المشى أثناء النوم
بين الحقيقة والكوميديا
نشاهد كثيرا في الافلام السينمائية والتلفزيونية البعض يمشي اثناء نومه
اما حقيقة او كخدعة لتنفيذ غرض ما ولكن هذا يأخذ شكل الكوميديا او الهزل
لكن الحقيقة ان المشي اثناء النوم هو أحد الاضطرابات الشائعة المرتبطة بالنوم.
وهو ينتشر عند الأطفال خصوصاً ونسبة (10 ـ 30%) من الاطفال حدثت لهم نوبة واحدة على الأقل ونسبة (1ـ 5%) لديهم نوبات متكررة ذات آثار سلبية.
وهذا الاضطراب من الاضطرابات الحميدة عادة وهو يختفي في سن المراهقة ولا سيما حوالي سن (15) سنة.
ويمكن له أن يبدأ في أي عمر بعد سن المشي ولا سيما في عمر (4 ـ 8) سنوات، وأكثر الحالات في سن (12 ) سنة.
ويتوزع انتشاره بشكل متشابه بين الذكور والإناث،
وكما ذكرنا فإنه اضطراب محدد و حميد و لا يترافق مع اضطرابات نفسية أخرى عادة وهو يتحسن مع العمر ويختفي،
إلا أن نسبة من هذه الحالات تستمر إلى مرحلة الرشد والشباب.
أو أنها تختفي ثم تعود في مرحلة الشباب،
وتستمر عدة سنوات بين اشتداد وهجوع، ونسبة حدوث نوبة واحدة على الأقل من المشي أثناء النوم عند الكبار هي (1ـ 7%)،
وعندها يمكن أن تترافق مع اضطرابات القلق أو الاكتئاب أو اضطرابات الشخصية.
توقيت الحدوث
ويتحدد هذا الاضطراب بأنه يحدث خلال الثلث الأول من الليل في مرحلة النوم العميق
حيث يصحو المريض جزئياً ويقوم ببعض التصرفات والحركة والمشي
ومنهم من يذهب إلى الحمام أو ينزل على السلم أو يذهب إلى المطبخ ويأكل،
أو يفتح خزانة الملابس ويمكن له أن يخرج خارج المنزل.
وفي حالات نادرة يمكن أن يقوم بأعمال معقدة مثل استعمال أحد الأجهزة أو فتح القفل بالمفتاح،
وفي حالات أخرى يمكن أن يتصرف بشكل مؤذٍ وعنيف إذا كان خائفاً أو هارباً،
كما يمكن أن يتعرض للأذى والسقوط والكدمات والجروح.
وليس صحيحاً أبداً أن المريض يمكن أن يمشي في أماكن خطرة دون إصابة والمريض عندما يمشي أثناء نومه يتميز وجهه بفراغه من التعبير،
وهو لا يستجيب لكلام من حوله ولا يتحدث إلا نادراً ويكون حديثه خافتاً ومحدوداً وليس مسترسلاً، كما أن انتباهه يكون ناقصاً.
وقد يستجيب لكلام من حوله بأن يعود إلى سريره ويتابع نومه،
وعندها تنتهي النوبة التي قد تستغرق عادة عدة دقائق إلى نصف ساعة،
ويصعب عادة إيقاظ المريض من نوبة المشي أثناء النوم،
وقد تنتهي النوبة بالاستيقاظ بعد عدة دقائق من اختلاط الوعي واضطراب التوجه في الزمان والمكان ثم يصحو المريض تماماً،
وهو لا يتذكر عادة ما جرى وقد يتذكر بعض الأمور العامة ولكن لا يمكنه أن يتذكر التفاصيل
العامل الوراثي
وفي دراسة هذا الاضطراب تبين أن هناك عاملاً وراثياً وراء عدد من الحالات، حيث ينتشر الاضطراب في نفس العائلة،
وعندما يصاب أحد أفراد الأسرة فإن نسبة (10ـ 20%) من أقرباء الدرجة الأولى يظهر لديهم هذا الاضطراب،
ولا يزال العامل الوراثي غير محدد،
كما أن هناك عدداً من المثيرات لنوبات المشي أثناء النوم ومنها القلق والتوتر والخوف وامتلاء المثانة والضجيج والحرمان من النوم وارتفاع الحرارة
وأيضاً نوبات الصداع النصفي واستعمال الكحول وبعض الأدوية النفسية.
اضطراب المشي و الرعب الليلي
ولا بد من تفريق اضطراب المشي أثناء النوم عن نوبات الخوف أو الرعب الليلي ،
حيث يقوم الطفل من فراشه بحالة ذعر وخوف شديدين وتتزايد ضربات القلب ويحدث التعرق وغير ذلك،وهذا لا يحدث في اضطراب المشي أثناء النوم،
كما يجب تفريقه عن الكابوس أو الحلم المزعج المخيف.
وفيه يتذكر الطفل أو البالغ تفاصيل عن الحلم الذي أزعجه كما أنه يحدث في آخر الليل عادة،
ويمكن لحالات إعاقة التنفس والشعور بالاختناق أن تتشابه مع اضطراب المشي أثناء النوم حيث يقوم المريض من فراشه،
ولكن ذلك يتميز بالشخير وانقطاع النفس والنوم المتكرر في النهار.
وبعض حالات الصرع الدماغي تتشابه مع هذا الاضطراب وفيها يكون تخطيط الدماغ ضرورياً حيث يظهر اضطراب في كهربائية الدماغ،
بينما يظهر التخطيط في المشي أثناء النوم موجات بطيئة هي موجات النوم بالإضافة إلى الموجات الأخرى،
كما يفرق هذا الاضطراب عن اضطراب الشرود التفككي َّ
والذي يحدث بنوبات تبدأ أثناء النهار وتستمر أياماً أو أسابيع
يكون فيها المريض بحالة اعتيادية من الصحو والكلام.
وأخيراً يجب تفريق هذا الاضطراب عن التمارض أو ادعاء المرض
من خلال الأعراض الوصفية له والتي يصعب تمثيلها أو اصطناعها.
العلاج
وأما العلاج فلا بد من التأكيد أولاً على أن كثيراً من الحالات تعتبر عادية ولا تتسبب في مشكلات إضافية،
وأما الحالات الأخرى حيث يتجنب المريض النوم خارج المنزل
ويتجنب الرحلات والمخيمات الصيفية والزيارات التي تحتاج إلى نوم خارج المنزل
فعندها يتطلب الأمر العلاج،
ويتدرج العلاج من الابتعاد عن المثيرات كالحرمان من النوم والتخفيف من القلق والضغوط الاجتماعية قدر الإمكان،
ويفيد إعطاء دواء مهدئ في توقيف النوبات.
كما يجب الانتباه إلى حماية الطفل وترتيب مكان نومه بشكل لا يتسبب في الكدمات والأذى
،
وأما في حالات الكبار فلا بد من دراسة الحالة بالتفصيل وتفريقها عن سوء استعمالها بعض الأدوية أو استعمال الكحول وغيره
كما لا بد من وضع خطة تفصيلية علاجية من مختلف الجوانب النفسية والاجتماعية والطبية.