أحاديث النهي عن السب والشتم
وشيء من فقهها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي أنزل على عبده الكتاب ليكون للعالمين نذيرا. والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله الذي أرسله الله تعالى رحمة للناس وآتاه الحكمة وجوامع الكلم وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فإن الإسلام يربي المسلم على عفة اللسان ونظافته، على الامتناع عن التعبير بالسباب لأي شخص لأي ظاهرة، حتى سب الأشياء، فمنع سب الله ومخلوقاته من الأحياء والأموات والعاقلة وغير العاقلة كما سيأتي تفصيله ..
ولذلك فإن المسلم مأمور بحفظ لسانه عن السب والشتم ، لأمور :
1 - اعلم أن على كل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما تظهر المصلحة فيه ومتى استوى الكلام وتركه فالسنة الإمساك عنه لأنه قد ينجر الكلام إلى حرام أو مكروه بل هذا كثير أو غالب في العادة والسلامة لا يعدلها شيء .فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال : قالوا يا رسول الله أي المسلمين أفضل ؟ قال : [ من سلم المسلمون من لسانه ويده ] ( رواه البخاري )
2 - النهي عن الجهر بالكلام السيء قال الله تعالى : { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما } والمعنى أن الله لا يحب الفاحش من القول ولا الإيذاء باللسان إلا المظلوم فإنه يباح له أن يجهر بالدعاء على ظالمه وأ يذكره بما فيه من السوء والظلم وقال عليه الصلاة والسلام : [ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره ] ( رواه البخاري )(8/ 13)6032
3 - أن المسلم له حرمة عظيمة في دمه وماله وعرضه قال صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم النحر بمنى في حجة الوداع : [ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ] ( رواه مسلم )(2/ 886)147 - (1218)
4- لم يكن من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم السب والشتم،
فعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلاَ لَعَّانًا، وَلاَ سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: «مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ» رواه البخاري (8/ 15) 6046
وقوله : (ترب جبينه) أصابه التراب ولصق به وهي كلمة تقولها العرب ولا تقصد معناها والمقصود في مثله إظهار العتاب لا المعنى الأصلي. وقيل معناها الدعاء له بالطاعة والصلاة]
ومن سبه الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم فذلك صلاة عليه يوم القيامة
- فعن عمرو بن أبي قرة قال كان حذيفة بالمدائن فكان يذكر أشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حذيفة إلى سلمان فيقول سلمان يا حذيفة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول ويرضى ويقول لقد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : أيما رجل من أمتي سببته سبة في غضبى أو لعنته لعنة فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون وإنما بعثني رحمة للعالمين فاجعلها صلاة عليه يوم القيامة . رواه أحمد [5 / 437 ] 23757 ، وأبو داود [2 / 626 ] 4659 ، السلسلة الصحيحة [4 /353 ] 1758
والمعنى إنما وقع من سبه ودعائه صلى الله عليه وسلم على أحد ونحوه ليس بمقصود بل هو مما جرت به العادة فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابة فسأل ربه سبحانه ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا وأجرا وإنما كان يقع هذا منه صلى الله عليه وسلم نادرا لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا ولا لعانا والله أعلم ( والله لتنتهين ) والحاصل أن سلمان رضي الله عنه ما رضى بإظهار ما صدر في شأن الصحابة لأنه ربما يخل بالتعظيم الواجب في شأنهم بما لهم من الصحبة قاله السندي . عون المعبود [12 / 271 ]