مقال حسن عسيري في صحيفة الوطن بعنوان الغصب الحلال
كانت الأحكام القضائية في السعودية معلقة في أغلبها، وينقصها الحزم، حتى جاءت محكمة التنفيذ لتنفيذ الحق بـ"القوة الجبرية". تخيلوا أنه وصل إلى محكمة التنفيذ في جدة 10 الآف طلب لتنفيذ أحكام بالقوة الجبرية خلال ستة الأشهر الماضية فقط، نسبة من هذه الأحكام نفذتها المحكمة واستعادت 500 مليون ريال. هل تخيلتم الرقم؟ جزء فقط من عشرة الآلاف حكم في جدة استعاد نصف مليار ريال وأعادها إلى أصحاب الحق. لم نتحدث بعد عن باقي مدن المملكة لأن الأرقام ليست بحوزتنا.
محكمة التنفيذ جاءت بعد أن أصبح هذا الورم كبيرا بشكل يتطلب يدا من حديد، فمنحت الدولة تلك المحكمة المظلة القانونية الإلزامية من خلال إمكانية النفاذ إلى الحسابات البنكية للجاني لسحب النقود وإيداعها في حساب المجني عليه، أو وضع اليد على قطعة أرض تعود ملكيتها إلى الجاني. القوة الجبرية تصل إلى الأموال المنقولة وغير المنقولة. وقد لا يعلم البعض أن محكمة التنفيذ تقوم أيضا بتنفيذ الأحكام الشخصية بالقوة الجبرية. من لم تستطع رؤية أبنائها، فإنها الآن تستطيع ذلك بالقوة من خلال إحضار رجل الأمن معها، من لم تقبض نفقتها سوف تقبض ذلك بالقوة من خلال إلزام المحكمة للبنوك باستقطاع جزء من الراتب الشهري عبر الحساب البنكي.
هذه المحكمة التي يرأسها في جدة الدكتور علي الشهري هي أسوأ خبر بالنسبة إلى الفاسدين والمفسدين.
في زيارتي الأخيرة لها لمست أن جميع العاملين في هذه المحكمة يؤمنون ويشعرون بأن قوتهم في إحقاق الحق فضيلة يؤجرون عليها، وكلما عاد الحق إلى أصحابه في الأحكام التي ينفذونها، كلما كانت رغبتهم وشهيتهم للحق تكبر أكثر وأكثر، ومعهم شهيتنا للقوانين تصبح أيضا أكثر انفتاحا على المزيد منها كي نقلم أظافر المفسدين، الذين كانوا سببا في نشر ثقافة مريضة ساعدت على تفشي الفساد، لأنهم ظنوا أن الأنظمة التي تردعهم ستبقى "مطاطية"، وأن إعادة الحق لأصحابه قابلة للتمدد حتى 20 سنة قادمة، فيماطلون، ويسوفون دون وجود من يخيفهم.
لذلك نقول: نريد المزيد من القوانين، والمزيد من الأحكام التنفيذية، والمزيد المزيد من أيادي الحديد في وجه كل فاسد.
المصدر صحيفة الوطن
[URL="http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=26458[/URL]