حرب الوردتينمنقول
حرب الوردتين (بالإنجليزية: Wars of the Roses) هي حرب أهلية دارت معاركها على مدار ثلاثة عقود (1455م-1485م)، حول الأحق بكرسي العرش في إنجلترا بين أنصار كل من عائلة لانكاستر وعائلة يورك المنتميتين إلى عائلة بلانتاجانت بسبب نسبهما إلى الملك إدوراد الثالث، وقد كان شعارهما الوردتين المختلفتين في اللون (الأبيض والأحمر) فكان أول من أطلق على هذه الحرب مسمى "حرب الوردتين" هو ويليام شكسبير في مسرحيته الشهيرة هنري السادس، وبسبب ذلك سُميت بحرب الوردتين؛ حيث كانت الوردة الحمراء شعار أسرة لانكاستر والوردة البيضاء شعار أسرة يورك. كانت نتيجة هذه الحرب الأهلية بين الطرفين المنتميين لعائلة بلانتاجانت بفوز هنري تيودور من أسرة لانكاستر على آخر خصومه من أسرة يورك وهو الملك ريتشارد الثالث وتزوجه من الأميرة إليزابيث ابنة الملك إدوارد الرابع لوضع نهاية لحرب الوردتين. يُذكر أن أسرة تيودور حكمت إنجلترا وويلز لمدة 118 سنة (1485-1603).
الأسماء والرموز
مسمى حرب الوردتين يشير إلى شعار النبالة لأسرتين ملكيتين كان شعارهما النبيل ينتمي إلى نوع من الورود، فقد كانت الوردة الحمراء هي شعار أسرة لانكاستر بينما الوردة البيضاء شعار أسرة يورك. وقد استخدم هذا المسمى في القرن 19 بعدما نشر السير والتر سكوت روايته الشهيرة Anne of Geierstein, or The Maiden of the Mist التي فيها تحدث عن انتصار أسرة يورك في معركة توكسبوري. وقد استمد هذا المسمى من مشهد لإحدى مسرحيات شكسبير والتي تدعى هنري السادس التي يظهر فيها مجموعة من النبلاء والمحامون وهم يقطتفون مجموعة من الورود البيضاء أو الحمراء على التوالي في حدائق معبد الكنيسة لإظهار الولاء للأسرتين المتحاربتين.
استخدمت أسرة يورك رمز الوردة البيضاء كشعار النبالة لهم في بداية المعارك لحرب الوردتين بينما أسرة لانكاستر لم تعتمد شعار الوردة الحمراء إلا بعدما انتصروا في معركة بوسوورث في عام 1485 على يد القائد هنري تيودور وبعد أن توحدت الأسرتان الملكيتان تشكل شعار جديد جامعاً وموحداً فيها كلا الأسرتين أطلق على هذا الشعار وردة تيودور.
ارتدى معظم المشاركين في هذه الحرب شارة شعار مرتبطة بكونها خاصة فقط للوردات والرعاة اللذين لهم ارتباط مباشر في نظام "الاقتطاع الفاسد" المنتشر في ذلك الزمان. فقد حمل جيش هنري تيودور في معركة بوسورث التنين الويليزي بينما حمل جيش يورك راية كان يستخدمها الملك ريتشارد الثالث والمتمثلة في الخنزير الأبيض.
مع أن ارتباط مسمى الأسرتين يأتي من مدينتي يورك ولانكاستر إلا أن الدوق لهم من الأهمية في ذلك، فقد كانت المكاتب والأراضي المقتطعة تحت إمرة دوقية لانكاستر في غلوسترشير شمال ويلز وتشيشير بينما القلاع والعقارات المنتشرة في جميع أنحاء إنجلترا فقد كانت تحت إمرة دوقية يورك و(إيرل مارس الذي ورثه ريتشارد يورك)
نشأ هنري بولينجبروك بيت لانكاستر للسلطة عام 1399، عندما عزل ابن عمه الملك ريتشارد الثالث وتوّج نفسه ليكون ملكاً لإنجلترا بدلاً منه وليصبح فيما بعد بإسم هنري الرابع، وبعد وفاته حافظ على العرش ابنه هنري الخامس ليتوج ملكاً وهو في سن صغيرة خلفاً لأبيه الملك هنري الرابع ومن ثم ابنه الملك هنري السادس. وتنحدر أسرة لانكاستر من أول دوق لأسرة لانكاستر كان يدعى جون غونت وهو الإبن الثالث لإدوارد الثالث.
