Thursday 10 May 2012
"هتنتخب مين؟" السؤال الأكثر تداولاً بين المصريين
منصب الرئاسة المصرية حديث الشعب
باتت الانتخابات الرئاسية المصرية هي محور الأحاديث الأهم بين المواطنين في مختلف الأماكن والجلسات العامة، حيث يتبادل الجميع الأسئلة حول من سيختارون لتولي منصب رئاسة بلادهم، إلا أن هذه الأحاديث تحولت أحيانا الى جرائم قتل وأعمال عنف وقع ضحيتها البعض."هتنتخب مين؟"، أصبح السؤال الأبرز والأكثر تداولاً بين المصريين منذ الإعلان عن بدء الإنتخابات الرئاسية في 10 مارس (آذار) الماضي، وصار الجميع في مصر يتعاطون السياسية ليلاً ونهاراً، ويجلسون أمام شاشات التلفزيون لساعات لمتابعة تفاصيل الإنتخابات الرئاسية الأولى بعد الثورة التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك. على المقاهي، وفي المنازل والشوارع والنوادي ومقرات العمل، في المصانع والحقول، يتبادل المصريون السؤال "هتنتخب مين؟"، ويرد كل واحد على الآخر طارحاً اسم أحد المرشحين، وفي حالة التوافق، يعدد الطرفان مزايا مرشحهم المفضل، وفي حالة التناقض، يحاول كل طرف إقناع الآخر بمزايا مرشحه، وبعض الأحيان لا يحدث توافق، بل شجار، ويندلع العنف، بل ويسقط قتلى، بسبب المناقشات حول المرشحين الرئاسيين.
في المترو
فجرت صورة للمرشح عبد المنعم أبو الفتوح ملصقة داخل عربات مترو الأنفاق "إتجاه شبرا" عاصفة من الجدل بين المصريين الذين يستقلونه مساء أمس الثلاثاء 8 مايو (أيار) الجاري، نظر أحد الركاب إلى الملصق، وقال لمن يجلس إلى جواره "والله الراجل ده محترم، وممكن يعمل حاجة في البلد دي"، فرد الآخر "يا عم ده بيضحك على الناس ويخدعها، هو إخواني صميم، وبيقول إنه استقال، خلاص أنا لم أعد أثق في أي شخص يدخل السياسة من باب الدين"، وتدخل في الحديث راكب ثالث، وكان شاباً، وسأل المتحدث وكان في سن الكهولة: "حضرتك هتنتخب مين؟"، وهنا رد بحماس واضح "سأنتخب عمرو موسى، لأنه لديه خبرة سياسية واضحة، وعمل وزيراً للخارجية ولديه مواقف حازمة من إسرائيل، وعمل أميناً عاماً للجامعة العربية، ويتمتع بعلاقات قوية ومتشعبة مع الغرب والعرب في الوقت نفسه"، وأضاف "بصراحة هو اللي يصلح لقيادة مصر في المرحلة دي، لكن باقي المرشحين ليست لديهم أية خبرات سابقة في إدارة الدولة"، واندلع على أثر ذلك الكثير من الجدل بين مستقلي المترو، بين شباب متحمسين لأبو الفتوح، باعتباره أبرز المرشحين الثوريين، ولديه مشروع نهضوي واضح لقيادة مصر، وبين شيوخ يفضلون عمرو موسى لخبرته السياسية، لكن كانت هناك قلة تتوزع ما بين الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء أثناء الثورة، وحمدين صباحي زعيم حزب الكرامة، والمرشح على مبادئ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
حول عربة الفول
"هتنتخب مين؟" سؤال أثار جدلاً آخر ما بين مجموعة من المصريين المتحوطين حول عربة الفول يتناولون إفطارهم قبل الوصول إلى أعمالهم، ذلك عندما طرحه البائع، على أحد زبائنه، ويعمل مهندساً في وزارة الكهرباء، ويدعى أحمد عاشور، ورد قائلاً: إنه سوف ينتخب الأصلح، وطرح عليه البائع الذي توسّخت ملابسه ببقايا الفول والزيت، حتى طالت لحيته الكثيفة: "ومن الأصلح من وجهة نظرك؟"، فقال عاشور: الأصلح من وجهة نظري هو من لم يتلوث بالفساد في عهد النظام السابق، ومن لم يتول أي عمل معه، ولم يسانده في بغيه على المصريين أو الفلسطينيين، الأصلح هو من قال "لا" في وجه مبارك الظالم وهو في عز مجده، وليس من انتظر حتى أسقطه المصريون لكي ينتقده". وهنا توقف أحد الزبائن، ولم يرفع اللقمة التي بيده إلى فمه، حتى لا تعيقه عن الكلام، وقال: أفهم من كلام حضرتك، أن عمرو موسى أو أحمد شفيق ليس بينهم الأصلح، لأن كلا منهما عمل مع مبارك، ولم يقل كلمة حق في وجهه أثناء حكمه"، وتابع الرجل قبل أن يضع اللقمة في فمه: لكنك لم تقل من الأصلح، أو من ستنتخب"، وهنا رد البائع بحزن واضح: للأسف الأصلح تأمروا عليه، وأبعدوه عن الإنتخابات، بحجة أن أمه تحمل الجنسية الأميركية، أنا من رأيي أن الشيخ حازم أبو اسماعيل كان المرشح الأصلح لرئاسة مصر"، وهنا ثار عليه البعض، ووصفوا أبو إسماعيل بالمخادع والذي يوظف الدين من أجل أغراض سياسية.
