قول العلماء في العصمة
من أبرز صفات النبي والإمام (عليهم السلام): العصمة.
وهي: ملكة راسخة، وقوة في العقل: تمنعان النبي والإمام عن أن يأتي بما يخالف الله في صغير وكبير، عن عمد أو لاعن عمد..
وهذه لا تبلغ حد الإلجاء والاضطرار، فالنبي والإمام لا يعصيان بالاختيار والمشيئة وإن تمكنا منها، إذ معرفتهم بالله بلغت حداً لا يعقل معه من أن يذهلون عنه طرفة عين فيصدر منهم خلاف فهم (عليهم السلام) في ذلك كالشخص العاقل الذي لايعمي عينيه، ولا يقطع ودجه، أو كالأم الرؤوف التي لا تقتل طفلها وإن تمكنت من ذلك.
وهذا مثال تقريبي، وإلا فالنبي والأئمة (عليهم السلام) فوق ذلك.. وفوق ذلك.
إن العصمة لو انتفت في سفراء الله، قلَّ اعتماد الناس عليهم، ولم يحصل الوثوق بالشرائع، وصاروا محل إنكار العامة ومورد عتابهم، وبذلك يسقط محلهم عن القلوب.
بالإضافة إلى أنه يقبح من الله الحكيم أن يلقي أزمة الخلق في يدي من لا يؤمَن خلافه، فيزيد وينقص ويحكم بالهوى، والحال أنه تعالى قادر على أن يعين المعصوم الذي لا يخطئ ولا ينسى.
يقول القرآن الحكيم في وصف نبيه صلى الله عليه وآله: (وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى) سورة النجم: 3-4.
وقال تعالى: (سنقرئك فلا تنسى ، إلا ما شاء الله) سورة الأعلى: 6-7.
واستثناء المشيئة إعلام بأن الأمر لا يخرج عن إرادة الله، فبإمكانه تعالى أن يجعل النبي كسائر الناس يسهو وينسى.
ويقول القرآن الحكيم في وصف نبيه والأئمة (عليهم السلام): (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) سورة الأحزاب : 33.
والإرادة (ها هنا)، ليست إرادة عادية تشريعية، وإلا فلا اختصاص لها بالنبي والأئمة، فإن الله يريد الطهارة والطاعة من الناس جميعاً بل هي إرادة تكوينية، بمعنى أن الله جعلهم (عليهم السلام) معصومين.
قال الإمام الصادق عليه السلام: (الأنبياء وأوصياؤهم، لا ذنوب لهم، لأنهم معصومون مطهرون) الخصال: ص 608 خصال من شرايع الدين.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (إنما الطاعة لله عز وجل، ولرسوله ولولاة الأمر، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر، لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته) علل الشرائع: ص 123 باب العلة التي من أجلها أمر الله تعالى بطاعة الرسول والائمة عليهم السلام ح1.
وعن ابن عباس: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (أنا وعلي والحسن والحسين، والتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون) عيون اخبار الرضا عليه السلام: ج1 ص 64 باب النصوص على الرضا عليه السلام بالامامة… ح30، وكمال الدين: ص280 باب ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله في النص على القائم عليه السلام ح28.
وقال الحسين الأشقر: قلت لهشام بن الحكم: ما معنى قولكم: إن الإمام لايكون إلا معصوماً؟
فقال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فقال: (المعصوم، هو الممتنع بالله من جميع محارم الله) معاني الأخبار: ص132 ح2 باب معنى عصمة الامام، وقد قال الله تبارك وتعالى: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) سورة آل عمران :101.ش