باب وصية النبي صلى الله عليه لأبي ذر(1)قال أبو الأسود الدؤلي : حدثني أبو ذر قال : دخلت ذات يوم على رسول الله صلىالله عليه واله في مسجده، فلم أر في المسجد أحداً من الناس إلاّ رسول الله وعلي صلىالله عليه جالس إلى جانبه، فاغتنمت خلوة المسجد فقلت : يا رسول الله - بأبي أنتواُمي - أوصني بوصية ينفعني الله بها، فقال : «نعم، وأكرم بك .يا أباذر، اعبد الله كأنك تراه، فإن كنت لاتراه فإنه عز وجل يراك .واعلم ان اول عبادة الله المعرفة به أنه الأول قبل كل شيء فلا شيء قبله، والفردفلا ثاني معه، والباقي لا إلى غاية، فاطرالسماوات والأرض وما فيهما وما بينهما منشيء، وهواللطيف الخبير، وهوعلى كل شيء قدير.ثم الايمان بي، والاقراربأن الله عز وجل أرسلني إلى كافة الناس بشيراً ونذيراًوداعياُ إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجسوطهرهم تطهيراً .واعلم - يا أباذر - أن الله جعل أهل بيتي كسفينة النجاة في قوم نوح، منركبها نجا ومن رغب عنها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله كان امناً.يا أباذر، إحفظ عني ما اُوصيك به، تكن سعيداً في الدنيا والآخرة .يا أباذر، نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة، والفراغ .يا أباذر، اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك،وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل مماتك .يا أباذر، إياك والتسويف بأملك، فإنك بيومك ولست بما بعده، فإن يك غداًلك تكون في الغد كما كنت في اليوم، وإن لم يك غد لك لم تندم على ما فرطت فياليوم .يا أباذر، كم من مستقبل يوماً لايستكمله، ومنتظرغداً لايبلغه .يا أباذر، لونظرت إلى الأجل ومسيره، لأبغضت الأمل وغروره .يا أباذر، كن في الدنيا كأنك غريب أو كعابر سبيل، وعد نفسك في أهلالقبور.يا أباذر، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدثنفسك بالصباح، وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل مماتك، فإنكلاتدري ما اسمك غداً.يا أباذر، إياك أن تدرك الصرعة عند العثرة، فلا تمكن من الرجعة، ولايحمدك من خلفت بما تركت، ولا يعذرك من تقدم عليه بما فيه إشتغلت .يا أباذر ما رأيت كالنار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها.يا أباذر، كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك .يا أباذر، هل ينتظرأحد إلا غنى مطغياً(2)، أوفقراً منسياً، أو مرضاً مزمناَ، أوهرماً مفنياً، أو موتاً مجهداً، أو الدجال فإنه شر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهىوأمر!يا أباذر، إن شر الناس عندالله - جل ثناؤه - يوم القيامة، عالم لاينتفع بعلمه،ومن طلب علماً ليصرف به وجوه الناس إليه، لم يجد ريح الجنة.يا أباذر، إذا سئلت عن علم لاتعلمه فقل : لا أعلم، تنج من تبعته . ولا تفتالناس بما لاعلم لك به، تنج من عذاب يوم القيامة.يا أباذر، يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون : ما أدخلكمالنار؟ وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم وتعليمكم ! فيقولون : كنا نأمر بالمعروف ولانفعلهيا أباذر، إن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها(3) العباد، وإن نعم الله عز وجلأكثر من أن يحصيها العباد، ولكن امسوا تائبين، وأصبحوا يائسين .يا أباذر، إنكم في ممرالليل والنهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموتيأتي بغتة، فمن يزرع خيراً يوشك أن (4) يحصد رغبة، ومن يزرع سوءاً يوشك أن يحصد(5) ندامة، ولكل زارع مازرع .يا أباذر، لايسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص مالم يقدرله، ومن اُعطيخيراً فالله عز وجل أعطاه، ومن وقي شراً فالله عز وجل وقاه .يا أباذر، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة .