بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
كلما ارتقى الإنسان سلم الحياة ازدادت طلباته ورغباته، فصاحب المليون يلهث وراء المائة، وصاحب المائة يطمع في كسب المليار وهكذا دواليك، وليست هنالك حدود أو نهاية لرغبات الإنسان وأطماعه ونزواته إلا من رحم الله، غير أن الحقيقة الغائبة هي أنه لا يملأ جوف أبن آدم إلا التراب.
فحرص الإنسان على المال والإفراط في حبه حبا جما والاستكثار منه دون أن يكتفي بقدر محدود يسد به حاجته يؤدي بصاحبه بقصد أو عن غير قصد إلى اقتراف شتى ألوان المساوئ والكبائر والآثام في سبيل استكثار الأموال واكتنازها سعيا وراء اللذة والاستمتاع اللذين كانت الأمانة تقتضي الإمساك عنهما في ظل وجود الفقر المدقع بجانب الثراء الفاحش، فالمال خادم جيد ولكنه سيد فاسد حتى النخاع كما عبر عن ذلك الأديب والروائي الفرنسي 'ألكسندر دوما'، وعندما يُصبح المال سيدا، لسانا لمن أراد فصاحة وسلاحا لمن أراد قتالا فوداعا للمثل العليا والأخلاق، وهكذا تمضي الأيام والسنون ويسقط الإنسان يوما ما من شدة الإعياء ويغمض عينيه إلى الأبد دون أن يدري سر وجوده في هذه الحياة.
إن اكتساب المال هو وسيلة من الوسائل في الحياة وليس غاية الحياة، ومن أعظم مآسي الإنسان أن يتخذ الوسيلة كغاية ويمضي مغمض العينين إلى أن يوافيه الأجل المحتوم ويترك كل ما بنا وشيد ونهب من حطام الدنيا وراء ظهره، ولا يرافقه في وحشته ووحدته إلى العالم الآخر سوى العمل الصــالح ابتغاء مرضاة الله لا غير.
والغنى الحقيقي في كل الأحوال ولو تجلى للبعض في غنى الأموال أو الجاه أو السلطان، فإنه لا يوجد إطلاقا في أي من ذلك إلا في غنى النفس إن هي هُذبت وعفت وتحلت بالخلق الحسن، ثم أقبلت غير مدبرة أو نادمة على صالح الأعمال والإنفاق والعطاء دون كلل أو وجم لمساعدة البؤساء والمعوزين والمحرومين، لأن جوهر الحياة في الأصل هو العطاء وليس الأخذ،
من حكم الامام علي عليه السلام " كن في الحياة كعابر سبيل.. واترك وراءك كل أثر جميل.. فما نحن في الدنيا إلا ضيوف.. وما على الضيف إلا الرحيل.. !