للوقت أهمية مركزية في حيات الإنسان، بل إن الحسن البصري اعتبر أن الإنسان نفسه مجرد دقائق وثوان حين قال: "إنما أنت أياما معدودة كلما ذهب يوم ذهب بعضك" والحفاظ على هذا المكون واستغلاله في ما يفيد هو ما يضمن للإنسان حياة سوية مستقرة.
وقد عنى الشارع الحكيم بالوقت فنجد أن الله جل جلاله يقسم به قال تعالى "وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)"
"وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)"
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مافتئ يشير إلى أهمية هذا المكون في أكثر من مناسبة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع – عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ....... ) رواه مسلم
وقال أيضا (نعمتان مغبون فيها كثير من الناس الصحة والفراغ) رواه مسلم
يا ابن ادم ان الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما (حديث قدسي )
وكان لصحابة رسول الله والتابعين إدراك ووعي بهذه المسألة لذلك نجد أسماءهم محفورة في جدار التاريخ بمداد من ذهب
" ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه أنقص فيه أجلي ، ولم يزد فيه عملي“ (ابن مسعود رضي الله عنه)
"إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما“ (عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه)
- قال الحسن البصري: ما من يوم ينشق فجره، إلا وينادى: يا بن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة...
إدارة القوتوقبل أن نخوض في تفصيل طرائق إدارة الوقت الناجعة - حسب ما توصل إليه الدارسون – لابد أن نعرج على خصائص الوقت وطبيعته.
*فمن خصائص الوقت انه مورد محدود، لا يتجدد أبدا فإذا ضاع من الإنسان فإنه لن يعود أبدا، إذ أنه لا يمكن أن تعيش اللحظة مرتين. ولله ذر الشاعر حين قال:
إنا لنفرح بالأيام نقطعها *** وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا *** فإنما الربح والخسران في العمل
*يتميز الوقت بأنه لا ينتظرك حتى تستخدمه فإما أن تدعه يمر أو تستخدم كل دقيقة منه .
*الوقت شيء محدد يتميز من حيث المرونة بالجمود لا يمكن تطويله بالشد.
* لا يمكن تخزين الوقت لاستخدامه في المستقبل، فلا يمكن ادخاره.
*كلنا متساوون من حيث كمية الوقت التي تتوافر لأي منا ولكننا نختلف في كيفية استخدامه
* إن من يسئ استخدام وقته لا يهدر وقته فقط وإنما يهدر وقت الآخرين أيضاً
* استغلال الوقت يزيد من قيمته
بعد كل هذا تظهر أهمية احترام الوقت والحاجة إلى إدارته بفعالية أكبر فقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى " إضاعة الوقت اشد من الموت لان إضاعة الوقت يقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها".
فما ذا نعني بإدارة الوقت؟
-إدارة الوقت تعني أولاً إدارة الذات، فهي نوع من إدارة الفرد نفسه بنفسه.
-إدارة الوقت هي إدارة الأعمال التي نقوم بمباشرتها في حدود الوقت المتاح، يومياً 24 ساعة.
-إدارة الوقت هي محاولة ترويض الوقت وفرض سيطرتنا عليه ،بدلاً من أن يفرض سيطرته علينا.
- إدارة الوقت هي إدارة السلوك والشخصية.
هي الطرق والوسائل التي تعين المرء على الاستفـــادة القصوى من وقته في تحقيق أهدافه وخلق التوازن في حياته ما بين الواجبــات والرغبات والأهداف.
كما تعرف بأنها عملية الاستفادة من الوقت المتاح والمواهب الشخصـــــــية المتوفرة لدينا ؛ لتحقيق الأهداف المهمة التي نسعى إليها في حياتنا ، مع المحافظة على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل الذي يتوجب علك القيام به والحياة الخاصة ، وبين حاجات الجسد والروح والعقل.
لماذا إدارة الوقت؟إن إدارة الوقت تتيح لنا تنفيذ المهام الهامة ثم يتبقى لنا وقت للإبداع والتخطيط للمستقبل والاستجمام أيضا.