يا أباذر، إن المؤمن ليرى(6)ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه، والكافريرى ذنبه كأنه ذباب مرّ على أنفه .يا أباذر، إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيراً جعل الذنوب بين عينيه ممثّلة.يا أباذر، لاتنظرإلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت .يا أباذر، إن نفس المؤمن أشد تقلباً وخيفة من العصفور حين يقذف به[في](7) شرك .يا أباذر، إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه .يا أباذر، إنك إذا طلبت شيئاً من أمر الدنيا وابتغيته وعسرعليك، فإنك علىحال حسنة .يا أباذر، لاتنطق فيما لايعنيك فإنك لست منه في شيء، واخزن لسانك كماتخزن رزقك .يا أباذر، إن الله جل ثناؤه ليدخل قوماً الجنة فيعطيهم حتى تنتهي أمانيهم،وفوقهم قوم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون : ربنا، إخواننا كنامعهم في الدنيا، فبم فضلتهم علينا؟ فيقال : هيهات، فإنهم كانوا يجوعون حين تشبعون،ويظمأون حين تروون، ويقومون حين تنامون، ويشخصون حين تخفضون (8).يا أباذر، إن الله تعالى جعل قرة عيني في الصلاة، وحببها إليّ كما حبب إلىالجائع الطعام، وإلى الظمآن الماء، وإن الجائع إذا أكل الطعام شبع، وإذا شربروي، وأنا لا أشبع من الصلاة .يا أباذر، إنّ الله عزّ وجلّ بعث عيسى بن مريم بالرهبانية وبعثت بالحنيفيةالسمحة، وحبب إليّ النساء والطيب، وجعل في الصلاة قرّة عيني .يا أباذر أيما رجل تطوع في كلّ يوم باثنتي عشر ركعة سوى المكتوبة كان له حقاًواجباً بيتاً في الجنة .يا أباذر وصلاة في مسجدي هذا تعدل مائة ألف صلاة في غيره إلاّ المسجدالحرام، وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة في غيره، وأفضل من هذا كلّهصلاة يصليها الرجل في بيته حيث لايراه إلا الله عزّ وجلّ يطلب بها وجه الله عز وجلّ.يا أباذر ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الله، ومن يكثرمن قرع بابالملك يفتح له .يا أباذر ما من مؤمن يقوم إلى الصلاة إلاّ تناثرعليه البر مابينه وبين العرش،ووكل به ملك ينادي :ياأبن ادم لوتعلم ما لك في صلاتك ومن تناجي ما سئمت ولاالتفت.يا أباذر طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون إلى الجنّة، ألا وهمالسابقون إلى المساجد بالأسحار وغيرها .يا أباذر لاتجعل بيتك قبراً، واجعل فيه صلاتك تضيء لك قبرك .يا أباذر الصلاة(9) عماد الدين واللسان أكبر، والصدقة تمحو الخطيئة واللسان أكبر .يا أباذر الدرجة في الجنة فوق الدرجة كما بين السماء والأرض، وإنّ العبد ليرفعبصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره فيفزع (10) لذلك فيقول : ما هذا؟ فيقال : هذا نورأخيك المؤمن. فيقول : هذا أخي فلان كنّا نعمل جميعاً في الدنيا وقد فضّل عليّهكذا؟ فيقال : إنّه كان أفضل منك عملاَ ثم يجعل في قلبه الرضى حتى يرضى.يا أباذر الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، وما أصبح فيها مؤمن إلاّ وهوحزين، وكيف لايحزن وقد أوعده الله أنّه وارد جهنم ولم يعده أنّه صادرعنها .يا أباذر من اُوتي من العلم مالا يعمل به لحقيق أن يكون اُوتي علماً لاينفعه اللهبه لأنّ الله عز وجلّ نعت العلم فقال : (إنّ الذين أؤتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّونللأذقان سجّداً * ويقولون سبحان ربّنا ان كان وعد ربّنا لمفعولاً * ويخرّون للأذقان يبكون)(11) من استطاع أن يبكي قلبه فليبك، ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزنوليتباكى .يا أباذر ان القلب القاسي بعيد من الله ولكن لايشعرون .يا أباذر ما من خطيب إلاّ عرضت له خطبته يوم القيامة وما أراد بها.يا أباذر فضل صلاة النافلة تفعل في السر على العلانية كفضل الفريضة علىالنافلة .