يندر ان تجد حكمة في شعر المتنبي غير واقعية. يكفيه ان معظم ابياته الشعرية سارت بين الناس أمثالا يلوذون بها حين يلم بهم ما يصعب عليهم تفسيره. كم كان الرجل دقيقا في قوله:
بذا قضت الأيام ما بين أهلها مصائب قوم عند قوم فوائد
هذا الشاعر العراقي كأنه قرأ طالع العراق. ها هي مصائب العراقيين لا تعد ولكم اترك حساب عدد الفوائد التي درت بها مصائبنا على الآخرين. شيحسبهن؟
مع ذلك لم يخطر ببالي ان مصيبة البكاء والدموع التي ابتلينا بها من زمن جدنا دموزي وجدتنا أنانا الى واقعة كربلاء مرورا بسقوط الموصل والرمادي وتكريت وجرائم سبايكر وسنجار، كان يمكننا استثمارها أيضا. هل خطر ببال احدكم ان البكاء ممكن ان يتحول الى مشروع فندقي مثلا؟ تفضلوا: "فندق ياباني يخصص غرفا للبكاء"! انها غرف مرتبة ومريحة ومزودة بكل مستلزمات البكاء. أفلام وحكايات وكتب و"جفافي" ناعمة خصصت للنساء. سعر الغرفة حوالي 100 دولار لليلة كعرض ترويجي خاص وقد يتضاعف كثيرا بعد انتهاء العرض.
من أولى بهذا الربح؟ العراقيون ام اليابانيون؟ وشلون فاتت هاي "الصفقة" على جماعة المنطقة الخضراء و"مختارها"؟ ربما يعود السبب الى انها المنطقة الوحيدة التي لا يعرف أهلها البكاء ولا الفواتح. أتحدى دول العالم مجتمعة ان جاءت ببلد تتساقط به الدموع أكثر من المطر مثل العراق.
ان بيوتنا كلها اليوم مشاريع لسكن مريح للبكاء بحسب ذهنية اليابانيين. وقطعا ستكون التكلفة عندنا اقل طبقا لقانون العرض والطلب. يمعودات وين رايحات لليابان؟ اقبلن هنا لتذقن طعم بكاء لا مثيل له في الدنيا والآخرة.
يا نساء العالم، ان لدينا كل ما تحتجن اليه من مستلزمات البكاء الحار والطازج ايضا: أفلام وقصص واغان لا تعد. تعالن فلديكن اخوات وامهات هنا سيعلمنكن بكاء مؤلما يجعل حتى الجار يشيل في ليلة سوداء.
لا تفكرن بالفلوس. فقط تعالن. نحن شعب يحب من يشاركه البكاء وسنشكره ونهديه ملابس مبللة بالدمع يأخذها معه ليشمها حين يحتاج خلوة مع نفسه للحزن. ليتكم يا اهل الغيرة تخلصون عراقية منها لانها حرمتها من النوم وظلت تندب:
يـا دمـع بيـش انّـــام بللت الهدوم
حزن اليموت سبوع حزن العدل دوم
ان استجبتم فسوف لا نحصركم بغرف ضيقة او بفنادق محددة كما فعل اليابانيون، انما ستجدون امامكم مدنا وقرى مفتوحة بكاملها ترحب بكم متى شئتم.