كما أن الإدارة تسمح بتحديد الأولويات وإنجاز أهم الإعمال و لاستفادة من الوقت الضائع واستغلاله جيداً بالإضافة إلى التمكن من السيطرة على الإجهاد والإحباط الذي يقلل من كفاءة العمل .
إن الإدارة الصحيحة لوقتك تضيف إلى حياتك ساعات أطول إذا أحسنت استغلال الأوقات الضائعة في حياتك؛ فإضافة 15 دقيقة كل يوم تعني إضافة 13يوم كل عام وإضافة 30 دقيقة كل يوم تعني إضافة 26يوم كل عام وهو ما يُعادل شهراَ جديداَ من كل عام.
نستطيع أن نفهم من كل هذا ان إدارة الوقت بشكل فعال تزيد الفعالية لأيام المرء وتكسبه فرصا عظيمة للإنجاز والتفوق.
لصوص الوقت.
من العلوم بأن المرء في حياته معرض لعدة مواقف تساهم في هدر وقته من حيث لا يشعر، يمكن ان نجملها فيما يلي:
المقاطعات والزيارات المفاجئة.
- الاتصالات الهاتفية غير المنتجة.
- الاجتماعات غير الفعالة.
- التسويف أو التأجيل بأعذار واهية.
- الأهداف غير الواضحة.
- المعلومات الضعيفة/ (النقص في المعلومات)
- عدم تحديد الأولويات.
- عدم القدرة على قول ”لا".
عدم تخطيط الوقت.
- انخفاض الروح المعنوية.
- الإصغاء غير الجيد..
تقديرات غير واقعية للوقت
عدم التنظيم الشخصي
نقص الدافع / اللامبالاة
المؤثرات البصرية الملهية / الضجيج
نقص الانضباط الذاتي
عدم العلم بما يجري حولك
النسيان، وهذا يحدث لأن الشخص لا يدون ما يريد إنجازه، فيضيع بذلك الكثير من الواجبات.
عدم إكمال الأعمال، أو عدم الاستمرار في التنظيم نتيجة الكسل أو التفكير السلبي تجاه التنظيم
سوء الفهم للغير مما قد يؤدي إلى مشاكل تلتهم وقتكيعــــــــرف كل ما كانزي ، وريتشارد (1991م ) مضيعات الوقت بأنها " كل ما يمنعك من تحقيق أهدافك بشكل فعال "
كيف نستفيد من الوقت؟
لقد أجريت عدة دراسات وبحوث محاولة إيجاد الطرق الأمثل للاستفادة من هذه العملة الناذرة لعل أهم عنصرين ثم الاتفاق عليها هما مسألتا التخطيط والتنظيم .1- التخطيط
وهو محاولة التنبؤ بالوقت المتاح في فترة مقبلة و الأعمال المطلوبة لإنجاز أهداف محددة وبرمجة كل ذلك في ضوء الفرص المتاحة القيود المفروضة.
وللتخطيط إيجابيات عدة حيث تستطيع بواسطته الوصول إلى ما تصبو إليه بأسهل الطرق الممكنة منذ بداية المهمة وإلى غاية الانتهاء منها.
لكن التخطيط قد يتحول بذاته إلى مضيعة للوقت وذلك عندما تترك خطتك للذاكرة، فتكون معرضة للنسيان، بل يجب أن تكون مكتوبة ومحفوظة في نفس الآن.2- التنظيم
يقتضي التنظيم ترتيب ما تم التخطيط له حسب الأولويات.
هناك نموذج مشهور يسمى "جدول إيزنهاور" يمكن الإفادة منه في هذا المجال:
عاجل
غير عاجل
مهم
أ
ب
غير مهم
ج
د
مهم وعاجل أبدأبه أولا وأؤديه بنفسي
مهم وغير عاجل في مرتبة ثانية يمكن أن أؤديه بنفسي أو أكلف به شخصا آخر
غير مهم وعاجل في مرتبة ثالثة أكلف به شخصا آخر
غير مهم وغير عاجل أتركه
من الأمور المساعدة على تنظيم الوقت