يا أباذر ما يتقرّب العبد إلى الله بشيء أفضل من السجود الخفي .يا أباذر اذكرالله ذكراً خالصاً. قلت : يا رسول الله وما الخالص؟ قال : الذكر الخفي .يا أباذر يقول الله تعالى : لا أجمع على عبدي خوفين ولا اجمع له أمنين فإذا أمنأخفته يوم القيامة وإذا خافني امنته يوم القيامة .يا أباذر لو أنّ رجلاً كان له مثل عمل سبعين نبياً لاحتقره وخشي ان لاينجومن شر يوم القيامة .يا أباذر إنّ الرجل لتعرض عليه ذنوبه يوم القيامة، فيقول أما إنّي قد كنتمشفقاً فيغفرله .يا أباذر إنّ الرجل ليعمل الحسنة فيتّكل عليها، فيعمل المحقرات فيأتي الله وهومن الأشقياء، وإنّ الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها فيأتي الله عز وجلّ آمناً يوم القيامة.يا أباذر إنّ العبد ليذنب فيدخل بذنبه ذلك الجنة، قلت : وكيف ذلك يارسول الله؟ قال : يكون ذلك الذنب نصب عينه تائباً منه فازعاً حتى يدخل الجنة .يا أباذر إنّ الكيّس من النار من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والفاجرمن اتبع نفسه هواها وتمنّى على الله عز وجلّ الأماني .يا أباذر إنّ الله عز وجل أوّل شيء يرفع من هذه الاُمة الأمانة والخشوع حتىلايكاد يرى خاشعاً .يا أباذر والذي نفس محمّد بيده لو أنّ الدنيا كانت تعادل عندالله جناح بعوضةماسقى الفاجر منها شربة من ماء.يا أباذر الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلاّ ما يبتغى به وجه الله .يا أباذر ما من شيء أبغض الى الله من الدنيا خلقها ثم أعرض عنها فلم ينظرإليها ولا ينظرإليها حتى تقوم الساعة.وما من شيء أحبّ إلى الله عز وجل من إيمان به وترك ما أمر به أن يترك .يا أباذر إنّ الله جلّ ثناؤه أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام : لا تحبّ الدنيافإني لا أحبها وحبّ الاخرة فإنها هي دارالمعاد .[يا اباذر] (12) إنّ جبرئيل عليه السلام أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباءفقال : يا محمّد هذه خزائن الدنيا ولا ينقصك من حظّك شيئاً عنده (13)، قال : فقلت :حبيبي جبرئيل لاحاجة لي فيها، إذا جعت سألت ربِّي وإذا شبعت شكرته .يا أباذر إذا أراد الله بعبد خيراً فقهه في الدين، وزهده في الدنيا، وبصّره عيوب نفسه .يا أباذر، ما زهد عبد في الدنيا إلاّ أثبت الله عز وجل الحكمة في قلبه، وأنطقبها لسانه، وبصّره عيوب نفسه والدنيا ودواءها، وأخرجه منها سالماً إلى دارالسلام .يا أباذر، إذا رأيت أخاك قد(14) زهد في الدنيا، فاستمع منه فإنه يلقي إليكالحكمة .فقلت : يا رسول الله، من أزهد الناس ؟قال : من لم ينس المقابر والبلى، وترك مايفنى لما يبقى، ومن لم يعد غداً منأيامه، وعد نفسه في الموتى .يا أباذر، لم يوح إليَّ أن اجمع المال إلى المال، ولكن اوحي اليَّ أن سبح بحمديوكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين .يا أباذر، إني البس الغليظ، وأجلس على الأرض، وأركب الحمار بغيرسرج، وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني .يا أباذر، حب المال والشرف مذهبة لدين الرجل .فقلت : يا رسول الله، الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيراً،يسبقون الناس إلى الجنة؟فقال : لا، ولكن فقراء المؤمنين، فأنهم يأتون فيتخطٌون رقاب الناس، فيقول لهمخزنة الجنة: كما أنتم حتى تحاسبوا. فيقولون : بما نحاسب! فوالله ما ملكنا فنجور ونعدل،ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط، وكنا نعبد ربنا حتى أتانا اليقين .يا أباذر، الدنيا مشغلة القلب والبدن، وإن الله عز وجل يسأل أهل الدنيا عمايعملون في حلالها، وكيف ينعمون في حرامها؟.يا أباذر، إني سألت الله عز وجل أن يجعل رزق من أحبني الكفاف، ويعطيمن يبغضني المال والولد.