.. مرحباً اعزائي قصه قرئتها لاحدهم جميله وحزينه
فأردت ان اشارككم معي قرائتها.. اذ كانت القصه
مهداه من حبيب اضناه الشوق.. لحبيبته .. استمتعوا بقرائتها
الإهداء/ لِـ امرأَةٍ نَضجت بَينَ يَدي و نَبَثث فِي جُذور أَحضانِي !
ذَاتَ فَجر و بَعْدَما انطفأَ مُيُول الظّلام و بدَأت خُيوطِ الصّباحِ تَخْرُج من جَنبات السّماءِ كـَ ضَوءٍ يُعلِنُ نِهايَة أَمرٍ مَا، و بِدَايَة أحْداثٍ أخرى، و أنا متكئٌ عَلَى فِراشِي أَسمعُ صَوتَ العَصافِيرِ و هِي تتهجَّى أَسْمَاءَ اللهِ فِي تَسبيحٍ و تَكبير، لا أفهَمُ ما تَقُول لكنّي أُدركُ أنَّها تتفكَّرُ فِي مَلَكُوت الكون ، و بعْدَما أطفأتُ آخِرَ شَمْعَة فِي الذّاكِرَة سَمعت صَوت الهاتف و هو يرن، أمر غَريب ! الساعة الآن تُشير إلى السّادِسَة صَباحاً و الشّخص الوَحيد الذِي كَانَ يُفاجئُنِي بـ مثل هذه المُكالمات الصباحِيَة بحجَّة الشوق كانت هِي، هل يُمكن أن تكونَ هِي َ ! أَلم نتعهَّد بـ عَدم إزعاجِ ذَاكِرتِنا بـ مُكالمات و أحاديث خارِجَة عَن إطار الود !
بخطواتٍ مُتسارِعَة وصلتُ إلى الهاتف، لا وُجود لـ الرّقم أمرٌ زادَني تأكيداً، وَحدها منْ كَانت تُداعِب هدأَةَ النَّوم بـ بَعْثَرة كلامٍ يُخرجُنَا عن مَتاهاتِ العَياء ..
- أَلو ؟ من معي ؟
- ...
- أَلُو ؟ أَعرفُ أنَّكِ أنتِ .. لما لا تتكلّمين ! هل ضَاعت منكِ الكلمات ؟
و انقطَع الإتّصال .. و تكدّستِ الأَفكارُ في داخلِي و تخزّنت الأسئلَةُ في سَربلةِ اللحظة، ماذا تُريد ؟ هَل راوغها الحَنين مرّة الأخرى ؟ ألم يَزرها النّسيان هذه الليلة ..
بعد دَقائق نَفس الرَّنين و نَفس الوجع لكن هذه المّرة سأتركها تُبادِرُ في الكلام، لن أَقُول كلمة فهي المتّصلة
- .....
- ......
صمتُ يُخيّم على اللحظة، أَسمع أنفاسَها تَخرج مِن عُمقها كـ وَرَقة خَريفٍ ذَابِلَة نَسَتْها الأقدارُ فِي سلّة الذّكريات، دقات قلبها المُتسارِعة .. نبتَة الصّمت التِي تتوالَدُ في جوفها لتبتلع الحُزن التِي تتعايشُ فِيه و أنا ما زلتُ مصرّاً على الصّمت ..
كيفَ بعدَ خَمسِ سَنواتٍ مِنَ الضّحكِ و الحلمِ .. و الحب نجدُ أنفسنا اليوم نَحترفُ الصّمت على طَريقَة المَوتى، نُكدِّسُ الكلمات فِي دواخِلنا ، كَيف بعد كل ذَلك نَقعُ اليومَ ضحيَّة الكِبرياء و الصّمت ..
ما زال الصّمت سيّدَ اللحظة و مَا زِلنا نَعيشُ لحظَة الإستماعِ إلى أرواحِنا علّنا نجدُ إجابَةً لـ هَذا الفَراغ ..
و بنبرة حَزينَة خَفيفَة قالت :
- هل أنت بخير ؟
نعم إنَّها هِي، نَفس الصّوت الذِي كَانَ يُحاكِي ثُراثَ أحادِيثنا، نَفس الصّوت التِي كَان يُمَوسِقُ آذانِي بِفطْرَةِ الحوار..
- نعم الحمد لله ..
- سَمعت أنّك سَتترك المَدينة مرّة أخرى ..
- نعم أنتِ تَعرفين طَبيعة علمِي
- لا بأس رافقتك السلامة
و عمَّ الصمت مرّة أخرى ، أَشعلتُ سيجارتِي، دُخان كَثيف يَخرج من فَمي يُؤكّدُ لِي أنّي فِي حالَة توثّر، أنتظرُ منها الكَلمة التِي جَعلتها تَسهر حتّى الصباح، لكنها ما زالت كَما عرفتها، دَائماً ما تَلوذُ لـ الصّمت فِي المواقفِ الحتْمِيَة
- .. ما الأمر ؟
- سأتزوج
سكتت طَويلاً مُحاولاً استيعابَ الفِكرَة و بنبرَة وَصَلتها هَزلِيَة لكنها فِي الحقيقَة تُعبّر عن خَسارَة كَبيرة :
- أها حقّاً ؟ سأكونُ أوّل المدعوّينَ بالطبع
- هه لن تتغيَّر، سأُنهي الإتصال لكن تذكر أنَّك يوماً ما ستجدُ نفسكَ وَحيداً
- أنا فعلاً رَجل وَحيد ..
و انقطَع الإتّصال دُونَ أن أكمل الجملة
' بدونكِ '