ربط البراكين بيننا وبين بقاعٍ في صميم قلب الأرض، وذلك عبر قنوات متقدة تمتد إلى أعماق سحيقة تحت السطح، وتجري فيها المعادن والصخور المنصهرة بفعل الحرارة.وبصرف النظر عن كونها نشطة أم خامدة؛ فإن لهذه البراكين أثرا تخلفه في النفس، بكل ما هي مفعمة به من طاقة وجمال، لتتجاوز بذلك مجرد كونها جبالا.كما أن نشأتها التي نجمت عن اضطرابات شهدتها القشرة الأرضية تؤدي على الأغلب إلى تشكل مناظر طبيعية خلابة، تجذب محبي مشاهدة مثل هذه المناظر من مختلف أنحاء العالم.ولكي يتسنى لنا العثور على بقاع جذابة على هذه الشاكلة تستحق المشاهدة، لجأنا إلى موقع "كورا دوت كوم" الإلكتروني للأسئلة والإجابات، لنطرح هذا السؤال: ما هي أجمل البراكين في العالم؟بركان سانتوريني (اليونان)تشتهر جزيرة سانتوريني اليونانية، التي يحمل البركان اسمها، بالأبنية المطلية باللون الأبيض، التي تظهر بوضوح وهي تتراص على منحدراتها متعددة الألوان.
ويشار إلى أن سانتوريني ما هي إلا بقايا حفرة بركانية؛ تشكلت نحو عام 1600 قبل الميلاد، عندما شهد العالم إحدى أقوى الثورات البركانية في تاريخه المسجل، مما محا من على وجه البسيطة غالبية أنحاء الجزيرة الأصلية، بما في ذلك بعض التجمعات السكانية التي كانت قائمة هناك حينذاك.أما اليوم، فتجتذب سانتوريني الزوار من مختلف أنحاء العالم، ممن يتوقون لإبداء إعجابهم بما تبقى بعد هذه الكارثة الطبيعية.يقول إخيلياس فوريتسيلاس في مشاركته على موقع "كورا": "لكي يتسنى لك الإحساس بمدى المهابة التي يكتسي بها هذا المكان، يتعين عليك أن تبحر داخل (هذه الحفرة البركانية) وأن تقف في إحدى الشرفات على حافة المنحدرات عند غروب الشمس".وبشكل خاص، ينبغي على الزوار البحث عن جزيرة "نيا كاميني" غير المأهولة، والواقعة في قلب الحفرة البركانية التي نجمت عن ثوران بركان سانتوريني.قالت سميثا برساد في مشاركتها على موقع "كورا": "نيا كاميني في حد ذاتها أشبه بكتلة مستديرة لزجة قبيحة الشكل تقع في وسط حفرة بركانية رائعة وفائقة الجمال بحق.لكن عندما تتجول في أنحائها سيرا على الأقدام، تجد أن لها جمالها الخاص. فالتجاويف المنحدرة التي انبعثت منها ثورات البركان، سواء القديمة أو الحديثة، مختلفة للغاية عن فوهات البراكين الأخرى ذات الطابع الأكثر تقليدية".جبل مايون (الفلبين)يقع جبل مايون في جزيرة لوزون؛ على بعد نحو 450 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة الفلبينية مانيلا، وهو البركان الأكثر نشاطا في البلاد؛ ففي سبتمبر/أيلول من عام 2014 أجبر ثورانه آلاف السكان على الفرار من المناطق المحيطة به.
