بعد توجيه انتقادات لاذعة للبنك المركزي على خلفية ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الدينار، بدأ المركزي يفكر بسحب يده عن بيع العملة الصعبة في مزاده لصالح أحد المصارف الحكومية.
وينوي البنك المركزي نقل مزاد بيع العملة الصعبة الى مصرف تجاري حكومي، كون المزاد لا يقع ضمن اختصاصه، ما أثار حفيظة عدد من البرلمانيين والخبراء الماليين لأن المصارف الحكومية غير مؤهلة تكنولوجيا ولا تستطيع الحفاظ على سعر صرف الدينار أمام الدولار.
وبهذا الخصوص قال عضو اللجنة المالية النائب عن /التحالف الوطني/ عبد الحسين الياسري: إن تسليم المزاد الى مصرف حكومي سيؤدي الى زيادة قيمة الدولار الأميركي أمام الدينار بمستوى لا يمكن السيطرة عليه، ما سيضر بالمواطن من خلال زيادة الأسعار في السوق المحلية.
وأضاف الياسري (للوكالة الاخبارية للانباء): إن البنك المركزي يمر بأزمة نتيجة زيادة الطلب على الدولار، ما جعله يتخذ إجراءات معقدة أجبرت المضاربين على شرائه من مكاتب الصيرفة الموجودة في السوق السوداء.
وهناك خشية من استنزاف العملة الصعبة نتيجة توجه البنك المركزي نحو بيعها، وخاصة وأنها تأتي من النفط وهو مصدر الدخل الوحيد للدولة، بل يجب استثمار تلك الأموال في مشاريع أخرى ترد أموالا كثيرة للشعب.
"قرار تخلي البنك المركزي لأحد المصارف التجارية ربما جاء نتيجة لعجزه عن حفظ قيمة الدينار أمام العملات الصعبة مرة أخرى"، قال الياسري.
ويشهد الدولار الأميركي ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق بقيمته أمام الدينار العراقي، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحد (1300) ديناراً عراقياً، بعدما كان مستقرا لفترة طويلة على (1170) ديناراً، ما ولدّ خوفاً لدى الأوساط الاقتصادية باستمرار الزيادة بسعره وتأثيره المباشر على الاقتصاد العراقي.
وفق ذلك لا يمكن للبنك المركزي ترك المزاد وإنما يشترك مع مؤسسات الدولة الاقتصادية والأمنية من خلال القبض على الحالات غير القانونية التي تؤدي الى زيادة سعر صرف الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي.
وعلى ذلك علق عضو اللجنة الاقتصادية النائب عن /التحالف الوطني/ عبد الحسين عبطان قائلا: إن البنك المركزي واجه "هجوما شرسا" على العملة الصعبة نتيجة للاضطرابات التي تعاني منها دول المجاورة للعراق كسوريا وايران، حيث استنزاف العملة الصعبة من قبل هذه الدول بسبب ضعف الرقابة على المنافذ الحدودية.
إن المصارف الحكومية التجارية غير قادرة على اداء مهام بيع العملة الصعبة، كونها عملية تحتاج الى دقة ودراسة مستفيضة لطبيعة العملة وكميتها في السوق ولايمكن لأي جهة معرفتها دون البنك المركزي، قال
الخبير المصرفي حسام عبيد علي.
وأضاف علي (للوكالة الاخبارية للانباء): أن المصارف الحكومية غير مؤهلة تكنولوجيا وتحتاج الى الكفاءة ومقيدة عملياً من قبل وزارة المالية، وهي مشمولة بالبند السابع المفروض على العراق منذ تسعينات القرن الماضي، وهي لا تقدم خدمة حقيقية للمواطن سوى أنها تدير العمليات المالية المتعلقة برواتب المتقاعدين والموظفين.
"قد تحصل حالة ارباك في السياسة النقدية للبلد"، قال الخبير المالي محسن علي(للوكالة الاخبارية للانباء) محذرا من احتمال تعرض البلد لمشاكل اقتصادية كبيرة في حال تسليم البنك المركزي مزاده الخاص ببيع العملة الصعبة لاحد المصارف التجارية
وأضاف: أن عمل المصارف الحكومية يقتصر على توديع وتبادل الصكوك مع المصارف الأخرى وغير مهيئة لأداء المهمة، لأنها تحتاج الى الخبرة، ما يجعلها فريسة سهلة للشركات الكبيرة و ربما الوهمية وغير المرخصة لشراء العملات وبالتالي سيؤدي الى زيادة قيمة العملة الصعبة بشكل أكثر أمام الدينار.
ومن جانبه قال نائب محافظ البنك مظهر محمد صالح: آن الأوان لخروج مزاد بيع العملة من البنك المركزي، وأن يتولى ذلك مصرف تجاري حكومي، فهو لا يقع ضمن اختصاصات البنك المركزي.
"اصبحنا نمول التجارة الخارجية وهذه ليست من مهامنا"، أضاف صالح، مشيرا الى أن الدولار يخرج تحت مختلف الذرائع الشرعية وغير الشرعية، بما لا يخدم الاقتصاد العراقي.