يا أباذر، طوبى للزاهدين في الدنيا، والراغبين في الاخرة، الذين اتخذوا أرضالله بساطاً، وترابها فراشاً، وماءها طيباً، واتخذوا الكتاب شعاراً، والدعاء لله عز وجلدثاراً .يا أباذر، إن ربي تبارك وتعالى أخبرني فقال : وعزتي وجلالي، ما أدركالعابدون درك البكاء عندي شيئاً وإني لأبنين لهم في الرفيق الأعلى قصراً لايشركهمفيه أحد.قال : فقلت : يا رسول الله، أي المؤمنين أكيس ؟فقال : أكثرهم للموت ذكراً، وأحسنهم له استعداداً.يا أباذر، إذا دخل النور القلب انفتح القلب واتسع واستوسع .قلت : فما علامة ذلك - بأبي أنت واُمي - يا رسول الله ؟قال : الإنابة إلى دارالخلود والتجافي عن دارالغرور، والإستعداد للموت قبلنزوله .يا أباذر، اتق الله، ولا يرى الناس أنك تخشاه فيكرموك وقلبك فاجر.يا اباذر، ليكن لك فى كل شيء نية [صالحة حتى] (15) في النوم والأكل .يا أباذر، ليعظم جلال الله في صدرك، فلا تذكره كما يذكره الجاهل، عندالكلب : اللهم اخزه، وعند الخنزير: [اللهم] (16) اخزه .يا أباذر، إن لله عز وجل ملائكة قياماً- في خيفة - ما يرفعون رؤوسهم حتىينفخ في الصور النفخة الاخرة، فيقولون : سبحانك وبحمدك، ما عبدناك كما ينبغي لكأن تعبد. فلو كان لرجل عمل سبعين صدّيقاً، لاستقل عمله من شدة ما يرى يومئذ، ولوأن دلواً صب من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها، ولو زفرتزفرة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلاّ خر جاثياً لركبتيه يقول : رب نفسي نفسي،حتى ينسى إبراهيم إسحاق عليهما السلام يقول : يا رب أنا خليلك فلا تنسني .يا أباذر، لوأن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماءلأضاءت لها الأرض، ولو أن ثوباً من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق منينظر إليه وما حملته أبصارهم .يا أباذر، اخفض صوتك عند الجنائز، وعند القتال، وعند القرآن .يا أباذر، إذا اتبعت جنازة فليكن عملك فيها التفكر والخشوع، واعلم أنكلاحق بها .يا أباذر، إعلم ان فيكم خلقين : الضحك من غيرعجب، والكسل من غير سهر.يا أباذر، ركعتان مقتصدتان في تفكر، خير من قيام ليلة والقلب ساه .يا أباذر، الحق ثقيل مر، والباطل خفيف حلو، ورب شهوة ساعة تورث حزناًطويلاً .يا أباذر، لايفقه الرجل كل الفقه، حتى يرى الناس في جنب الله أمثالالأباعر، ثم يرجع إلى نفسه فيكون هوأحقر حاقر لها .يا أباذر، لايصيب الرجل حقيقة الايمان، حتى يرى الناس كلهم عقلاء فيدنياهم سفهاء في دينهم .يا أباذر، حاسب نفسك قبل أن تُحاسب، فإنه أهون لحسابك غداً وزن نفسكقبل أن توزن، وتجهز للعرض الاكبر، يوم تعرض لاتخفى على الله منك خافية .يا أباذر، استحي من الله، فإني - والذي نفسي بيده - لأظل حين أذهب إلى الغائط متقنّعاً بثوبي استحياءً من الملائكة الذين معي .يا أباذر، أتحب أن تدخل الجنة؟قلت : نعم، فداك أبي واُمي .قال :اقصرمن الأمل، واجعل الموت نصب عينك، واستحي من الله حق الحياء .قلت : يا رسول الله، كلنا نستحي من الله .قال : ليس كذلك الحياء، ولكن الحياء من الله أن لا تنسى الموت والمقابروالبلى، وتحفظ الجوف وما وعى، والرأس وما حوى، فمن أراد كرامة الآخرة فليدعزينة الدنيا، فإذا كنت كذلك أصبت ولاية الله عز وجل .يا أباذر، يكفي من الدعاء مع البر كما يكفي الطعام من الملح .يا أباذر، مثل الذي يدعو بغيرعمل، كمثل الذي يرمي بغير وتر.يا أباذر، إن الله تعالى يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده، ويحفظه الله فيدويرته والدور التي حوله مادام فيهم .يا أباذر، إن ربكم عز وجل يباهي الملائكة بثلاثة نفر:رجل يصبح في أرض قفر، فيؤذن ثم يقيم ثم يصلي، فيقول ربك عز وجلللملائكة: اُنظروا إلى عبدي يصلي ولا يراه أحد غيري، فينزل سبعون ألف ملكاً يصلونوراءه ويستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم .ورجل قام من الليل يصلي وحده، فسجد ونام وهوساجد، فيقول : اُنظروا إلىعبدي، روحه عندي وجسده ساجد.ورجل في زحف، فيفرأصحابه ويثبت وهويقاتل حتى قتل .يا أباذر، مامن رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض، إلاّ شهدت له يومالقيامة، ومابها من منزل ينزل قوم، إلاّ أصبح ذلك المنزل يصلي عليهم أويلعنهم .يا أباذر، ما من صباح ولا رواح إلاّ وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضاً : ياجارة، هل مربك ذاكر لله عزوجل، أوعبد وضع جبهته عليك ساجداً لله تعالى؟ فمنقائلة : لا، ومن قائلة: نعم . فإذا قالت : نعم، اهتزت وابتهجت، وترى أن لها فضلاًعلى جارتها.يا أباذر، إن الله تعالى لما خلق الأرض وخلق مافيها(17) من الشجر، لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو ادم إلا أصابوا فيها منفعة، فلم يزل الشجر والأرض كذلك حتىتكلم فجرة بني اسرائيل بالكلمة العظيمة - قولهم : اتخذ الله ولداً- سبحانه! فلما قالوااقشعرت الأرض وذهبت بالمنفعة .يا أباذر، ما من شاب يدع لذة الدنيا ولهوها، وأهرم شبابه في طاعة الله، إلاأعطاه الله أجر اثنين وسبعين صدّيقاَ.يا أباذر، الجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة خيرمن جليس السوء،وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشريا أباذر، لاتصاحب إلاّ مؤمناً، ولا يأكل معك إلا تقي، ولا تأكل طعاماًللفاسقين .يا أباذر، أطعم طعامك من تحبه في الله تعالى، وكل طعام من يحبك في الله .يا أباذر، إن الله عند لسان كل قائل، فليتق الله امرؤ، وليعلم ما يقول .يا أباذر، اترك فضول الكلام، وحسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك .يا أباذر، كفى بالمرء كذبا أن يتحدث بكل ما يسمع .با أباذر، ما من شيء أحق بغلول السجن من اللسان .يا أباذر، إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وإكرام حملة القرانوالعاملين به، وإكرام السلطان المقسط .يا أباذر، لا تكن عيّاباً، ولا مدّاحاً [ولا](18)طعّاناً، ولا ممارياَ .يا أباذر، لايزال العبد يزداد من الله بعداً ما نسي خالقه .يا أباذر، من أجاب داعي الله عز وجل، وأحسن عمارة مساجد الله، كانثوابه من الله تعالى الجنة.فقلت : بأبي أنت واُمي يا رسول الله، كيف تعمر مساجد الله ؟فقال : لاترفع فيها الأصوات، ولا يخاض فيها بالباطل، ولا يشترى فيها ولايباع، واترك اللغو مادمت فيها، فإن لم تفعل فلا تلومن - يوم القيامة - إلا نفسك .يا أباذر، إن الله يعطيك مادمت جالساً في المسجد بكل نفس تتنفس فيه درجةفي الجنة، وتصلي عليك الملائكة، ويكتب لك بكل نفس تتنفس فيه عشر حسنات ويمحى عنك عشر سيئات، كل جلوس في المسجد لغوإلاّ ثلاثة، قراءة مصل، أو ذكرالله،أو مسائل عن علم .يا أباذر، كن بالعمل بالتقوى أشد اهتماماً منك بالعمل لغيره، فإنه لايقلعمل بالتقوىَ، وكيف يقل عمل يتقبل! يقول الله عز وجل : (إنما يتقبل الله منالمتقين)(19).يا أباذر، لايكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبةالشريك، فيعلم من أين مطعمه ومشربه ؟ ومن أين ملبسه ؟ أمن حِلّ أو من حرام ؟يا أباذر، من لم يبال من أين اكتسب المال، لم يبال الله من أين أدخله النار.يا أباذر، من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله عز وجل .يا أباذر، أحبكم إلى الله - جل ثناؤه - أكثركم ذكراً له، وأكرمكم عنداللهأتقاكم له، وأنجاكم من عذاب الله أشدكم خوفاً له .يا أباذر، إن المتقين الذين يتقون الله من الشيء الذي لايتقى(20)منه، خوفاً منالدخول في الشبهة .يا أباذر، من أطاع الله -عز وجل - فقد ذكرالله، وإن قلت صلا ته وصيامهوتلاوته للقرآن .