بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
يمكن تعريف العبادة في اللغة بأنها تقرب الإنسان المخلوق إلى خالقه إما بتوجه قلب كالخوف من عقابه أو طمعا في ثوابه ، أو بذكر على لسانه أو من خلال حركات جوارحه كالإتيان بالصلاة مثلا. ولكننا نرى هذا الإنسان في عبادته متأرجحا بين إقبال و إدبار (حتما هناك أسباب) .. فكيف لنا أن نعمل على الموازنة بين الإقبال والإدبار في عبادتنا ؟
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) " إن للقلوب إقبالا و إدبارا ؛ فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل ، و إذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض " .
إننا أمام اختبار صعب بين هذين الأمرين والسبب أننا نفتقد العزيمة وعدم اغتنام الفرص كالأوقات الموسمية مثل شهر رمضان المبارك و محرم الحرام وشهر ذو الحجة في أيام الحج .. الخ ( وإن حصل الإقبال والتوجه للعبادة .. فإنه سيكون مؤقتا ، نرجع أو نتراجع عنه شيئا فشيئا إما عن غفلة أو انشغالا بتوفير متطلبات الحياة المعيشية ... ناهيك عن عدم تهيئة المكان المناسب لهذا التوجه ) .
الكثير منا قد جــّرب القيام بالعبادة أثناء إقبال القلوب وذاق طعم حلاوتها وإن شعر ببعض التعب فإنه لن يلتفت إلى ذلك إلا عندما يزيد عن طاقته الجسمانية والروحية عندها يبدأ بفقدان شهيته لها .. مثلها مثل الطعام المكرر يوميا على المائدة . لذلك يجب علينا أن نلتفت إلى بعض الأمور التي تجعل من العبادة عملا محببا للنفوس وليس منفـّـرا لها .
إن الإسلام دين يسر وليس بدين عسر .. فقد جاء في الحديث الشريف " قليل دائم خير من كثير منقطع " وأن الله يتقبـّـل من العبد الفكر الواعي المتأمل في أدائه للعبادات عكس ما يقوم به البعض من كثرة الأعمال ما تعجز عنه الأجسام .
فأنت إن أردت أن تصعد السلـّـم ، فإنك تصعده درجة درجة لتصل إلى الأعلى ، فاجعل الصعود تدريجيا حتى لا يصيبك الإرهاق وتقرر فجأة عدم المواصلة لتنزل سريعا تاركا وراءك الهدف المنشود من صعودك ، فكذلك التقرب إلى الله بالطاعة يجب أن تأتي بها تدريجيا ولا تسمح لنفسك الأمارة بالسوء أن تختار لك ، فإنك إن فعلت ذلك فستأتي عوامل أخرى محبــّطة لتترك فراغا روحيا بينك وبين الله في عبادتك مثل الكسل وصحبة الأشرار وأصدقاء السوء وعدم التوكل على الله والركون إلى وساوس الشيطان .
فهذه كلمة نصح وإرشاد بأن نضع نصب أعيننا الحياة القصيرة بما فيها من عمل دون حساب لتتبعها حياة خالدة ليس فيها عمل وإنما حساب فقط ونشتاق إلى الجنة كما اشتاق لها أهل البيت (عليهم السلام) وأصحابهم المخلصين نظير عبادتهم الخالصة لله ، ولا ننسى بأن إمام الزمان المهدي المنتظر (عج) هو خير معين لنا .. فهو ينادينا وإن لم نسمعه بآذاننا فإننا حتما نسمعه بقلوبنا بدعائه لنا عند الله بإبعاد الإدبار وإقبال القلوب بالذكر الخالص لله جـّل وعلا .
وختاما تأملوا معي قول الرسول الأعظم محمد ( ص ) " من تساوى يومه بغده فهو مغبون " .. فهل بعد ذلك نترك الأيام لتأخذنا سريعا دون أن نتذوق حلاوة الإقبال ؟؟؟
نسألكم الدعاء
منقول