روتانا
تشتهر جبال الألب بمناظرها الطبيعية الخلابة طوال العام، وتعتبر منطقة جنوب تيرول في إيطاليا من المقاصد السياحية العالمية، التي تجتذب أعداداً غفيرة من السياح للاستمتاع بجولات التجول سيراً على الأقدام، ومشاهدة القمم الجبلية الثلاث، التي تعد من أكثر المشاهد تصويراً في جبال الألب، حيث أنها تزين البطاقات البريدية والتقويمات والكتب السياحية المصورة، التي تروج لزيارة جبال الألب.
وفي بداية اليوم يلاحظ السياح اعتدال الطقس، وبعد تناول طعام الإفطار في الفندق الصغير يستعد السياح للانطلاق وبداية التجول مع ارتداء ملابس الخروج المناسبة للمشي والتجول لمسافات طويلة. وفي حين كان الطقس جميلاً في بداية اليوم ظهرت العواصف الرعدية في فترة ما بعد الظهيرة، وكانت هناك بقايا ضباب لا تزال معلقة على قمم الجبال، ولكنها تبددت تدريجياً مع مرور الوقت. وتشتهر مدينة سيستو الإيطالية ومنطقة باد موس بوجود الكثير من العائلات، التي تحترف مهنة الإرشاد السياحي خلال رحلات التجول سيراً على الأقدام في جبال الألب، وتعتبر هذه المدينة نقطة انطلاق للكثير من عشاق التجول وسط المناظر الجبلية الخلابة.
بداية المسار
ويبدأ مسار التجول من ارتفاع 1339 متراً، حتى يصل إلى لودج القمم الثلاث. وتعتبر هذه الجولة من الرحلات التقليدية في منطقة جنوب تيرول بجبال الألب. وبمجرد أن يعبر المتجولون النهر الصغير بالقرية يجدون أنفسهم وسط محمية طبيعية محاطة بغابة قديمة من أشجار الصنوبر؛ حيث تنمو هذه الأشجار الخضراء الزاهية على يسار ويمين مسار التجول.
وتوفر هذه المنطقة فرصة ذهبية للسياح، الذين يرغبون في الهروب من صخب المدينة خلال الصيف، ويمتاز السكان في هذه المنطقة بالترحاب وحسن الضيافة. ومن الأمور المثيرة للدهشة هنا أيضاً أنه كلما صعد السياح إلى أعلى، ظهرت الأجواء الطبيعية بشكل أكثر وضوحاً؛ حيث لم تعبث يد الإنسان بمناظر القمة الجبلية الساحرة.
وبعد السير لمسافة تقرب من كيلومترين يصل المتجولون إلى مدخل وادي فيشلاينتال، الذي يعتبر من أجمل الأودية في المحمية الطبيعية سيستو دولوميت. وهناك العديد من المسارات، التي تقود السياح إلى المنزل الريفي «ألته بوست»، الذي يجتذب العديد من المشاهير لقضاء العطلات. وقال إروين لانسينغر، مدير السياحة في وادي "هوخ بوستير تال"، إن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل جاءت إلى هنا عدة مرات قبل سنوات، كما يأتي إلى هنا كثيراً المغامر والمستكشف المعروف رينولد ميسنر.
وإذا رغب السياح في الاستمتاع بالتجول ومشاهدة المناظر البديعة في وادي فيشلاينتال، فسوف يظهر أمامهم السلسلة الجبلية دولوميت؛ حيث ترتفع كل قمة في هذه الجبال الصخرية إلى ما يزيد على 3000 متر. ويمر مسار التجول عبر الوادي، ثم يصعد بلطف إلى لودج نهاية الوادي على ارتفاع 1548 متراً، وفي هذه المنطقة تشير اللافتات إلى الطريق نحو لودج القمم الثلاث، وتستمر رحلة التجول عبر وادي "ألتن شتاين تال".
وخلال السير في هذا الوادي قد يتبادر إلى ذهن السياح التساؤل: أين اختفت القمم الثلاث؟؛ حيث دائماً ما يظهر أمامهم الكثير من المرتفعات والمنحنيات، ولم يصلوا بعد إلى القمم الصخرية الشهيرة، التي تزدان بها البطاقات البريدية في وادي "هوخ بوستير تال" بمنطقة جنوب تيرول.
وخلال السير على خط الأشجار يلاحظ السياح بعض النباتات المتناثرة هنا وهناك، في حين زهور جبال الألب تشهد حضوراً قوياً في هذه المنطقة، وتختفي القمم الثلاث أيضاً من هذا المشهد البديع، ويستمر مسار التجول في الصعود، ويجتاز المتجولون بعض الانحناءات القليلة على ارتفاع 2300 متر.
وبعد مرور ثلاث ساعات من التجول وصل السياح إلى هضبة مكشوفة بها اثنين من البحيرات الجبلية؛ حيث تنعكس صورة السماء الصافية على المياه الرقراقة في كل منهما. وبعد اجتياز هذه الهضبة لم يتبقى أمام السياح سوى منحدر صغير، وبعد ذلك يظهر أمام أعينهم لودج القمم الثلاث، ومن خلفه تبزر الأبراج الضخمة. وكلما اقترب السياح من القمم الثلاث، يزداد إعجابهم وحماسهم بمشاهدة القمم الجبلية الرائعة، التي يصل ارتفاعها إلى 2999 متراً.
لودج القمم الثلاث
وتوقف المتجولون في تبجيل واحترام أمام لودج القمم الثلاث، الذي يقع على ارتفاع 2438 متراً، وهنا يتمكن السياح من الاستمتاع بمشاهد بانورامية رائعة لجبال الألب، وتبرز القمم الثلاث بين الصخور الخشنة، ويتحرك بعض الضباب أمام إحدى هذه القمم.
وأثناء الاستمتاع بهذا المشهد البديع يمكن للسياح الاسترخاء في الشرفة الخارجية المريحة في اللودج تحت أشعة الشمس الجبلية، وتناول بعض الوجبات الخفيفة. وإذا وصل السياح إلى اللودج في وقت متأخر بعد الظهيرة، فيمكنهم مشاهدة جبال الألب المتوهجة عند الغروب.
وبعد أن يتناول السياح طعام الغذاء تنتشر الغيوم فوق اللودج بشكل مثير. وعلى بعد أمتار قليلة تتساقط قطرات الماء على الصخور ويبدأ المتجولون في تغطية رؤوسهم بواسطة قبعات المطر، ويستمر هطول الأمطار لمدة نصف ساعة، ويبدو في الأفق قوس قزح البديع، الذي يظهر بشكل أكثر جمالاً وروعة من قمم الجبال المتوهجة تحت أشعة الغروب.