يا أباذر، أصل الدين الورع، ورأسه الطاعة .يا أباذر، كن ورعاً تكن أعبد الناس، خير دينكم الورع .يا أباذر، فضل العلم خير من فضل العبادة .واعلم أنكَم لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار،مانفعكم ذلك إلا بورع .يا أباذر، إن أهل الورع والزهد في الدنيا هم أولياء الله حقاً.يا أباذر، من لم يأت يوم القيامة بثلاث فقد خسر.فقلت : وما الثلاث - فداك أبي واُمي - يا رسول الله ؟قال : ورع يحجزه عمّا حرم الله عليه، وحلم يرد به جهل السفيه، وخلق يداريبه الناس .يا أباذر، إن سَرك أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، وإن سَرّك أن تكونأعز الناس فتوكل على الله، وإن سَرّك أن تكون أكرم الناس فاتّقِ الله عز وجل، وإنسَرّك أن تكون أغنى الناس فكن بما في يد الله عز وجلّ أوثق منك بما في يديك .يا أباذر، لوأن الناس كلهم أخذوا بهذه الاية لكفتهم :(ومن يتق الله يجعل لهمخرجاً، ويرزقه من حيث لايحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره)(21).يا أباذر، يقول الله تعالى : لايؤثرعبد هواي على هواه، إلا جعلت غناه في نفسه،وهمومه في آخرته، وضمنت السماوات والأرض رزقه، وكففت عليه صنعته (22)،وكنت له خيراً من تجارة كل تاجر.يا أباذر، لو أن ابن آدم فر من رزقه كما يفر من الموت، لأدركه رزقه كما يدركهالموت .يا أباذر، ألا اُعلمك كلمات ينفعك الله عز وجل بهن ؟قلت : بلى يا رسول الله .فقال : احفظ الله يحفضك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله تعالى فيالرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقدجرى القلم بما هوكائن إلى يوم القيامة . ولو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشيء لميكتبه الله عليك ماقدروا عليه، فإن استطعت أن تعمل لله تعالى بالرضا في اليقينفافعل، فإن لم تستطع فاصطبر فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، وإن النصرمع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسراً.يا أباذر، استغن بغنى الله يغنك الله .قلت : وما هو يارسول الله ؟ قال: غداء يوم وعشاء ليلة، فمن قنع بما رزقه الله- يا أباذر- فهو من أغنى الناس .يا أباذر، إن الله - جل ثناؤه - يقول : إني لست كل كلام الحكيم أتقبل،ولكن همه وهواه، فإن كان همه وهواه فيما اُحب وأرضى، جعلت صمته حمداً لي ووقاراً وإن لم يتكلم .يا أباذر، إن الله تعالى لاينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلىقلوبكم وأعمالكم .يا أباذر، التقوى هاهنا. وأشار بيده إلى صدره .يا أباذر، أربع لايصيبهن إلاّ مؤمن : الصمت وهو أول العبادة، والتواضع للهسبحانه، وذكرالله تعالى على كل حال، وقلة الشيء . يعني قلة المال .يا أباذر، هم بالحسنة وإن لم تعملها لكيلا تكون من الغافلين .يا أباذر، من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه دخل الجنة .قلت : يا رسول الله، وإنّا لنؤاخذ بما ننطق من ألسنتنا؟فقال : يا أباذر، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائدألسنهتم!؟ إنك لا تزال سالماً ماسكتّ، وإذا تكلمت تكتب لك أوعليك .يا أباذر، إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله - جل ذكره - فيكتب لهبها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها، فهوفي جهنم بين السماء والأرض .يا أباذر، ويل للذي يتحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له ويل له ويلله .يا أباذر، من صمت نجا، فعليك بالصدق لايخرج من فيك كذبة أبداً.قلت : يا رسول الله، فما توبة الرجل الذي يكذب تعمداً؟قال : الإستغفار وصلاة الخمس تغسل ذلك.يا أباذر، إياك والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا قلت : يا رسول الله، ولم ذلكبأبي أنت واُمي ؟