الأحداث التي سأمر عليها تبدأ من عام 1874 م أيام حكم السلطان عبد الحميد الثاني حيث ضم فلسطين لحكم الدولة العثمانية.
وفي هذا الوقت وفي بقعة أخرى من العالم ، وتحديداً في روسيا والتي كان يحكمها قيصر روسيا الثاني ، كان اليهود يدبرون لمؤامرة خطيرة جداً وهي اغتيال الإسكندر، ولكنه استطاع أن ينجو من عملية الاغتيال وقام على أعقابها بحركة قمع وانتقام شديدة من اليهود وبدأ يدفعهم للهجرة من روسياوظهرت حركة اللاسامية أي العداء لكل ما هو سامي والأصل السامي هو أصل اليهود والعرب .وكانت أعداد اليهود كبيرة تقدر بالملايين وأكثرهم كانوا في أوربا وظهرت مشلكة كبيرة في مكان لجوء هؤلاء وقامت إثر ذلك جماعة تسمى ( حركة أحباء صهيون ) وكان من جهودها السعي لدى فرنسا وبريطانيا باسترحام الدولة العثمانية التي كانت مجاورة للدولة الروسية لكي تسمح لليهود بالهجرة إليها فسمح لهم السلطان عبد الحميد بسكنى الدولة العثمانية ما عدا فلسطين التي لم تكن ممنوعة عليهم قبل ذلك.وأثنائها عاتب السفير الأمريكي ( لم يكن لأمريكا في ذلك الوقت أي نشاط عسكري أو سياسي ) السلطان عبد الحميد على شرطه فأجابه السلطان عبد الحميد ( إنني لن أسمح لليهود بالاستقرار في فلسطين ما دامت دولة الخلافة العثمانية قائمة )وفي عام 1882 م تحركت بريطانيا نحو مصر واحتلتهاوإلى عام 1914 كان قد هاجر أكثر من 2.5 مليون يهودي لدولة الخلافة العثمانية واستقر أكثرهم في تركيا ولم يتسلل نحو فلسطين سوى 155 ألف يهودي يشكلون نسبة 2% من مجموع اليهود الذين هاجروا وخلال هذه الفترة استطاع اليهود بناء عدد من المستعمرات البعيدة عن الأنظار ، إلا أن أهل فلسطين انتبهوا لهذا التحرك وبدأت حركة مقاومة له من داخل فلسطين.وبدأت صدامات مسلحة تظهر بين الفلاحين الفلسطيني واليهود عندها أحس السلطان عبد الحميد بنيتهم فأشرف بنفسه على إدارة فلسطين ، وأصدر قانوناً بمنع الهجرة اليهودية الجماعية إلى الأراضي العثمانية ومنع الزائرين من البقاء في فلسطين أكثر من ثلاثة أشهر حتى الفرادى منهم.وبعدها استقر الأمر وانشغل السلطان عبد الحميد بقضايا أخرى هامة فأمر الخديوي ( عباس حلمي ) في مصر أن يتابع شؤون الساحل في فلسطين واستغل اليهود الألمان ضعف الخديوي في مراقبة الساحل وبدؤوا يهاهجرون نحو فلسطين وشرعوا في بناء مستوطنات يهودية فيه.وعاد السلطان عبد الحميد فانتبه إلى التحرك اليهودي الجديد فأمر بإعادة تبعية فلسطين إليه مباشرة وأرسل قوة عثمانية من تركيا لطرد اليهود الألمان من الساحل وأصدر قراراً في عام 1892 يقضي بمنع بيع الاراضي لليهود حتى من قبل الفلسطينيين وفي عام 1896 ظهر على الساحة العالمية اسم جديد ( ثيودر هرتزل ) مؤسسة رابطة الاستعمار اليهودي في فلسطين وأصدر كتابه ” الدولة اليهودية ” ودعا فيه إلى إقامة دولة في فلسطين فإن لم تكن في فلسطين ففي الأرجنتين.وهنا تنكشف أكاذيبهم بقدسية فلسطين لديهم لأنهم وضعوا بديلا عنها، و كانت غايتهم إقامة دولة فقط.و في عام 1897 م حدثت حرب بين الدولة العثمانية و اليونانية وأفلست الدولة العثمانية أمام هذه الأزمات الخانقة وتحرك هرتزل فجمع ملايين اليهود في أوروبا وعرض على السلطان عبد الحميد عبر السفير العثماني في فيينا تبرعا يهوديا ضخما نظيرالسماح بهجرة اليهود إلى فلسطين فجاء الرد قوياً وصارماً : ” إنني لا أستطيع التخلي عن شبر واحد من فلسطين لأنها ليست ملك يميني بل ملك شعبي لقد ناضل شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه”أفجع هذا الرد اليهود في كل العالم وأدرك هرتزل أن لايمكن دخول فلسطين في ظل وجود السلطان عبد الحميد فأعلن عقد أول مؤتمر صهيوني في مدينة “بازل” في سويسرا برئاسة هرتزل نفسه وأنشأ فيه المنظمة الصهيونية العالمية ومن قراراته أنه ليس لليهود سوى وطن قومي في فلسطين وإلغاء فكرة الأرجنتين و قرر في حالة استمرار رفض السلطان عبد الحميد لمطالبهم سيعملون على تحطيم الدولة العثمانية.ثم في عام 1898م عقد المؤتمر الصهيوني الثاني في “بازل ” في سوسيرا مرة أخرى وخرج بعدة قرارات منها إنشاء البنك اليهودي وتشجيع تعلم اللغة العبرية وتفويض “هرتزل” في كيفية حمل الدول الأوروبية على مساعدة اليهود لإقامة دولة فلسطين.
يتبع