خلال شهر رمضان تنظم جمعيات ومساجد في العاصمة الألمانية أنشطة ثقافية وفعاليات بالمشاركة مع جهات مختلفة، وتهدف تلك الفعاليات إلى عكس التنوع في حياة المسلمين في برلين وإلى تقوية ثقافة الحوار بين المسلمين وغير المسلمين؟
قبل غروب الشمس بحوالي ساعتين، دبت الحياة والنشاط من جديد في "المركز الثقافي التربوي الإسلامي" الواقع في حي نويكولن بالعاصمة برلين: في الطابق الأرضي كان بعض الطهاة منهمكين في إعداد مائدة الرحمن، وفي البقالة الملحقة بالمركز تُباع مستلزمات عربية وكتب دينية إسلامية. وفي الطابق الأول جلس مؤمنون لتلاوة القرآن. أما في الطابق الثاني فقد أخذ حوالي ستون شخصاً، جلهم من النساء، أماكنهم لحضور الندوة المنظمة أوالمشاركة في حلقة نقاشاتها والتي كانت بعنوان: "الأديان وحقوق الإنسان: فرص وتحديات".
حقوق الإنسان تحمي الجميع.
بدأ الدكتور سيبستيان مولر، الباحث في مجال الحرية الدينية والمعتقدات من "المعهد الألماني لحقوق الإنسان"، حديثه بمقدمة عن "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1948، حيث أوضح ظروف تبني الإعلان وأتى على ذكر بعض الاقتباسات من الديباجة وعلى بعض مواد الإعلان. وأشار إلى أهمية حقوق الإنسان التي "تحمي الجميع من كل الأديان والمعتقدات". وتابع أن "حقوق الإنسان تكفل حرية الدين والمعتقد، وهي تشمل الفرد، والجمعيات والمؤسسات الدينية، وكذلك عموم الجماعة الدينية"
كما أوضح التحديات التي تواجه الأديان فيما يخص حقوق الإنسان والتي لخصها في "حرية اختيار الدين أوالتحول عنه، وفي المساواة بين الرجل والمرأة، وأكد على ضرورة " تدخل الدولة عند تعرض حقوق الإنسان للانتهاك". كما ذكر عدة أمثلة عن جمعيات ومؤسسات دينية تراعي في عملها مواقف حقوق الإنسان وحرية الدين والمعتقد.
حقوق الإنسان في الإسلام والمسيحية
في مرحلة لاحقة انضم إلى حلقة النقاش كل من الشماس (معاون في الكنيسة) رالف ديتر فايغل من "كنيسة الأخ كلاوس الكاثولكية" في برلين-نويكولن، وخريج الأزهر الشيخ الخطيب فريد حيدر. وأضح الشيخ فريد حيدر أنه "إذا أخذنا الإسلام في سياقة التاريخي، فإن مفهوم حقوق الإنسان لم يكن متبلوراً بمفهوم اليوم. ولكن هناك الكثير من الإشارات حول هذا الموضوع في القرآن وفي السنة النبوية، وخصوصا في خطبة الوداع". وتابع بأن "الإسلام ركز على علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، سواء كان مسلماً أو غير مسلم". وأجاب مولر عن سؤال حول مدى وقوف الأديان خلف عدد من الصراعات فقال إن "هناك على الأقل 25 صراعاً حدثت لأسباب دينية، غير أنه لايمكن القول بأن الدين هو السبب الوحيد لأي صراع أو نزاع". وتعليقاً على نفس النقطة قال الشيخ حيدر "يمكن تفسير أي كتاب سماوي وأي فكر بشكل مسيء وبالتالي بهدف الاستغلال السيئ".
في الختام أكد المشاركون في اللقاء على أهمية الحوار وضرورة التعاون والعمل المشترك بين الجمعيات والمؤسسات الدينية ومنظمات حقوق الإنسان. وجاء وقت آذان المغرب ليعلن انتهاء مناقشات الندوة وانقضاء يوم صوم طويل. ثم دُعي الحاضرون، مسلمون وغير مسلمين، عرباً وألماناً ومن جنسيات أخرى، إلى المشاركة في تناول طعام الإفطار.
وذكر المهندس رائد زلوم، مدير المركز الثقافي التربوي الإسلامي، على هامش الإفطار أن تنظيم الندوة انطلق من أن"الدين يحترم الإنسان وحقوق الإنسان، لذلك نحن مع حقوق الإنسان ومع حرية الرأي وحرية الدين لكل الناس في كل البلاد.
.