قال : لأن الرجل يزني ويتوب إلى الله فيتوب الله عز وجل عليه، والغيبة لاتغفرحتى يغفرها صاحبها.يا أباذر، سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه من معاصي الله،وحرمة ماله كحرمة دمه .قلت : يا رسول الله، وما الغيبة؟قال : ذكرك أخاك بما يتأذى به .قلت : يا رسول الله، فمن كان فيه ذاك الذي يذكر به (23).قال : إعلم إنك إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته، وإن ذكرته بما ليس فيه فقدبهته .يا أباذر، من ذبّ عن أخيه المسلم المؤمن الغيبة، كان حقاً على الله - جلثناؤه - أن يعتقه من النار.يا أباذر، من اغتيب عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فنصره، نصره اللهعز وجل في الدنيا والاخرة، وإن خذله وهو يستطيع نصره، خذله الله في الدنياوالآخرة .يا أباذر، لايدخل الجنة فتانقلت : يا رسول الله، وما الفتان ؟ قال : النمام .يا أباذر، صاحب النميمة لايستريح من عذاب الله عز وجل في الاخرة.يا أباذر، من كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا والآخرة، فهوذو لسانين فيالنار.يا أباذر، المجالس بالأمانة، وإفشاؤك سر أخيك خيانة ، فاجتنب ذلك واجتنبمجلس العشيرة.يا أباذر، تعرض أعمال أهل الدنيا على الله عز وجل، من الجمعة إلى الجمعةوفي الأثنين والخميس، فيغفر لكل عبدٍ مؤمن، إلاّ عبداً كان بينه وبين أخيه شحناءفيقول : أُتركوا أعمال هذين حتى يصطلحا.يا أباذر، إياك وهجران أخيك، فإن العمل لايتقبل، فإن كنت لابد فاعلاًفلا تهجره أكثرمن ثلاثة أيام كملاً، فمن مات فيها مهاجراً لأخيه كان أولى به النار.يا أباذر، من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً، فليتبوأ مقعده من النار.يا أباذر، من مات وفي قلبه مثقال ذرة من كبر، لم يجد رائحة الجنة، إلآ أنيتوب قبل ذلك .فقال رجل : يا رسول الله، إني ليعجبني الجمال حتى وددت أن عِلاقة سوطي(24) وقبال نعلي(25) حسن، فهل ترهب ذلك عليَّ ؟قال : كيف تجد قلبك؟ قال : أجده عارفاً للحق، مطمئناً إليه .قال : ليس ذلك بالكبر، ولكن الكبر [أن](26) تترك الحق، وتتجاوزه إلى غيره،وتنظرإلى الناس لاترى أن أحداً عرضه كعرضك ولا دمه كدمك .يا أباذر، أكثر من يدخل النار المتكبرون .قال رجل : وهل ينجومن الكبرأحد، يارسول الله ؟قال : نعم، من لبس الصوف، وركب الحمار، وحلب العنز، وجالسالمساكين .يا أباذر، من حمل سلعته فقد برئ من الكبر. يعني ما يشتري من السوق .يا أباذر، من جرّ ثوبه خيلاء، لم ينظرالله - عز وجل - إليه يوم القيامة .يا أباذر، أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، ولا جناح [عليه](27) فيما بينه وبينكعبيه .يا أباذر، من رفع ذيله، وخصف نعله، وعفر وجهه، فقد برئ من الكبر »يا أباذر، من كان له قميصان فليلبس أحدهما، وليكس أخاه الاخر.يا أباذر، سيكون ناس من اُمتي يولدون في النعيم ويغذون به، همتهم ألوانالطعام والشراب، ويمدحون بالقول، اُولئك شرار اُمتي .يا أباذر، من ترك لبس الجمال وهو يقدر عليه تواضعاً لله، فقد كساه الله حلةالكرامة.يا أباذر، طوبى لمن تواضع لله تعالى في غير منقصة، وأذل نفسه في غيرمسكنة، وأنفق مالاً جمعه في غير معصية، ورحم أهل الذلة والمسكنة، وخالط أهلالفقه والحكمة، طوبى لمن صلحت سريرته، وحسنت علانيته، وعزل عن الناس شره،طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله .يا أباذر، إلبس الخشن من اللباس، والصفيق من الثياب، لكيلا تجد للفخرفيك مسلكاً.يا أباذر، يكون في آخرالزمان ناس يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم،يرون بأن الفضل لهم بذلك على غيرهم، اُولئك تلعنهم ملائكة السماوات والأرض .يا أباذر، ألا اُخبرك بأهل الجنة؟قلت : بلى يا رسول الله .قال : كل أشعث أغبر ذي طمرين لايؤبه له، لو أقسم على الله لأبرّه .