طعن الدوق الثالث من أسرة يورك ريتشارد يورك والذي كان قد شغل عدة مناصب مهمة في الدولة شرعية التاج الملكي لهنري السادس وعدم أحقيته لأن يكون ملكاً فتشاجر مع رجل بارز من أسرة لانكاستر في المحكمة مع زوجة الملك هنري السادس مارغريت.
مع أنه كانت هناك معارك في السابق بين العائلتين إلا أن معركة سانت ألبانز الأولى والتي تبعد 20 ميلاً عن لندن في عام 1455م هي البداية الحقيقة لهذه الحرب وذلك بسبب وفاة أشخاص بارزين من أسرة لانكاستر فيها، أصبحت الحرب على أشدها وأخذ ورثة أسرة لانكاستر على عاتقهم حمل الثأر لمن مات منهم. وقد حصل في وقت ما السلام بطلب من مارغريت أنجو ومحاولة تأثيرها على أسرة يورك لوضع حد لسفك الدماء، ولكنه كان سلاماً مؤقتاً سرعان ما استؤنف القتال بعنفٍ أكبر في 1459، فأُجبر ريتشارد يورك وأنصاره على ترك البلاد، ولكن ريتشارد نيفيل وهو أحد أبرز مؤيديه غزا إنجلترا واقتحم مدينة كاليه فأسر الملك هنري السادس في معركة نورثهامبتون وبسبب ذلك عاد ريتشارد يورك إلى البلاد وأصبح الوصي على العرش.
في ديسمبر 1460 اجتمعت قوات الملكة مارغريت - التي كانت تخشى من فقدان ابنها ميراث العرش - مع قوات نبلاء أسرة لانكاستر في شمال انجلترا للإطاحة بريتشارد يورك، فدارت معركة ويكفيلد والتي قتل فيها ريتشارد مع ابنه الثاني إدموند. بعد ذلك تقدم جيش لانكاستر نحو الجنوب وهزم جيش يورك في معركة سانت ألبانز الثانية وأُنقذ الملك هنري السادس من الأسر، ولكن بسبب فشلهم في احتلال مدينة لندن تراجعوا نحو الشمال. في ذلك الوقت أُعلن في لندن أن ابن ريتشارد الأكبر إيرل مارس إدوارد هو الوصي الشرعي على العرش ولقب نفسه باسم إدوارد الرابع ليكون أول ملوك إنجلترا من أسرة يورك، وفي مارس عام 1461 م جمع جيوشه في معركة توتون وانتصر فيها على جيش أسرة لانكاستر.
في عام 1464 م بعد قمع ثورات أسرة لانكاستر في شمال البلاد وأسر الملك هنري السادس للمرة الثانية، شبَّ خلاف بين إدوارد الرابع ومؤيده ومستشاره إيرل وارويك والذي كان يلقب بـ (صانع الملوك) ووصل اختلافه إلى نفوره من أفراد أسرته وأصدقاؤه وتفضيله عائلة ملكته إليزابيث وودفيل التي تزوجها بالسر. وقد حاول وارويك عزل الملك إدوارد الرابع ووضع شقيقه جورج ريتشارد في مكانه لأنه أراد أن يعيد العرش إلى الملك هنري السادس، كانت النتيجة إنتصار إدوارد الرابع في معركة بارنيت في شهر أبريل من عام 1471م والتي فيها قُتل وارويك وقد حصل كل هذا بعد عامين من التغيرات السريعة لهذه الثورة. في شهر مايو من نفس العام وقعت معركة توكسبوري والتي فيها أُعدم قائد جيش لانكاستر إدوارد وستمنستر بعد انتهاء المعركة، وبعد عدة أيام من موت إدوارد وستمنستر قُتل الملك هنري السادس بعدما كان أسيراً في برج لندن، وفي موته انتهى حكم أسرة لانكاستر لتولي العرش والخلافة.
بعد أن عمَّ السلام لفترة من الزمن في هذه الحرب توفي الملك إدوارد الرابع سنة 1483 م مخلفاً وراءه ابنه إدوارد الخامس الذي لم يتجاوز عمره الإثنا عشرة سنة. كانت هناك ترتيبات رسمية في 4 مايو لتنصيب الملك الصغير على الحكم بعد وفاة والده ولكنه تأجَّل إلى 25 يونيو. قام ريتشارد الثالث بتقديم إعتراضٍ قبل تتويج الملك الصغير قائلاً فيه بأن جميع أبناء شقيقه إدوارد الرابع غير شرعيين وطعن في شرعية زواج شقيقه على إليزابيث وودفيل ليستولي على العرش، وقد استطاع بحيلته هذه أن يحصل على موافقة مجلس اللوردات ومجلس العموم بعدم أحقية الأبناء بالحكم وأنه هو الأحق في ذلك، وفي 6 يوليو من نفس العام تُوج ليكون ريتشارد الثالث ملك إنجلترا.
بعد توليه للحكم سجن ابني شقيقه الصغيران (الملك الصغير إدوارد الخامس والأمير ريتشارد شروزبري ) في برج لندن وكانت آخر مرة شوهد فيها الأميران الصغيران في شهر أغسطس قبل أن يختفيا، ومن هناك ظهرت تكهنات بأنهما قُتلا في ظروف غامضه بأوامر من عمها ريتشارد، مما أدى إلى ظهور أسطورة أميرا البرج على ألسنة الناس حتى زمننا هذا، بالإضافة إلى إبعاد والدتهما الملكة إليزابيث وودفيل من كل شيء له علاقه بالسلطة.
ظهر أحد الأقارب لأسرة لانكاستر يدعى هنري تيودو ومع أن لقب عائلته هو تيودور إلا أن صلته بأسرة لانكاستر ورثها من أمه مارغريت بورفورت فقد كان والدها جون بوفورت هو حفيد الملك إدوارد الثالث من ابنه جون غونت. في عام 1485 م وقعت معركة بوسوورث بين هنري تيودو والملك ريتشارد الثالث وكانت نتيجة هذه المعركة مقتل آخر ملوك أسرة يورك الملك ريتشارد الثالث وتنصيب هنري تيودور لتولي الحكم على إنجلترا، ولقب نفسه بالملك هنري السابع ووضع نهاية لحرب الوردتين بأن تزوج من ابنة الملك إدوارد الرابع والتي تدعى إليزابيث يورك الشقيقة الكبرى لأميرا البرج الصغيرين اللذان اختفيا في ظروف غامضة ببرج لندن.
ظهرت ثورات من أسرة يورك في عام 1487 تطالب بأحقيتهم لتولي العرش من بينهم إيرل جون دي لابول وشخص آخر يدعى لامبرت سيمنل طالب بعرش إنجلترا بسب إدعائه بأنه إدوارد بلانتاجنت وهو أحد أبناء جورج بلانتيجينيه مهدداً بذلك الملك هنري السابع ووقوع معارك ضارية مع أن معظم أحفاد ريتشارد يورك الباقين مسجونين إلا أن التمرد والثورات لم تتوقف في عهد هنري السابع حتى عام 1497 حينما إدّعى بيركن واربيك بأنه ابن إدوارد الرابع -أحد الأميران المختفيان في برج لندن- فقام الملك هنري السابع بسجنه ومن ثم بإعدامه في وقت لاحق.