يوم كنا عظماء
ـــــــــــــــــــــــ
وصل نبأ لصلاح الدين أن القائد الفرنجي أرناط حاكم الكرك في فلسطين قام بقطع الطريق على الحجاج المسلمين، وقتل النساء، والأطفال، والشيوخ، وكان يقول: قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم، وشاء الله تعالى أن يفر رجل بنفسه ويذهب إلى صلاح الدين ويخبره بما حدث، فماذا كان موقفه ؟ اعتزل صلاح الدين في بيته، وأخذ بالبكاء يومين كاملين، وهو يقول: يا رب هل تسمح لي أن أنوب عن رسولك محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدفاع عن أمته ؟ وما زال يكررها حتى اليوم الثاني ثم أعد جيشه، وقال فيهم هذه الخطبة الصغيرة: يا جند محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ إن أرناط حاكم الكرك في فلسطين قد تجبر وعلا وقتل حجاج بيت الله الحرام، وسفك دماء الأطفال والنساء، وهو يقول: قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم، وأنا قد وهبت نفسي وروحي لأنوب عن محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدفاع عن أمته، فمن أراد الذهاب معي فليلحقني، فقال جنده جميعاً بصوت واحد: كلنا فداء لرسول الله، وعندما دارت المعركة، معركة حطين وانتصر فيها صلاح الدين وأُسر أرناط، قال صلاح الدين له: أنت الذي قلت قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم ؟ قال: نعم، فأجاب صلاح الدين: وأنا العبد الفقير الذي تراه أمامك قد ناب عن رسول الله في الدفاع عن أمته، وقص رأسك.