ويُصنف هذا البركان على أنه من بين البراكين الطبقية، وهي تلك التي تتخذ شكلا مخروطيا حادا شَكّلتَه العديد من الطبقات الناجمة عن تدفق الحمم البركانية، وهو ما يمنحه شكلا متناسقا ومتماثلا على جانبيه؛ على نحو لا يصدق.وهنا يقول فوريتسيلاس إن الشكل المتسق على نحو يبدو مغالى فيه لبركان مايون "يبرز وضعه الذي ينطوي على تهديد (للمناطق المحيطة به). ولا يشكل الرماد البركاني المنبعث منه والحمم المتدفقة من فوهته إلا اللمسة الأخيرة" على هذا المشهد.وعلى أي حال، فإن المكافأة التي تنتظر من يتسلق البركان، تتمثل في أنه سيتسنى لهم إلقاء نظرة على بلدات إقليم ألباي، وكذلك على المحيط الهادئ.ولكن حتى بالنسبة لممن يفضلون رؤية المشهد عن بعد، فإن لديهم موقع مراقبة تاريخيا، يقع بداخل أطلال كاغساوا، حيث كانت تنتصب في القرن الثامن عشر كنيسة للمسيحيين الفرنسيسكان، دُمرت بفعل ثورة بركانية وقعت عام 1814.ولا يزال البرج الحجري للكنيسة قائما، ويعد بمثابة نظير من صنع الإنسان لبركان جبل مايون؛ تلك العجيبة الطبيعية التي تبدو غير بعيد في الأفق.جبل كليمنجارو وفوهة نغورونغورو (تنزانيا)يتوجه عشاق المغامرات من كل أنحاء المعمورة صوب الحدود بين تنزانيا وكينيا، من أجل تسلق جبل كليمنجارو؛ أعلى جبال القارة الأفريقية ارتفاعا على الإطلاق.
لكن لا يعلم الكثيرون أن هذا الجبل هو كذلك البركان الأعلى ارتفاعا في أفريقيا. ويتسم كليمنجارو كذلك بطابع فريد يتمثل في حقيقة أن له ثلاثة مخاريط بركانية أو بالأحرى ثلاث قمم بركانية؛ اثنتان منها خامدتان وهما ماونزي وشيرا.أما الثالثة، ويُطلق عليها اسم كيبو، فلا تزال نشطة، وتنفث البخار والغازات على فترات متباعدة. ويشار إلى أن كيبو هي أعلى القمم الثلاثة (وتتربع فوقها قمة أوهورو، وهي أعلى نقطة في أفريقيا على الإطلاق).تقول جوليا فاتشي في مشاركتها على موقع كورا: "يتعين على الحريصين على تسلق قمة جبل كليمنجارو البالغ ارتفاعها 5895 مترا، والتي تصيب المرء بالدوار، أن يكونوا على استعداد لمواجهة حدوث تغير جذري في درجات الحرارة.. فخلال رحلة السير، ينتقل المرء من (درجة حرارة) تبلغ 35 درجة مئوية (في) الغابة إلى 15 درجة مئوية فوق قمة أوهورو، وهي القمة الأعلى على الإطلاق".وعلى بعد نحو 200 كيلومتر إلى الغرب من جبل كليمنجارو؛ تقع فوهة نغورونغورو، والتي كانت في يوم ما بركانا بات خامدا الآن، ويُعتقد أنه كان يضاهي في السابق بركان كليمنجارو في الارتفاع.وتشير التقديرات إلى أن ارتفاع ذاك البركان كان يتراوح ما بين 4500 – 4800 متر حتى انهار على نفسه. أما اليوم فتشكل نغورونغورو، البالغ قطرها 22.5 كيلومتر وعمقها 610 أمتار، الفوهة البركانية الأكبر على وجه الأرض، وتوفر بيئة فريدة لمظاهر الحياة البرية التي تزدهر في مثل هذه المناطق.وفي هذا الشأن كتبت فاتشي تقول: " تتدفق الشلالات المائية إلى أسفل الحفرة البركانية لتروي المزارع الخضراء، وتملأ بحيرة تقع في قاع (الحفرة) وتغص بطيور الفلامنغو، بينما تحتشد الحيوانات الضخمة على شواطئها، مثل الأسود، وأفراس النهر، والجاموس، والحُمُر الوحشية، وحيوانات النو (التيتل الأفريقي) وحيوانات وحيد القرن".جبل كليموتو (إندونيسيا)
