بعض الأصدقاء يظهرون في أفق حياتنا دون أن نفتش عنهم أوندعوهم لمصاحبتنا. وما أن تصافح عيوننا عيونهم حتى نحس بفرح صامت وامتداد في الوعي ورجفة عذبة ومحببة في صميم الوجدان. فالأصدقاء هم أصدقاء قبل أن يلتقوا وما اللقاء إلا بمثابة التتويج للصداقة والاحتفاء بها. المصاحبة هي فن من أروع فنون الحياة لأن الحياة كانت ولم تزل تبحث عن الصداقة منذ أن ظهرت على هذا المسرح الأرضي.
قد تأتي الصداقة من تلقاء ذاتها، ولكن إن لم نوفها حقها ونحتفي بها، أو إن حاولنا استغلالها لمصالحنا الشخصية فقد تفلت من بين أيدينا وتتلاشى كسراب الصحاري. إننا نحنّ للصداقة من المهد إلى اللحد. ولذلك فعندما نمتلكها يجب أن نرعاها ونقدم لها الغذاء الصحيح والنافع. وبعبارة أخرى الصداقة هي ثقافة.