أمام شاشات التلفزيون
صور الحملات الانتخابية في الشوارع
تجلس ربات البيوت بالساعات أمام برامج الحوار (التوك شو)، والتغطيات الإخبارية، وقالت رجاء خليل وهي سيدة تبلغ من العمر 52 عاماً، إنها تتابع غالبية ما يبث عبر الفضائيات من أجل الإجابة على سؤال "هتنتخب مين؟"، وأضافت لـ"إيلاف" أنها كلما كونت رأياً واضحاً حول مرشح، تفاجأ بأنه لا يصلح، بعد أن تشاهد مناقشات أخرى حوله، مشيرة إلى أنها عموماً ضد انتخاب أي مرشح من "الفلول"، وضد أن يحصل على "خير الثورة" من لم يمهد لها أو يشارك فيها من البداية، رجاء مؤمنة بأن من زرع لا بد أن يحصد، ولا يجب أن يزرع الشباب ويحصد الشيوخ الخير كله، وأوضحت أنها حائرة ما بين ثلاثة مرشحين، الأول عبد المنعم أبو الفتوح، والثاني حمدين صباحي، أما الثالث فاكتشفته عندما شاهدت برنامجاً يتحدث فيه، ولم تعرفه من قبل، إنه المرشح الشاب خالد علي، وتابعت: إن خالد علي شاب، وناشط حقوقي وكان من أوائل المشاركين في الثورة من ميدان التحرير، ولديه برنامج واضح للنهوض بمصر، إنجذبت إليه عندما كان يتحدث في برنامج "مصر تنتخب الرئيس" على إحدى الفضائيات، أنا الآن أرى أنه الأصلح، بعد أن كنت أميل إلى انتخاب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح".
على المقهى
تكتسب الإجابة على سؤال "هتنتخب مين" على المقاهي مذاقاً خاصاً، حيث المناقشات مع أكواب الشاي والقهوة ودخان الشيشة، لكنها مناقشات قد تفضي إلى الموت، لاسيما إذا كانت مع أنصار المرشح المستبعد حازم أبو إسماعيل، حيث فقد شاب في الرابعة والعشرين من عمره حياته ثمناً لوصفه أبو إسماعيل بـ"الكذاب"، بعد أن إنهال عليه أنصاره في مدينة قنا جنوب مصر ضرباً بالكراسي حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
ومن جانبها، تقول الدكتورة أماني الطويل الخبيرة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستيراتيجية لـ"إيلاف"، إن الإنتخابات الرئاسية في مصر بعد الثورة تكتسب أهمية خاصة لدى المصريين، لاسيما أنها أول إنتخابات حرة تعددية تشهدها البلاد منذ آلاف السنين، مشيرة إلى أن المصريين لم يختاروا حاكمهم عبر تاريخهم الممتد لنحو سبعة آلاف سنة إلا مرة واحدة، عقب نجاحهم في طرد الحملة الفرنسية في 1805، عندما اختاروا محمد علي والياً على بلادهم، أجبروا السلطان العثماني على إصدار مرسوم بذلك، وها هم يختارون الرئيس للمرة الثانية. ولفتت إلى أن المصريين جميعاً مهتمون بالإنتخابات الرئاسية، ويتابعون أحاديث المرشحين عبر التلفزيونات، ويتابعون المناقشات الدائرة حول ذلك الحدث.