورة الاستغناء عن الدين كدواء (2).
كمجموعة، وجد ان الناس الذين يحضرون الكنيسة بانتظام هم أكثر صحة من الذين لا يحضرون لها .حيث ان الحضور للكنيسة يؤدي الى اطالة العمر، امتلاك جهاز مناعي قوي، انخفاض ضغط الدم، ووقت شفاء اقل في العمليات الجراحية، وعلى الرغم من الادعاءات المختلف عليها المرجعين (2) و (3). يشيران الى قوة بعض هذه الآثار في البحوث المنشورة، والمدهش أنه لا يوجد دليل واضح على أن الدين في حد ذاته يوفر أي فائدة صحية. على كل حال جميع تلك البحوث لم تعطي أي دليل واضح على ان الدين يوفر حالة صحية افضل .
بعبارة اخرى، ان الافراد المتدينين لا يمكنهم الاستفادة من عضوية الكنيسة من الناحية الصحية . لكنها تفعل ذلك بغض النظر عن المحتوى العقائدي والممارسات الدينية او ما يؤمنون به، أو حتى السلوك الصحي، التي ينادي بها نظامهم الاعتقادي. نحن نعرف هذا لأن المزايا الصحية لمختلف الأديان هي نفسها على الرغم من الاختلافات في نمط الحياة. وابسط مثال على ذلك هو ان السبتيين هم اكثر نظافة من الأسقفية المعيشة ولكنهم حسب الاحصائيات ليسوا أكثر صحة!.
وبغض النظر عن إعطاء الناس الشعور بالهدف، ووجود التجمعات الدينية التي تشكل نظام الدعم الاجتماعي، وهذا يفسر بعض الفوائد الصحية للمشاركة الدينية.
لكن علميا الفرد ليس بحاجة لان يكون متدينا حتى يتمكن من الاستمتاع بالحياة أو الشعور بالهدف في الحياة، فطبيعة الحال. يمكن الحصول على دفعات كبيرة من التفاؤل والصحة من خلال القيام بالأنشطة العلمانية مثل الرياضة وتربية النباتات او التجوال في الحدائق العامة، و اللعب, الموسيقى والرسم والنشاط السياسي، أو إجراء البحوث العلمية حتى. ومرة اخرى بصرف النظر عن إعطاء الناس الشعور بالهدف، الجماعات الدينية تشكل نظام الدعم الاجتماعي وهذا يفسر بعض الفوائد الصحية للمشاركة الدينية.
ميزة أخرى مفيدة وهي مشتركة بين جميع الأديان، هي الصلاة والطقوس التي تساعد على ازاله حالة الإجهاد النفسي. حيث وجد الباحثون في جامعة ديوك أن الطقوس الدينية تعمل كآلية لمكافحة الإجهاد(4). وأظهروا أن الصلاة الفردية، فضلا عن خدمات الكنيسة، تؤثر على الاجهاد من خلال قياس مستويات ضغط الدم كونه مؤشر موثوق به على الضغط النفسي. وان ارتفاع ضغط الدم يسبب أمراض القلب ومرض القلب هو القاتل رقم واحد في العديد من البلدان المتقدمة.
ان طقوس الصلاة كأي ممارسة اخرى تؤدي الى خفض ضغط الدم بشكل منتظم، مثل التفاعلات الاجتماعية مع الأصدقاء، أو ممارسة الرياضة البدنية، وبذلك تقلل من خطر الإصابة بأمراض القل (4).ومن هذا المنطق، يمكن أن نذكر ان الصلاة والطقوس تسهم بشكل مباشر في الصحة والعمر المديد.
قد يبدو أننا أخيرا ركزنا على ان المنفعة الصحية محصورة في ممارسة الشعائر الدينية. ،لكن هذا ليس صحيحا. صلاة وطقوس اخرى نجد نظيرها عند العلمانية وهي تجلب نفس المنافع , مثل التأمل وهو يصد التوتر الكثير ويقلل من الاجهاد بنسبة عالية كما تفعل الصلاة، وذلك وفقا لتجارب عديدة(4).
ماذا يعني كل هذا؟
لتلخيص كل ما سبق، إن الادعاء بأن الأشخاص المتدينين أكثر صحة لا تصمد عندما نقارن الدول العلمانية بأخرى دينية. فالدول العلمانية أكثر صحة لأنها أكثر تطورا من الناحية الاقتصادية وجني الفوائد المرتبطة بتحسين الرعاية الصحية والصرف الصحي، وبرامج الصحة العامة (1). الناس المتدينين في الدول العلمانية اكثر صحة من المتدينين في بقية الدول.
وهذا يعني أن هذه الفوائد الصحية ليست لها علاقه حصرية بالدين .فالمتدينين يمكنهم الاستفادة من الدعم الاجتماعي الذي توفره دولهم مما ينتج عنه وجود شعور افضل بالهدف في حياتهم. مع هذا هم أيضا يستفيدون من تقنيات الحد من التوتر الكامنة في الصلاة والطقوس.
هذا يجعلنا نصل الى نتيجة ان الدين يقوم بتعزيز الصحة. وهو يعتمد بشكل اساسي على البيئة الجيدة التي توفرها العلمانية.
خلاصة القول هي لا يمكن إعطاء الدين الفضل في المزايا الصحية, لاننا اذا استخدمنا هذا المنطق ، فإن الدين أيضا سيتحمل المسؤولية عن الصحة المروعة في أماكن اخرى مثل جنوب الصحراء الافريقية حيث يكون الدين في أقوى حالاته هناك.
المصدر: موقع العلوم الحقيقية
رابط المقال الاصلي:
http://www.psychologytoday.com/blog/...ople-healthier