السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
كيف تعرف الحاسد أو الحقود ( لتقرأ هذا الموضوع)...
لو قدمت له حذاءه ، وأحضرت له طعامه ، وناولته شرابه ، وألبسته ثوبه ، وهيأت له وضوءه ، وفرشت له بساطه ، وكنست له بيته ، فإنك لاتزال عدوه أبدا، لأن سبب العداوة لازال فيك ، وهو فضلك أو علمك أو أدبك ، أو مالك أو منصبك ، فكيف تطلب الصلح معه وأنت لم تتب من مواهبك؟ والحاسد ينظر متى تتعثر، ويتحرى متى تسقط ، ويتمنى متى تهوي.
أحسن أيامه يوم تمرض ، أجمل لياليه يوم تفتقر ، وأسعد ساعاته يوم تنكب ، وأحب وقت لديه يوم يراك مهموما مغموما حزينا منكسرا، وأتعس لحظة عنده إذا أغتنيت، وأفظع خبر عنده إذا علوت ، وأشد كارثة لديه إذا ارتقيت، ضحكك بكاء له، وعيدك مأتم له ، ونجاحك فشل لديه ، ينسى كل شيء عنك إلا الهفوات، ويغفل عن كل أمر فيك إلا الزلات، خطؤك الصغير عنده أكبر من جبل أحد ، وذنبك الحقير لديه أثقل من ثهلان ، لو كنت أفصح من سحبان ، فأنت عنده أعيا من باقل ، ولو كنت أسخى من حاتم فأنت لديه أبخل من من مادر ، ولوكنت أعقل من الشافعي فهو يراك أحمق من هبنقة، الذي يمدحك عنده كذاب ، والذي يثني عليك لديه منافق، والذي يذب عنك في مجلسه ثقيل حقير ، يصدق من يسبك ، ويحب من يبغضك ، ويقرب من يعاديك ، ويساعد من يكرهك ويجافيك .
لاتطلعه على سرك فأكبر همه أن يذاع ويشاع ، ويحفظ عليك الزلة ليوم الحاجة ، ويسجل عليك الغلطة ليوم الفاقة، لاحيلة فيه إلا العزلة عنه ، والفرار منه ، والإختفاء عن نظره ، والبعد عن بيته، والإنزواء عن مكانه.
أنت الذي أمرضه وأسقمه ، أنت الذي أسهره وأضناه ، أنت الذي جلب له همه ، وحزنه ، وتعبه ، ووصبه، وهو الظالم في صورة مظلوم ، لكن يكفيك ماهو فيه من غصص ، وما يعايشه من آلام ، ومايعالجه من أحزان ، ومايذوقه من ويلات.
أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني
كذاك قد كنت في أهلـــــي وفي وطنـــــــي
محسد الفضل مكذوب على أثري
فــــــــلا أعاتبه صــــــــــــفحا وإهــــــوانا
إن النفيس غريب حيثما كانا
أغتاب سرا ويثــــــني فــــــــيا إعــــــــلانا
وأخيرا:
دع الحاسد فيما هو فيه من بلاء عظيم ، وادع له ، وتغافل عنه ؛ فالتغافل من صفات العقلاء وقديما قالت العرب: الشرف التغافل ، وقال شاعرها :
ليس الغبي بـــــسيد في قومه
لكن ســـيد قومه المــــــتغابي.