«حم. والكتاب المبين. إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنّا كنّا منذرين فيها يُفرق كل أمر حكيم. أمراً من عندنا إنّا كنا مرسلين. رحمة من ربك انه هو السميع العليم».
تمثل ليلة القدر عقدة القلب في شهر رمضان، وتبلغ فيها المكرمات قمة نبوغها، وأمر الله تعالى عباده أن يحيوها بأكرم أعمالهم، ويبلغوا فيها أبلغ آماد الصفاء والخشوع ... ثم رددها في ليالٍ عديدة، كي ينصرف الناس فيها الى الحسنات، وهم لا يخسرون المعروف إن وفروه في غير ليلة القدر، بل يحتفظون بآثاراته في ركائزهم، مهما تقادمت العهود، وربما كانت الاخيرة ليلة القدر، فالسابقات ترهف تأهبهم، واعتيادهم العبادة لليلة القدر....
ومن فضل الله سبحانه، أن جعل تصريف الأقدار في هذه الليلة المباركة، التي يخلص الناس فيها لله، وينـزعون من صدورهم الأحقاد، والنوايا السوداء، ويحاولون إشاعة المعاني النبيلة في نفوسهم، فيكون أقرب الى الأقدار الخيرّة، عما لو كانت الأقدار توزع وتأخذ مقرراتها ومراكزها والناس منهمكون في اشتباك مستميت حول جيفة الدنيا....
وقد قيل: اِنّ شهر رمضان هو ليلة القدر.
احاديث في فضلها

قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
«إنّ الله عزوجل اختار من الايام يوم الجمعة، ومن الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر».
وقال صلى الله عليه وآله لأصحابه:
«آمنو بليلة القدر، إنها تكون لعلي بن ابي طالب وولده الأحد عشر من بعدي».
وعن الأمام علي سلام الله عليه قال:
«قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أتدري ما معنى ليلة القدر؟
فقلت: لا يا رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال: إن الله تبارك وتعالى قدَّر فيها ما هو كائن الى يوم القيامة، فكان فيما قدّر عزوجل ولايتك، وولاية الأئمة من ولدك الى يوم القيامة».
وقال صلى الله عليه وآله:
«يا علي ... ليلة القدر خصّصنا ببركتها ليست لغيرن».
قال الأمام الباقر سلام الله عليه:
«من وافق ليلة القدر فقامها غفرالله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخّر».
وعن الأمام الباقر عن آبائه سلام الله عليه:
«أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى أن تغفل عن ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين أو ينام أحد تلك الليلة».
سأل رجل الأمام الصادق سلام الله عليه عن ليلة القدر، قال: أخبرني عن ليلة القدر، كانت أو تكون في كل عام ؟
فقال الأمام: «لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن».
وعنه أيضاً سلام الله عليه: «صبيحة يوم ليلة القدر مثل ليلة القدر، فاعمل واجتهد».