تجتذب البحيرات الثلاثة الغامضة الواقعة في فوهات بركان كليموتو السائحين والعلماء سواء بسواء؛ وذلك لزيارة جزيرة فلوريس بإقليم إيست نوسا تنغارا. وكتبت فاتشي تقول: "إحدى هذه البحيرات ذات لون أخضر زمرديّ، أما الأخرى فذات لون أحمر قاتم، فيما تصطبغ الثالثة بلون شديد السواد".ويقول العلماء إن هذه الألوان ناجمة عن تفاعل كيمياوي ينشأ عندما تمتزج الغازات البركانية بالمعادن الموجودة في تلك البحيرات. لكن للأشخاص المقيمين بالقرب من تلك البحيرات تصورا آخر.كتب مستخدم الموقع سوني ميواتي يقول :"السكان يؤمنون بأن هذه البحيرات تشكل مستقرا لأرواح من فارقوا الحياة، وأن تغير الألوان على نحو مفاجئ يرتبط بـ (وتيرة) تدفق تلك الأرواح".وبالرغم من التفسير العلمي لتباين ألوان هذه البحيرات؛ فإن الأجواء الغريبة المثيرة للخوف "المحيطة بها باعتبارها مستودعا للأرواح لا تزال قائمة"؛ حسبما كتب ميواتي.بركانا كيلاويا وماونا كيا (هاواي)يُعرف بركانا هاواي؛ كيلاويا وماونا كيا، بثوراتهما البركانية النشطة، والمشاهد الطبيعية المحيطة بهما، والتي تبدو كما لو كانت تنتمي إلى عالم آخر.
فبركان كيلاويا، وهو أصغر براكين هاواي، يثور على نحو مستمر منذ عام 1983. وهنا كتبت فاتشي تقول إن هذه الثورات كانت كثيرة بقدر جعل "الحمم البركانية تسقط مباشرة في البحر، لتُكوّنَ أشكالا رائعة من الصخور السوداء، فضلا عن غيوم دخانية كثيفة".وعلى الجانب الآخر من المشهد، نجد بركان ماونا كيا الذي يعود إلى نحو مليون سنة. ولا يزال هذا البركان الخامد، الذي يبلغ ارتفاعه 4205 أمتار عن سطح البحر، مثيرا للإعجاب بفضل ضخامة حجمه.وفي هذا السياق كتبت المستخدمة ليزلي سيمونز تقول إن بركان ماونا كيا "فاتن إلى حد لا يصدق، وهو كذلك موطن لكنوز سرية، من بينها بحيرة متجمدة مقدسة تقع قرب القمة، ولا يمكن الوصول إليها سوى عبر رحلة سير على الأقدام (مسافتها ستة أميال، وتستغرق 10 ساعات ذهابا وإيابا).وتضيف سيمونز: "يمكنك أن تجد ثلوجا في فصل الشتاء، دون وجود أي ازدحام على الإطلاق تقريبا. عندما وصلنا بحيرة واياو، صادفنا شخصين آخرين فحسب يقطعان الرحلة من السفح إلى القمة".جبل فوجي (اليابان)
ربما يشكل جبل فوجي في اليابان أشهر بركان طبقي متماثل الجانبين في العالم. وعلى مدى قرون، شكّل هذا الجبل مبعث إلهام للعديد من الإبداعات الفنية. وكتبت فاتشي في هذا الشأن تقول إن جبل فوجي يمثل "الرمز الوطني لليابان؛ بقمته المكللة بالثلوج، وكونه يلوح في الأفق من مسافات بعيدة، فضلا عن أزهار الكرز التي تنتشر أمامه".ولا يقتصر الأمر على الفتنة والغموض اللذين يتسم بهما جبل فوجي، بل إن غابة أوكيغهارا الواقعة شمال غربي قاعدته، تثير الخيال بدورها؛ إذ أن الكثير من الحكايات الشعبية الرائجة في هذه المنطقة تصف الشياطين والعفاريت التي يفترض أنها ترتع في تلك الغابة.ولكن جبل فوجي يبقى على أقل تقدير ملاذا آمنا؛ بوصفه بركانا نشطا محدود الخطورة، إذ أنه لم يثر على الإطلاق منذ عام 1707.
المصدر
bbc.com/arabic