أسيرة العادة
**********
سيدتي
مُشكلتُكِ ليستْ كبيرةً كما تتصوّرينْ
بيدِكِ الحلُّ
فالمُشكلةُ هي أنّكِ لا تريدينْ
أنتِ أسيرة العادةِ يا سيدتي
مثلُكِ مثلُ عُصفورٍ تعوَّدَ على صِفة السّجينْ ؟
يُريدُ الخروجَ من القفصِ
يُفتحُ البابُ له ليخرُجَ
يخطو خطوتينْ
يتعثَّرُ
ثمَّ يعودُ سريعاً كما تفعلينْ
يسمعُ عن الحرّيّة
تُعجبُهُ
يسمعُ عن البرّيّة
تُعجبُهُ
تُتاحُ له الفرصةُ لخوضِ التجربةِ
تُرهبُهُ
وأنتِ كالعصفور تماماً وتخافينْ ؟
قلبُكِ باكٍ
ترغبينَ بالهروبِ بعيداً
لكنكِ لا تستطيعينْ
أنتِ أسيرة العادةِ وأنتِ يا سيدتي الجميلةَ تخافينْ ؟
يا سيدتي
نؤاخي الشقاءْ
لو لم يكنْ للشقاءِ دواءْ
نُصاحبُ الجُرْحَ
لو لم يكنْ للجُرحِ شفاءْ
لكننا لا نرفضُ الرّاحةَ ولو قليلا
لا نرفضُ أن يكونَ العِشقُ عن الجرحِ بديلا
ليست الحلولُ يا سيدتي أمراً مُستحيلا
لكلّ مشكلةٍ حلٌّ
حرامٌ أن يبقى العصفورُ عُصفوراً عليلا
يقول المثلُ : الحاجة أمُّ الإختراعْ
يا عصفوراً ظنَّ بأنّهُ ضاعْ
إخترعي
إبتدعي
أخلقي حلاًّ يُوازنُ بين الذهاب بعيداً وبين الإرتجاعْ
لن تخسري القفصَ الذي تعوّدْتِ عليهْ
فالعِشقُ يمحو أنيناً شكَوْتِ منهُ إليهْ
يا عصفورة الدّارِ المُغطّى بالسّوادْ
لن يشتري أحدٌ منكِ عذابَكِ في المزادْ
أيُّ عَيْشٍ كلُّ ما فيهِ جمادْ ؟
أيُّ عُمْرٍ كلُّ ما فيه عِنادْ ؟
أيُّ حُلُمِ كلُّ ما فيهِ سوادْ ؟
وأيُّ قلبٍ كلُّ ما فيهِ رمادْ ؟
إزرعي الحُبَّ
سوف يأتي الخيرُ في يوم الحصادْ
بين سجنٍ وغرامٍ لا تكوني في الحيادْ
سيدتي
أتألّمُ وأنا أراكِ تتألّمينْ
أتعذَّبُ وأنا أراكِ تتعذّبينْ
وما بيدي حيلةٌ
فأنتِ وحدكِ التي تقرّرينْ
إنّي آملُ طلوعَ الفجرِ
أنتظرُ البوحَ بما تشعرينْ
سأمسحُ دموعكِ بإبهامي
سأُهديكِ كلَّ أيامي
سأُسكنُكِ روحي وقلبي وأحلامي
لستُ سجناً ولا سجّاناً
أنا مركبٌ الى عُمْرٍ جديدْ
أحملكِ الى عالمي
ففي عالمي عزفٌ وغناءُ وعيدْ
وفي عالمي تحلو المواعيدْ
قُبَلٌ تُوزّعُ الورْدَ في مساحاتِكْ
دفءٌ يُبدِّدُ البَرْدَ في ساعاتِكْ
وتعلو فوق فراشنا أحلى الأناشيدْ
سيدتي
مشكلتُكِ ليستْ كبيرةً كما تتصوّرينْ
بيدكِ الحلُّ
ولكِ أن تختاري ما تشائينْ
******************
حسن رمضان