**قان أبوذر: ودخلت يوماً على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في المسجد- وحده - جالس، فاغتنمت خلوته .فقال : يا أباذر، إن للمسجد تحية .قلت : وما تحيته يا رسول الله ؟قال : ركعتان تركعهما.ثم التفتُّ إليه فقلت : يا رسول الله، أمرتني بالصلاة،فما الصلاة؟قال : خيرموضوع، فمن شاء أقل، ومن شاء أكثر.قلت : يا رسول الله، أي الأعمال أحب إلى الله جل ثناؤه ؟فقال : الإيمان بالله، ثم الجهاد في سبيله .قلت : يا رسول الله، أي المؤمنين أكمل، إيماناً؟قال : أحسنهم خلقاً.قلت : فأي المؤمنين أفضل ؟قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده .قلت : فأي الهجرة أفضل ؟قال : من هجر الشر.قلت : فأي الليل افضل ؟قال : جوف الليل الغابر.قلت : فأي الصلاة أفضل ؟قال : طول القنوت .قلت: فأي الصدقة أفضل ؟قال : جهد إلى فقير في سر قلت : فما الصوم ؟قال : فرض مجرى، وعندالله أضعاف ذلك .فقلت : فأي الرقاب أفضل ؟قال : أعلاها ثمناً، وأنفسها عند أهلها .قلت : فأي الجهاد أفضل ؟قال : من عقر جواده، واهريق دمه .قلت : أي آية أنزلها الله عليك (28) أعظم ؟قال : آية الكرسي .قال : قلت : يا رسول الله فما كانت صحف ابراهيم عليه السلام ؟قال : كانت أمثالاً كلها، وفيها : أيها الملك المتسلط المبتلى المغرور، إني لم أبعثكلتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها وإنكانت من كافر أو فاجر، ففجوره على نفسه .وكان فيها: على العاقل - ما لم يكن مغلوباَ على عقله - أن يكون له ساعات :ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يفكر فيها في صنع الله تعالى، وساعة يحاسب فيها نفسهفيما قدم وأخر، وساعة يخلو فيها بشهوته من الحلال في المطعم والمشرب .وعلى، العاقل ألاّ يكون ظاعناً إلا في ثلاث : تزود لمعاد، أو مرمة(29) لمعاش، أولذة في غير محرم .وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه، مقبلاً على شأنه، حافظاً للسانه .ومن حسب كلامه من علمه، قلّ كلامه إلا فيما يعنيه .قلت : يا رسول الله، ما كانت صحف موسى؟قال : كانت اعتباراً كلها: عجباً لمن أيقن بالحساب كيف يذنب! وعجباً لمنأيقن بالجزاء كيف لايعمل! وعجباً لمن أبصرالدنيا وتقلبها بأهلها حالاً بعد حال،كيف يطمئن إليها!؟قلت : يا رسول الله، فهل في الدنيا شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى،فيما أنزل الله عليك ؟قال : اقرأ يا أباذر(قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياةالدنيا * والاخرة خيروأبقى * ان هذا) يعني ذكر الأربع ايات (لفي الصحف الاولى * صحف إبراهيم وموسى)(30) .قلت : يا رسول الله، أوصني .قال : اُوصيك بتقوى الله، فإنه رأس أمرك كله .قلت : يا رسول الله، زدني .قال : عليك بتلاوة القران وذكر الله، فإنه ذكر (31) لك في السماء، ونور لك فيالأرض .قلت : يا رسول الله، زدنيقال : عليك بالصمت إلآ من الخير، وإنه مطردة للشيطان عنك، وعون لك علىأمر دينك .قلت : يا رسول الله، زدني .قال:إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه .قلت : يا رسول الله، زدني .قال : اُنظرإلى من هو تحتك، ولا تنظر إلى من هو فوق منك، فإنه أجدر أنلاتزدري نعمة الله عليك .قلت : يا رسول الله، زدني .قال : صل قرابتك وإن قطعوك، وحبَ المساكين وأكثر مجالستهم .قلت : يا رسول الله، زدني .قال : قل الحق وإن كان عليك مراً.قلت : يا رسول الله، زدني .قال : لاتخف لومة لائم .قلت : يا رسول الله، زدني .قال : يا أباذر، ليردّك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا ترد عليهم فيما تأتي.قال : ثم ضرب على صدري، وقال : يا اباذر، لاعقل كالتدبير، ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق ».