النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

كرسي ابي

الزوار من محركات البحث: 9 المشاهدات : 395 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق جديد
    تاريخ التسجيل: June-2015
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 11 المواضيع: 6
    التقييم: 6
    مزاجي: هاديء ومطمئن
    آخر نشاط: 11/August/2015

    Hiding كرسي ابي

    قصة قصيرة كرسي ابي ..في احدى الليالي المقمرة ، حيث النور .. يلقي بتحيتهِ علينا خلال النافذة ، وهو يتسللُ الظلامَ حياءً لينسدل على الكرسي الوثير ..
    كنت أتأرجح عليه جيئة وإياباً كأنني في ارجوحة ، ينفرط حولي افراد عائلتي .. نتسامرُ في احاديثٍ شتى ، انه يومُنا الموعود ..
    كانت هذه اللحظات المتنفسَ الهاديء لعائلتي ..اذ يجتمعُ الشملُ ..والحواراتُ الممتعة ، وكانت انظارُنا منصبة على الطفل الصغير ..
    الذي يبهرنا بحركاته الضعيفة ، وهو يحاولُ ان يُمسِك بأحدنا ليقف ، يقعُ حينا فنهرع جميعا لنتلقفه ويعاود الوقوف حينا آخر كفراشة تثب على زهرة وتعانق الاخرى ..وبينما نحن منشغلون بالحديثِ تارة ،وبدراما الطفل الذي نترقب نهوضه حينا آخر ، دخل علينا ..وعلى حين غرة ..كرسي ..! ..نعم كرسي مصنوعٌ من الخشب ..لاتستغربوا ذلك ..دخل علينا ابي حاملًا كرسيه الاثير كما يسميه كي يجلس عليه معنا ..؟ لا .. !بل لينفرد به في غرفته ..فنحن لانكاد نرى ابي بدون الكرسي ..!!كانت هناك علاقة غريبة بين أبي والكرسي الخشبي ..حقيقة لانعرف سر هذا التعلق فقد كان أبي يقضي جُل وقته جالساً على كرسيهِ الاثيرِ في مكتبهِ لساعاتٍ طوالٍ ..بصمت .. كأنه يبحرُ في غياهبِ الزمن ..الماضي ..الحاضر ..المستقبل ..لانعلم ..أخاديدُ وجههِ التي حفرَها الزمنُ نلمحُها تنفرجُ قليلاً تتبددُ كتبددِ السحابِ حين يستنزفه المطر .. ملامحهُ صارمةٌ..وعينان كعينا صقرٍ جائع .. لم يعجبه الطلاء الاخير لم يكن يليق به..! .. هذا ماقاله فسرعان ما غير الطلاء بلونٍ جديدٍ يتماشا مع مايرتدي من ثيابٍ ..كان الزي الرسمي لايفارقه حتى بعد ان احيلَ على التقاعد ..كان الكرسي الاثير –كما يسميه ابي والكرسي اللعين كما يسميه افراد عائلتي قابعُ خلفَ مكتبِ والدي في غرفتهِ الخاصة ..كانت فاخرة الاثاث استنفذت من أبي الجهد والمال الكثير ..مما أثار حفيظتنا واستغرابنا ..الا اننا لم نجرؤ على سؤاله يوما ما عن سر هذا التعلق الغريب ..كان يلمح ذلك في عيوننا المحدقة بالكرسي فيمنحها اجوبة لانكاد نفقهها الا اننا كنا نهز رؤسنا على مضض كي يظن اننا نوافقه الرأي .. فكلُ يومٍ لون وكل يوم تصميم جديد وكل يوم سؤال وكل يوم جواب ..حتى غدا هذا الكرسي أحد افراد العائلة يدخل ويخرج في كل وقتٍ وفي أبهى حلة كطاووس .. لقد كنا نتحمل ذلك على مضض مراعاةً للازمة النفسية التي كان يمر بها والدي بسبب ابتعاده عن الاجواء الوظيفية التي كانت تزخر بها حياته قبل احالته على التقاعد ..لكن الامر بدأيخرج عن كونه حالة نفسية ، لقد نهرَ اختي الصغرى ، وعنفها ذات مرة لمجرد انها حاولت ان تجلسَ عليه ، وليس هذا فقط ..اخذ يمسحهه بمنديله بنوبه من القلق الهستيري ..الامر الذي دفعنا لان نعامل هذا الكرسي اللعين بندية وكأنه خصم عنيد لايتزحزح...الا ان كفته كانت هي المرجحة علينا عند ابي ..في الوقتِ الذي كنا فيه في امس الحاجة لعونه ماديا ومعنويا حتى اضطرننا في حالات متعددة ان نبيعَ بعضَ اثاثِنا كي نسدد نفقات العائلة بل رهنا الكثير من الاشياء الثمينة ، والتي كنا ندخرها للزمن ، كنا نودعها ... كمن يودع عمراً بأكمله ..