تنتشر من وقت لآخر شائعات عبر وسائل التواصل الإجتماعي و البريد الالكتروني والرسائل النصية القصيرة على الهواتف المتحركة ، حول خطورة الأندومي أو المكرونة سريعة التحضير و المسماه أيضاً بالنودلز
تتضمن الشائعة معلومات مخيفة سببت الذعر بين الناس، خاصة وان هذا المنتج شعبي للغاية و يتم إستهلاكه بكثافة من قبل الكثيرين ، ويعد وجبة سريعة وسهلة التحضير .
ذكرت الشائعات أن الاندومي تدخل في تركيبته مادة اجني موتو (سيتبين لاحقاً أن هذا اسم للعلامة التجارية المنتجة للمادة) وهي ( الملح الصيني) أو الجلوتامات أحادي الصوديوم و التي تسبب تلفا في خلايا المخ ويسبب سرطان الدماغ، محذرين من انه يعتبر سم يسري في الجسد، وانه يحتوي على مادة e621 . و أنها اخطر محسنات الطعم على الاطلاق و اخطر على المخ من المخدرات نظرا لتسببها في تلف خلايا المخ وتراجع الذاكرة وضعفها وتدهور القدرات العقلية وفقدان القدرة على التركيز ومعالجة الامور الحسابية او الرياضية المتوسطة وتؤدي الى غباء فعلي وامراض عصبية تابعة لتلف خلايا المخ كالشلل والرعاش والزهايمر والصداع المزمن، ومع الاستمرار في تناولها تؤدي الى سرطانات، وارتفاع الكولسترول وضغط الدم والازمات القلبية الحادة، كما تسبب البدانة المرضية غير القابلة للعلاج حتى مع الرياضة.
لا ريب أن هذه الشائعات أثرت بشكل كبير على إستهلاك هذا المنتج . لكن هل حقاً الإندومي أو المكرونة سريعة التحضير ( النودلز) خطر على الصحة العامة ؟
جلوتامات أحادي الصوديوم MSG
مادة الجلوتامات أحادي الصوديوم تسمى إختصاراً MSG بينما e621 هو الكود الغذائي الخاص بها تستخدم الجلوتامات كمحسن للنكهة نظرًا لأنه يقوم بموازنة ومزج وتقريب الإحساس الكلي للمذاقات الأخرى لا يعطي ملح MSG طعمًا سائغًا في حد ذاته إذا لم يتم مزجه برائحة مستساغة متناغمة. و يتم إنتاجها على نطاق واسع من خلال عملية تخمر بكتيري تشبه المستخدمة في صناعة الخل و الألبان .
أجي نو موتو هو إسم الشركة اليابانية المنتجة لمادة الجلوتامات أحادي الصوديوم و هي تعني باليابانية أصل المذاق و الجلوتامات تم إكتشافها بواسطة برفيسور ياباني قام بإستخراجها من أحد الأعشاب البحرية حينما لاحظ أن لها نكهة مميزة تختلف عن النكهات المعروفة و تباع تلك المادة في أكثر من 100 دولة حول العالم.
و العجيب أنه يمكن استخدام ملح الجلوتامات MSG لتقليل تناول الملح العادي (كلوريد الصوديوم)، والذي يجعل المرء عرضة لارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة. حيث يتحسن مذاق الأطعمة منخفضة الملح مع استخدام MSG حتى مع تقليل الملح بنسبة 30%. حيث يكون محتوى الصوديوم (من حيث نسبة الكتلة) في MSG أقل ثلاث مرات تقريبًا (12%) بخلاف كلوريد الصوديوم (39%). ولقد استخدمت الأملاح الأخرى للغلوتامات في الحساء منخفض الملح، لكن بطعم مستساغ أقل من جلوتامات الصوديوم.
لكن هل الجلوتامات ضارة بالصحة نأتيكم بالإجابة و فق ما ذكرته الهيئة السعودية للرقابة على الغذاء و الدواء في هذا الموضوع:
الجلوتامات أحادي الصوديوم هي عبارة عن ملح مكون من الصوديوم والجلوتامات مشتقة من حمض الجلوتاميك أحد الأحماض الأمينية المكونة للبروتين. وعليه فإن مادة الجلوتامات توجد بصفة طبيعية في اللحوم والدواجن والأسماك والألبان وحليب الأم وغيرها من الأغذية.
يؤدي التأثير المشترك مع حمض الجلوتاميك في البروتين النباتي لمضاعفة الإحساس بالنكهة حيث تضيف ثماني أضعاف نكهة المكونات الأصلية، ولذلك انتشر استخدامها لزيادة استساغة الأغذية البروتينية وتقليل الحاجة لإضافة ملح الطعام.
في أمريكا أدرجت هذه المادة منذ عام 1959م ضمن قائمة "المواد المصنفة على أنها مأمونة عموماً" وهذا يعني استثناءها من الدراسات التي يلزم تقديمها للتدليل على مأمونيتها قبل التصريح باستخدامها أسوة ببقية المواد المضافة الأخرى وهي بذلك تشبه ملح الطعام ومسحوق الخبيز (بيكنج باودر) ! .
وتعتبر الجهات الرقابية والهيئات الدولية المعنية بسلامة الغذاء مادة جلوتامات الصوديوم الأحادية مادة مضافة مأمونة إلى الحد الذي لا ترى معه العديد من هذه الجهات ضرورة وضع حدود للكمية التي تستهلك منها.
