الاشياءُ الجميلة تبقى في الذاكرة وبرنامج العلم للجميع ظل كذلك لانه استحوذ على الاعجاب(34)عاماً،لكن هذا البرنامج توقف ولم يترك لنا البديل المناسب، وربما حاول الراحل كامل الدباغ معده ومقدمه اعادته ،لكنه رحل قبل ان تتحقق تلك الرغبة.. ويعلم الجميع ان من فضائل هذا البرنامج المهمة اشاعة الثقافة العلمية وترويج المفاهيم والتقاليد العلمية .
ولد كامل أدهم الدباغ ( 1925-1995) بالموصل شمالي العراق ، وتلقى فيها دروسه الأولية وحصل على ليسانس في العلوم من دار المعلمين العالية عام 1947 وعين في وظائف تدريسية وإدارية وأسهم ، في مؤتمرات علمية وتربوية في القاهرة ويوغسلافيا وإنكلترا وألمانيا وإسبانيا وشارك في تأليف كتب علمية في الفيزياء لمدارس ومعاهد عراقية وكتباً لهواة الكهرباء والراديو بلغت (30) مؤلفا علمياً مبسطاً للأطفال والأحداث ، وترأس مجلة العلم والحياة 1968-1978 وأعد برنامج الجديد في العلم في إذاعة بغداد إضافة إلى إضافة إلى إعداده وتقديمه لبرنامج ( العلم للجميع ) وهو الذي أدخل فكرة التوقيت الصيفي الذي طبق في العراق منذ عام 1981 لغاية 2008 . ولم يكن المرحوم الدباغ مجرد مقدم برنامج تلفزيوني ناجح على أهمية هذا الوصف، بل كان قبل ذلك رجل علم وثقافة واسعة، وإن كان تخصصه الدقيق في علم الفيزياء، إذ كان خريجا لدار المعلمين العالية قسم الرياضيات والفيزياء، وكان في شبابه مولعا بقراءة الكتب العلمية و الأدبية والروايات العالمية ودواوين الشعر، إلا أنه كان موسوعي المعرفة، واسع الإطلاع، غزير الإنتاج ، و على دراية كافية لما يتطلبه تقديم البرنامج عبر شاشة التلفاز فكان ( العلم للجميع ) له الأثر الكبير والبالغ على كل العراقيين. عاد إلى العراق بعد انتهاء مدة دراسته في أوروبا عام 1960 ، ولاحظ خلو منهاج التلفزيون من برامج علمية ، فكتب رسالة إلى إدارة تلفزيون بغداد آنذاك اقترح فيها عليهم استحداث برنامج بهذا المضمون ، يشجع على الابتكار والاختراع ، فحصلت الموافقة بشرط أن يعده ويقدمه هو شخصيا، وحين ذهب إلى إدارة التلفزيون للمداولة بشأنه وجد البرنامج قد أدرج أصلا في منهاج التلفزيون الأسبوعي وكانوا ينتظرون منه أن يختار اسما له فأختار ( العلم للجميع ) وبثت الحلقة الأولى منه بتاريخ 28 / أيلول / 1960 وأستمر دون أي انقطاع لغاية آخر حلقة من البرنامج التي قدمها بتاريخ 11/آذار / 1994 ، أي قرابة أربعة وثلاثين عاما من العطاء المتجدد والمستمر ، قبل أن يعتزل العمل . ومن طريف ما يتعلق بالمرحوم الدباغ، أن شائعة كانت قد سرت في بغداد، في السبعينيات، مفادها أن كامل الدباغ أعلن في برنامجه موعد يوم القيامة !! فساد الهرج والمرج وارتبكت حركة الناس في الشوارع ، ومن حسن الصدف إن تلك الشائعة أطلقت يوم أربعاء ، موعد البرنامج ، إذ سرعان ما طمأن الدباغ المشاهدين من أن ما تناقلته الألسن لا صحة له لأن موعد قيام الساعة من علوم الغيب التي أستأثر بها الخالق سبحانه وتعالى ، فأطمأن الناس حينئذ ، وهذا يدل على مدى التأثير الذي كان يحدثه برنامج العلم للجميع على الرأي العام العراقي !
كان الاستاذ كامل الدباغ خريج دار المعلمين العالية قسم الرياضيات والفيزياءو في شبابه مولعا بالقراءة وقراءة الكتب الادبية ودواوين الشعر .
ابو النون