لكن الطامة الكبرى التي فجرت الموقف حدثت عندما خرج أبي مبكراً ذات مرة وبيده الكرسي اللعين وتاخر في العودة .. وانتصف النهار ولم يعد ..اصبحنا في دوامة من القلق .. لم يتأخر والدي هكذا يوماً ، هب الجميع للبحث عنه هنا ..هناك كدوي النحل .. دون جدوى ولم نعرف له طريق ..حل الظلام الدامس وانتصف الليل البهيم ..داهمتنا الوساوس ، لكن أبي لم يعد .. وفي دوامة القلق التي عصفت بنا ، طلت علينا المفاجئة الكبرى ..ويا لهول ما رأت عيونُنا ..لقد دخل علينا الكرسي ذو الارجلِ الاربعة المصنوعُ من الخشبِ وهو مطعم بالذهب ..!! نعم من الذهب الخالص ..!! هب الجميع وهم يتسائلون :- ماهذا يا أبي ..؟!تفحص الجميع بعينيه الثاقبتين ..وادرك مايجول بخاطرهم ..- ماذا أصابكم ..؟ ..لاتنظروا الي هكذا ..أن الامر يخصني وحدي ولا علاقة لكم بالامر .. تنفست الصعداء ..شعرت بوخزٍ في اطراف أصابعي ..استجمعت قواي لاجعل حدا لهذا الامر ..قررت ان اعترض ولو لمرةِ واحدة في حياتي ..ماذا سيحدث بعدها ..؟..يحرمني من الميراث ..؟..لايهم فلم نعد نملك شيئاً يستحق الارث..سأفعلها ولو لمرة واحدة .. تحشرج الصوت في داخلي قليلاً لكن الزفير اندفع بقوة لاجد لساني يقول ..- كيف لاعلاقة لنا بالامر ..؟ من أين أتيت بكل هذه الاموال ....؟؟؟لم نعد نحتمل أكثر من ذلك - ماذا تقصد...؟- أقصد ان الامر غير قابل للاحتمال ..- وماذا يفترض بي أن أفعل ..؟- أن تختار بيننا اما نحن أو الكرسي ...لكنه لم يأبه للامر ..بل أخذ يتفحصنا بنظراته واحدا تلو الآخر ، وتركنا في دوامة الحيرة ليذهب مع كرسيه الاثير ..الامر الذي دفعنا الى أن نتخلص منه نهائيا ومهما كلفنا ذلك ..حدث ذلك في أحدى الليالي عندما كان أبي مستغرقاً في نومِه العميق ..حينما أضرمنا النار.. في سردابِ البيتِ الكبيرِ.. وسط نظرات الجميع ..واحتقارهم للكرسي اللعين كما نسميه والكرسي الأثير كما يسميه ابي ..أخذت النيران تأكله شيئاً فشيئاً ..حتى أحالته الى رمادٍ أسود ..لقد كان شعورنا بالتشفي من الكرسي لا يوصف ..الا ان فرحتَنا لم تدم طويلاً حتى استحالت الى رعب قاتل ..عندما استيقظ والدي من النوم..تفحص العيون المترقبة ..عرف أن شيئاً ما حدث للكرسي ..الامر الذي جعله يردد وهو يرتعد من الخوف والقلق الهستيري ..- ماذافعلتم بالكرسي ..؟ ماذا فعلتم بالكرسي ..؟ماذا فعلتم به ...دخل السرداب وهو يصرخ ويزمجر كأن صوته زعيق غراب ..الى أن خفت الصوت ..لقد انتظرنا أبي ليخرج من السرداب كي يصب جام غضبه علينا ..أو أن يصرخ ويزمجر كالمعتاد .. أو على أقل تقدير يملأ الدنيا بصراخه الهستيري ..الا أن أيا من ذلك لم يحدث ..مرت ساعة ..ساعتان ..ثلاث..دون جدوى ..هرعنا نتسايق الى السرداب لكننا لم نجد أبي ..لقد أختفى ....لقد اختفى مع كرسيه الاثير ولم يترك وراءه أي أثر ...!!!!

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    سَرمَديّة
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الدولة: بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 32,329 المواضيع: 2,167
    صوتيات: 152 سوالف عراقية: 98
    التقييم: 11949
    مزاجي: الحمدلله ، جيد
    المهنة: legal
    أكلتي المفضلة: دولمة
    آخر نشاط: منذ 3 يوم
    مقالات المدونة: 19
    شكرا ع القصة

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال