يُحكى أن رجلاً قد ألف الشكاية وأدمن جحود النعم
كان يسير في أحد الطرقات هائماً على وجهه
قد حمل هموم الدنيا على رأسه..
تقطع حسرات.. وتصدع زفرات.. وتساقطت نفسُه غماً وأسفاً..
وفجأة إذ به يسمع صوتاً قد أشرقَ بالفرح وعبقَ بالسرور والتفاؤليقول له :
(يومٌ جميل يا سيدي..وصباحك وردٌ أيها المحترم)
انتبه صاحبنا وطفقَ يبحث عن مصدرِ الصوت..
وإذا به رجلٌ قد بُترت ساقاه يجلس على مقعدٍ خشبي ذي عجلات يقوده بيده!
شعر صاحبُنا بعدها بخجلٍ عظيمٍ..
وبهت حياءً من طريقة تفكيره..
معاقٌ مُبتلى لا يملك إلا لسانه أشرقت الدنيا حُسناً بتفاؤله..
وهو الصحيح المُعافى لا يملك إلا بضاعة الشكوى والتذمر!
تذكرتُ هذا الموقف عندما استمعت لأحدهم وقد عقد حاجبَه
وقطب جبينه مستنكراً تصرف الجهة التي يعمل فيها
ومقللاً من قدرِ الهبة التي وهبوها إياه!..
ولسانُ حاله وبيانُ مقاله -وقد فُجعَ بتلك الهبة:-
إن كان عندك يا زمانُ بقية ** مما يُهان بها الكرامُ فهاتها
فكم ساقوا إليه صنيعاً، وكم اختصوه بمعروفٍ..
فما حفظ لهم عهداً ولا ذكرَ لهم جميلاً!؟
ويحتاجُ هؤلاء إلى استراتيجية أكثر نضجاً في طرائق تفكيرهم..
فلربما تُسلب منهم النعمُ وتستحيلُ حياتهم إلى شقاء وجحيمٍ دائمين بسب تلك النظارة السوداء التي ينظرون بها!
وهناك سيكون الندمُ والألم:
أتبكي على ليلى وأنتَ قتلتها ** هنيئاً مريئاً أيها القاتلُ الصبُّ
وهنا سيصرخُ واحدهم صرخة لن يجاوز صداها أذنه:
يا لأحلامي التي ضيَّعتُها في دروبِ الحياة المظلمة..
ويا لآمالي التي وأدتُها تحت عتبة اليأس..
فلنُقبل على الحياة بنفسٍ طيبة وروحٍ مشرقة كالفجر الألق..
نستقبلُ صباحنا بابتسامة ونودع يومنا بابتسامة..
نحمد العزيز على ما وهب..
نستفيدُ من طاقاتنا.. نوظفُ إمكانياتنا.. نتعلم.. نقرأ...
وبعدها سنجد الكونَ كله قد مدَّ إلينا قلبَه..
والدنيا بأسرها قد عانقتنا بجمالها.. ومعها ستسكن النفوس..
ويثوب الرشد .. وتستقر الأرواح..
وهذه والله هي الحياة..
ومضـــــــــــــة برق:-
أيها الشاكي وما بك داءٌ ** كُنْ جميلاً ترى الوجودَ جميلا
أترى الشوكَ في الورود وتعمى ** أن ترى فوقه الندى إكليلا
والذي نفسه بغير جمالٍ ** لايرى في الوجودِ شيئاً جميلا
منقول
ودي