للتعايش تعريفات عديدة نستعرض بعضها, ثم ننطلق في ظلالها محاولين فهم فلسفة التعايش وآليات بنائه كجزء من نظام الأفكار الحاكم الذي نريد.
التعريف الأول: في علم اللغة:
تعايشوا: أي عاشوا على الألفة والمودة ومنه التعايش. وعايشه عاش معه, والعيش معناه الحياة, وما تكون به الحياة من المطعم والمشرب والدخل (1).
التعريف الثاني: في علم الطبيعة:
التعايش: هو علاقة بين نوعين من الأحياء يستفيد خلالها كلاهما من الآخر.. أي أنَّه عبارة عن تفاعلات ثابتة وطويلة الأمد بين نوعين أو أكثر من الأنواع الحية والتي قد تكون مفيدة أو حيادية أو ضارة لأحدها أو جميعها (باللاتينية Symbiosos).
التعريف الثالث: في علم الاجتماع:
التعايش: يعني قبول رأي وسلوك الآخر القائم على مبدأ الاختلاف واحترام حرية الآخر وطرق تفكيره وسلوكه وآرائه السياسية والدينية فهو وجود مشترك لفئتين مختلفتين وهو يتعارض مع مفهوم التسلط والأحادية والقهر والعنف (2).
وبالتالي يمكننا أن نخلص من هذه التعريفات الثلاث إلى تعريف شامل للتعايش:
التعايش هو: “علاقة تفاعليَّة, في بيئةٍ مشتركة, بين فئات مختلفة, بغرض تحقيق استفادة أو تبادل منافع, في ظل جوٍّ من الاحترام والمودة”.
ولذا فإنَّ فلسفة التعايش تبنى على الإيمان بالآتي:
أنَّ البيئة التي نعيش بها ملكٌ مشتركٌ بين الجميع, وليست ملكًا لأحد دون الآخر.
أنَّ الاختلاف سيظل قائمًا بين الفئات التي تتشارك نفس البيئة, وإذا لم يحسن استغلاله تكون نتائجه غير إيجابيَّة.
أنَّ العلاقة التفاعليَّة تبنى على الاستفادة المتبادلة, والمنافع المشتركة, وتحفظ بإعلاء قيمة العدل, وتنمو بالمودة والألفة.
أنَّ جوهر التعايش يقع في احترام حق الآخر في أن يملك فكرًا مغايرًا لفكرك.