في عام 1995 لوحظ ظهور بعض الأعراض المرضية على بعض الأشخاص المستهلكين لهذه المادة و بناءاً عليه أجرى إتحاد البيولوجيا التجريبية الأمريكي دراسات موسعة لحساب هيئة الغذاء و الدواء الأمريكية و خلصت تلك الدراسات إلى مأمونية هذه المادة و أن ما ظهر لدى أولئك الأشخاص لم يكن سوى أعراض تحسسية منها كما برأتها الدراسة مما ينسب لها من أمراض مثل الزهايمر و إتلاف خلايا المخ و التأثيرات العصبية الأخرى
و أجرت اللجنة العلمية لتقييم سلامة الغذاء بالمفوضية الأوروبية تحقيق مماثل وكذلك لجنة الخبراء المشتركة المعنية بتقييم المواد المضافة التابعة لمنظمتي الأغذية والزراعة والصحة العالمية أجرتا تقييماً مشابهاً خلص إلى نفس النتيجة تقريباً، من حيث مأمونيتها , اما على المستوى المحلي فقد سمحت المواصفة القياسية الخليجية (م ق خ 707/1997) (المنكهات المسموح باستخدامها في المنتجات الغذائية) باستخدام مادة جلوتامات الصوديوم الأحادية كمضاف غذائي على أن تتبع المتطلبات الموجودة في المواصفة حين استخدامها.
و الأخبار التي تنسب لمادة جلوتومات الصوديوم الأحادية من أمراض عصبية و تأثير على الدماغ و غيرها من الأمراض هي عارية عن الصحة و لم تثبت التجارب العلمية الموثقة و المكثفة أياً من ذلك بإستثناء وجود حساسية لتلك المادة لدى بعض الأشخاص مثلما يحدث مع العديد من المواد الغذائية الأخرى
نصحت الهيئة من يتحسسون من مادة الجلوتامات فقط بتوخي الحذر منها فعند ملاحظة أي تحسس (تعرف عادة بمتلازمة المطاعم الصينية مثل الصداع - أحمرار الوجه - التعرق - الإحساس بالشد في منطقة الوجه - تنمل وحرقة في الفم - زيادة نبض القلب - ألم في الصدر - ضيق تنفس - غثيان) يجب تجنب تناولها في المستقبل . كما يفضل عدم الإفراط في تناول هذه المادة كإجراء وقائي و استبعادها من طعام الأطفال كإجراء وقائي .
هل الإندومي خطر على الصحة ؟
وفق ما تقدم فإن مادة الجلوتامات قد ثبتت براءتها من الإتهامات المنسوبة لها و كذلك الأندومي أيضاً لكن هناك حقيقة هامة لابد من ذكرها وجبة المكرونة سريعة التحضير أو الإندومي هي غذاء غير متوازن بطبيعة الحال فمحتواها مثل المكرونة العادية هو محتوى نشوي فقط و تناول الكثير من النشويات كما هو معروف يسبب السمنة . يجب أن لا يكون الإندومي وجبة في حد ذاتها لأنه يفتقر إلى البروتين والفيتامينات والمعادن والألياف والخضروات. و عموما، الإندومي آمن للأكل طالما يتم تناوله بإعتدال. فإذا كنت تشعر بأنك ترغب في تناول المكرونة سريعة التحضير، فعليك بالنصائح التالية :
أضف فقط نصف أو أقل من نصف التوابل المصاحبة للأندومي للحد من تناول الملح. اضف مكونات أخرى مثل البيض المسلوق والدجاج المطبوخ والروبيان و الكابوريا و الخضار الورقية الخضراء مثل السبانخ أو غيرها من الخضار مثل الجزر حتى تصبح وجبتك متوازنة.
ما هو سبب إنتشار تلك الشائعة
يرى بعض المختصين لاسيما المهتمين بالعلاجات و الأغذية الطبيعية أن هذه المنكهات تسبب ما يشبه الإدمان بما يشبه المخدرات حيث تحفز إفراز الدوبامين في المخ و مع الإستخدام المتزايد ربما يصل إلى حد الضرر و يسبب مشاكل مثل السمنه و أمتدت بعض الإتهامات لأن الإستخدام المتزايد للجلوتاماتت قد يؤثر على وظائف و خلايا المخ استناداً لدراسات صينية لم يتيسر الحصول على مصدرها.
هذه الشائعات عن الجلوتامات و غيرها منتشرة في المواقع العربية و الأجنبية على حد سواء برغم تأكيدات هيئات طبية غربية كبيرة إلا أن بعض الساخطين على آداء تلك الهيئات يشككون في مصداقيتها أحياناً بسبب ترددها في الإشارة لما تمثله بعض المنتجات الإصطناعية من خطورة بسبب إدمان استهلاكها و تفضيلها على الأطعمة الطبيعية و هو ما رفع من معدلات السمنه إلى حد غير مسبوق بعض المواقع مثلاً وجدته يصف هيئة الغذاء و الدواء الأمريكية بصديقة الشركات . حسناً ربما كان الأمر صحيح فيما يخص السمنه لكن لا أعتقد أن تواطئهم سيشمل التواطيء على إصابة مواطنيهم بالزهايمر و الشلل كما تدعي الشائعات !.
في الحقيقة يبدو كلا الطرفين على حق في بعض مما يقال فيجب علينا استهلاك المواد الغذائية بتوازن و يجب أن نقوم بتنويع مصادرغذائنا و أن ندخل المزيد من الغذاء الطبيعي و الطازج في طعامنا لكن لا يمنع ذلك من استهلاك بعض المواد الأخرى إذا كانت آمنة اذا استهلكناها بإعتدال , الإعتدال هو الضمانة الوحيدة لتتمكن أجسادنا من التعامل مع الغذاء بطريقة سليمة و تحيد أي أضرار محتملة قد تكون موجودة .