عندما يصبح العنوان فضيحة!04/07/2015 09:21
خمس شهقات نشرها الشاعر جمال جاسم امين على ثقافية "الصباح"، بعددها الصادر بتأريخ 28 من آيار الماضي، وحملت عنواناً ملتبساً هو: "الحزن هو الفضيحة"، الشهقات حملت في خطابها الشعري رثاءً موجعاً، شعرنا للوهلة الأولى أنه يشمل الجميع ، ولولا الهامش الذي كتبه، لما كان بوسعنا الاستدلال على أن تلك المرثيات كانت لأخيه الفقيد، وبين سيمياء التدوين وموجّهات التلقي تظهر قدرة الشاعر على توظيف الهم الخاص حتى يصبح مؤثراً عند الآخرين.
ولعل شاعرنا سعى إلى ذلك كما هو واضح في شهقاته الخمس عندما استخدم ضمير الجماعة في أربع من تلك المرثيات، بينما عمد إلى الخطاب الذاتي في واحدة منهن حين قال: " كنا نتخاصم كثيرا، وهذه المرة إلى الأبد ، أنت إلى الموت، وأنا إلى اللاجدوى"، وقد نجح باختزال أوجاعه الشخصية بطريقة غير مباشرة تثير الإعجاب، مثلما نجده في خطابه الجمعي كان مدهشاً بترويض المتن الشعري الذي توخّاه من تلك الشهقات حين أذكى كلماته بشحن عاطفي مقنع ومدروس حين كتب:" يا اهل الحلة، ان فتانا الذي تعرفون، هرّبته الريح الى جهة غامضة، اسألكم بالفرات الذي تشربون، لقنوا الطرقات اسماءه، واخبروا البساتين عطره، علّكم تقبضون على وردة ، ساعة يمرّ ".
كما ان بقية الشهقات لا تقل شاعرية عن التي أشرنا إليها، لكن عنوان النصوص وضعنا أمام فهم مغلوط، فهو يخبرنا من خلاله أن الحزن فضيحة، وقد أكد ذلك في مقطع أخير من الشهقات عندما قال" لاوقار مع البلوى".
وهو بذلك يخرج عن السائد الذي ألفناه في المشاعر الإنسانية، إذ تعوّدنا أن الحزن وقار وليس فضيحة، كما ان وطناً مبتلى بالويلات يكون الفرح عنده فضيحة، وليس الحزن كما جاء بعنوان الشاعر، والسؤال الذي نطرحهُ، هل ان الشاعر أراد زحزحة الميثولوجيا عن معانيها واقناعنا بمفهوم مغاير عن المشاعر الإنسانية التي ورثناها، ذلك ان الحزن يؤدي الى القنوط ويجعل المرء راكزاً ، بينما الفرح يثير الوجدان الإيجابي ويجعلنا نفقد السيطرة على سلوكنا المألوف بمعنى نصبح اكثر خفة؟! ، في حين ان جمالاً يؤكد بثريا نصوصه ان الحزن هو الفضيحة بينما هو في الواقع غير ذلك، وكان الأدق أن يقول ان الفرح هو الفضيحة في ظروف مثل التي نعيشها الآن، وربما كان عنوانه يقنعنا لو كان يعيش في وطن سعيد .
http://www.imn.iq/news/view.70621/